حسن مدبولي يكتب : الآباء المؤسسون للتنظيمات الشيوعية المصرية؟


يمكن القول أن الحركة الشيوعية المصرية قدمت مناضلين محترمين عديدين مثل الأستاذ أحمد نبيل الهلالى والأستاذ محمد سيد أحمد ونجيب سرور وشهدى عطية وغيرهم من الراحلين أوالأحياء المعاصرين الذين لايزالون يؤدون أدوارا وطنية غاية فى الشجاعة والنبل ، 

لكن بالطبع فان التقييم  السياسى والفكرى لا ينبغى أن يتأثر بالإعجاب ، أو يفقد الحياديةو يجافى الحقائق بسبب الصداقة والمودة، أو نتيجة الكراهية والبغض الشخصى ، ولعل فى قيام بعض القوى اليسارية فى وقتنا الراهن بتوجيه حملات ممنهجة ضد الجماعات السياسية ذات الطابع الإسلامى مايؤكد على تلك الحقيقة،فمن يهاجمون تلك الجماعات بالحق وبالباطل لم يراعوا التوقيت ولا سعي بعض المخلصين لإعادة توحيد الصفوف، بل حاولوا نشر ما يرون انها حقائق بصرف النظر عن أية عوامل أو  ضرورات أخرى ، وكلنا بشر نخطئ ونصيب ، ولا أحد منزه عن التقييم ، ولا جهة معصومة من الزلل، لكن قبل أن ترجم جيرانك أو منافسيك بالأحجار، ينبغى أولا أن تعلم أن منزلك زجاجى هش قابل للكسر والتهشيم  !!؟ 

اليهود الأجانب هم من أسسوا الأحزاب الشيوعية المصرية !

ثمة روايات عديدة لقصة بداية نشاط الأحزاب والتنظيمات الشيوعية المصرية، لكن معظم الروايات  تتفق على أن البداية كانت بأيدٍ يهودية  أجنبية" 

فالتكوينات الحزبية الشيوعية، كانت أجنبية صرفة، وجاءت نتيجة تواجد  الجاليات الأجنبية التى منحها  الاحتلال الإنجليزي امتيازات متعددة  أدت إلى تحسين أوضاعهم وفرصهم في العمل والربح، وكذلك معرفتهم باللغات الأجنبية، وتعليمهم العالي مقارنة بالمصريين.وكذلك الوعى و الحرية النسبية وامتلاك القدرة على الدفاع عن الحقوق العامة، فاندفع هؤلاء بما يملكون من ثقافة ووعي نقابي في تأسيس جمعيات ومنظمات سرية وعلنية لتحقيق بعض الامتيازات النقابية الاضافية ،وهو مامهد لخلق بعض الكوادر التى تطورت فى فترة العشرينيات لتصل الى أبعد من فكرة التنظيمات النقابية، وقد تزامن كل ذلك مع انتصار الثورة البلشفية الشيوعية فى روسيا عام 1917.


وكانت أول خطوة لانشاء تنظيم شيوعى فى مصر فى عام 1921 ، حيث تم انشاء الحزب الإشتراكى المصرى ( الشيوعى المصرى )  عام 1921 كأول حزب شيوعى فى مصر، وذلك على يد النقابى اليهودى جوزيف  روزنتال المتوفى عام  1927 والذى كان نقيبا للعمال في مدينة الإسكندرية، كذلك  قام إيزيدور سلفادور ، المولود عام 1919 في شبرا  لأب حِرَفي يهودي يدعى رافاييل سيمون (كان قد نزح إلى مصر من تركيا)، بتأسيس "الرابطة السلمية"( الشيوعية)  بين عامي 1934 و1939، بالإشتراك مع الشيوعي السويسري بول جاكو ديكومب الذي كان يقيم في مصر، وارتبط اسمه بالرابطة.

أما بعد إعلان الحرب العالمية الثانية، فقد ازداد دور اليهود الأجانب  في بعث الحركة الشيوعية من مرقدها بعد أن كانت مطاردة وشبه سرية، وكان من أبرز هؤلاء الشيوعيين اليهود السيد  هنري كورييل، والسيد هليل شوارتز، والسيد مارسيل إسرائيل.

فأسس مارسيل إسرائيل، ابن التاجر اليهودي صاحب محلج القطن، مؤسسة شيوعية سرية عام 1941، تحت اسم "منظمة تحرير الشعب"، وكذلك قام  هليل شوارتز، اليهودي من أصول رومانية، والذي يعمل والده طبيباً في الجيش، بتأسيس تنظيم "أسكرا"، أي الشرارة، مع عبد المعبود الجبيلي، وشهدي عطية.

لكن أبرز الأجانب فى تلك الحقبة  كان هو القائد الشيوعى اليهودى هنري كورييل الذى لعب دورا كبيرا فى الحركة الشيوعية المصرية،وهو ابن المليونير اليهودي دانييل كورييل.  ولد هنرى عام 1914 بقصر أبيه اليهودى الإيطالى في جزيرة الزمالك في القاهرة، ولكنه وعقب دراسته الجامعية أعلن انضمامه  إلى الحركة  الشيوعية، وتحول من برجوازي يهودي يعيش في الأبراج العاجية، إلى مناضل شيوعي !؟

وقد أسس هنرى كورييل  الحركة المصرية للتحرر الوطني "حمتو"، عام 1943، مع مجموعة  من رفاقه اليهود، وبعض الرفاق من الشيوعيين المصريين غالبيتهم من العمال، والطلبة، بالإضافة إلى أزهري واحد.

وبالإضافة إلى الحركات السابقة، وُجدت مجموعات صغيرة كمجموعة التروتسكيين التي أسسها أنور كامل عام 1940، ومنظمة "القلعة"، نسبة إلى حي القلعة في القاهرة، والتي أسسها مصطفى هيكل وآخرون عام 1943، لكن تلك التنظيمات  لم تلعب دوراً كبيراً، وظلت هامشية الى أن أعلنت اتحادها مع الحركة الوطنية للتحرر الوطنى   "حمتو"  ( هنرى كورييل)  وتنظيم أسكرا "الشرارة"(هليل شوارتز) ليؤسسوا معا  الحركة الديموقراطية للتحرر الوطنى  "حدتو"  عام 1947 والتى كانت تعتبر أكبر تنظيم شيوعى مصرى فى ذلك الوقت ،  

وتدريجيا ومع اعلان قيام (دولة) اسرائيل انحاز  هنري كورييل الى الدولة الصهيونية وأعلن باسم الشيوعيين المصريين موقفا مطابقا لموقف الاتحاد السوفيتى المؤيد لتقسيم فلسطين، 

ففي العام 1947، جاء قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وكان الاتحاد السوفياتي أول دولة تعترف بمشروع التقسيم وما تلاه من اعلان قيام الدولة الإسرائيلية، على الرغم من معارضة الحكومة المصرية والحكومات العربية والإسلاميةلقرار التقسيم، وقد سارعت "حدتو" بقيادة كورييل إلى تأييد القرار الدولى والاعتراف بأسرائيل تماهيا مع الموقف السوفيتى، ما أدى إلى سخط الحكومةالمصرية الملكية ( الفاسدة) وملاحقتها للشيوعيين، واعتقال كوادرهم، وحظر أنشطتهم.

تعليقات