حسن مدبولي يكتب : الأحفاد باعوا القضية،


كان موقف الدروز من الاستعمار الأجنبى في الشام مشرفا بوجه عام، فقد  لعبوا دورًا رئيسيًا في مقاومة الاحتلال الفرنسي، وخاصة في سوريا، وكان أبرز مظهر لهذا الموقف مايعرف بإسم  الثورة السورية الكبرى (1925-1927) التي قادها سلطان باشا الأطرش، وهو زعيم درزي سورى  بارز ،،

وكانت منطقة جبل الدروز (محافظة السويداء حاليًا) مركز انطلاق تلك الثورة المجيدة ضد الفرنسيين.

وقد تزعم سلطان الأطرش المقاومة العسكرية واستطاع الدروز بقيادته تحقيق انتصارات في معارك عديدة مثل معركة الكفر والمزرعة.

وسرعان ما توسعت الثورة وانتقلت من جبل الدروز( السويداء)  لتصل إلى دمشق وحمص وحماة وحلب ومناطق أخرى.

وقد ردت فرنسا بوحشية على تلك  الثورة التحريرية ، فقامت بقصف دمشق والسويداء، وفرضت إجراءات انتقامية ضد الثوار والسكان المدنيين ( نفس ما يحدث فى غزة)

ونتيجة لعمليات الإبادة الوحشية  ضد المدنيين، نجح الفرنسيون في إخماد الثورة بحلول عام 1927،

وبعدها حاولت فرنسا تقسيم سوريا إلى عدة دويلات، منها "دولة جبل الدروز"، لكن معظم الدروز رفضوا هذا المخطط، وأصروا على وحدة سوريا.

وإستمر  موقف الدروز في غالبيته معاديًا للاستعمار الفرنسي، حيث قادوا أحد أهم حركات المقاومة ضده، وساهموا في ترسيخ فكرة الوحدة والاستقلال في سوريا.


اما فى لبنان فقد برز الزعيم  الدرزى كمال جنبلاط رئيس الحزب الإشتراكى التقدمى اللبنانى كقائد قومى مناضل ضد العدو الصهيونى ، ومدافع صلب عن القضية الفلسطينية كما ساند اللاجئين الفلسطينيين فى لبنان ودافع عنهم ضد الإرهاب المارونى والصهيونى، ومن أقواله الخالدة فى هذا الخصوص والتى توضح صدق موقفه:

"يخطئ بعض الحكام في تصورهم، أن إسرائيل - وهي وجه من وجوه الوحش الغربى - يمكن مواجهتها  بغير منطق العنف والنضال، ويخطئ العرب أيضاً إذا انتظروا الفرج والسلام من “الوحش” الآخر الأميركي، المرتكز إلى سياسة غلبة العنف والمال على القيم العادلة، فهو عدو لا يفهم لغة الأخلاق والعمل والإنسانية " 

وقد ترجم كمال جنبلاط رؤيته النظريةتلك إلى فعل عملى على الجبهة اللبنانية،حيث شارك فى تكوين تحالفًا مسلحا مع الفلسطينيين لدعم تحركاتهم السياسية والعسكرية داخل لبنان وخارجه، في إطار نصرته للقضية الفلسطينية، وفى إطار رفضه أيضا  للإعتداءات الصهيونية على الأراضى اللبنانية بحجة مطاردة المقاومة الفلسطينية.

كما خاض جنبلاط فى منتصف السبعينيات،حربًا ضد المسيحيين الموارنة في لبنان تأييدًا للفلسطينيين، متهمًا الموارنة بالعمل لصالح إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية،  

 وعقب الإجتياح السورى للبنان وبالتحديد في يوم 16 مارس من عام 1977 وأثناء خروج جنبلاط من بيته في بيروت، تم استُهدافه بطلق نارى أدى إلى إستشهاده على الفور، مقدما حياته ثمنا لمواقفه الشريفة ،

الا أنه على مايبدو أن أحفاد سلطان باشا الأطرش وكمال جنبلاط قد انقلبوا على تراث رعيلهم الأول، وباعوا دم شهدائهم الأشاوس بثمن بخس، وتحولوا إلى النقيض ، فمنهم من يعمل مع العدو ويقاتل فى صفوف قواته، ومنهم من هرولوا لتسول الحماية من القتلة المجرمين المطلوبين للجنائية الدولية،بحجة مواجهة التطرف الإسلامى فى سوريا وفلسطين، مدشنين لمرحلة مشينة فى تاريخ الدروز والأقليات العربية !؟


تعليقات