أسرة متزمتة تحب الفن جداً
من حقك أن تسألني: إزاي أسرة متزمتة تحب الفن ؟؟
أليس في ذلك تناقض ؟!
المفروض أن تكون نظرتهم له حرام وعيب ..
ثم ما حكاية "جداً" تلك !!
ألا يكفي أن تقول: تحب الفن فقط بدلاً من إضافة كلمة جداً وفيها مبالغة !!
ومن فضلك دعني أبدأ معك بكلمة "جداً" تلك لأن فيها مفاجأة ضخمة لا أظن أن حضرتك تعرفها.
والحكاية من أولها أن والدي "إحسان عبدالقدوس" رحمه الله قضى طفولته وبداية شبابه في "العباسية" عند أسرة والده "محمد عبدالقدوس" حتى دخل الجامعة ، وانتقل بعدها للعيش مع ست الكل والدته "روزاليوسف" ، وهي قد تزوجت ثلاث مرات أولهم جدي "محمد عبدالقدوس" ، ثم "زكي طليمات" ، وأخيراً حفيد "قاسم أمين".
وأسرة جدي التي عاش فيها أبي لسنوات وسنوات أوضاعها عجيبة وفريدة من نوعها ..
ورب الأسرة هو الشيخ "أحمد رضوان" خريج الأزهر، وهو بطبعه إنسان متشدد خاصة في تربية أولاده، وكذلك نظرته إلى المرأة، لكنك تجده في نفس الوقت عاشق للفن خاصة الطرب والغناء ، حتى أن هناك أغنية شهيرة في ذلك الوقت أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين الميلادي: "يا بتاع النعناع يا منع .. يا بتاع النعناع يا شيخ أحمد" ..
فقد كان يحب النعناع ، وأراد أحد أصدقاءه من الفنانين مداعبته بهذه الأغنية ..
ومن أصدقاءه في الوسط الفني المطرب "عبده الحامولي" وكذلك صديق مقرب منه جداً أسمه "عبدالقدوس" أشتهر بالعزف على "الناي" ، وبلغ من شدة إعجابه بهذا الفنان أن الشيخ "أحمد رضوان" عندما أنجب جدي أسماه "محمد عبدالقدوس أحمد رضوان" ..
و"رضوان" لقب العائلة وإسم الأسرة الأصلي ، وعندما أطل أبي على الدنيا في عام ١٩١٩ سقط اسم "رضوان" ، ليصبح "إحسان عبدالقدوس" فقط .. أما "رضوان" فأصبح في خبر كان !!
وهكذا فإن كلمة "جداً" التي وضعتها على رأس المقال تجدها في محلها تماماً ..
ولقب أسرتنا ضاع لأن الشيخ "أحمد" عميدها يحب الفن جداً حتى أنه أطلق اسم أحد الفنانين على إبنه "محمد" .
وتاريخ تطور الغناء في مصر يؤكد أن المشايخ كان لهم دور بارز في ذلك ، وتاريخ كوكب الشرق "أم كلثوم" وبداياتها تؤكد ذلك ، وكذلك موسيقار الأجيال "محمد عبدالوهاب" الذي نشأ في أسرة مشايخ وتأثر بهم جداً .. وربنا يرحم الجميع.
وأسألك في النهاية ..
أليست أسرة "عبدالقدوس" فريدة من نوعها وكان عميدها شيخ متزمت ، لكنه يهوى الفن جداً وكمان جداً .. عجائب !!
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق