تقرير : ارتفاع ديون المتحدة لمدينة الإنتاج الإعلامي بنسبة 550%


أظهرت القوائم المالية لمدينة الإنتاج الإعلامي، ارتفاع ديون القنوات التلفزيونية التابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية- المملوكة لأحد الأجهزة الأمنية المصرية- بنسبة تزيد عن 550 % خلال خمس سنوات.

 ديون قنوات #المتحدة لمدينة الإنتاج الإعلامي هي المبالغ المستحقة نظير تأجير الاستديوهات ومقرات القنوات وفواتير الخدمات والمرافق. وارتفعت مجمل تلك الديون من 34 مليون جنيه في العام 2020 إلى 222 مليون جنيه في 2024، وفقا للقوائم المالية الصادرة عن الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي.

 وتعود أسهم ملكية الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي، بنسبة 79.8 % إلى شركات حكومية عامة، أي ملكية عامة، و20.2 % من الأسهم مطروحة للاكتتاب العام في #البورصة، وأكبر المساهمين اتحاد الإذاعة والتليفزيون بنسبة 43 %، وبنك الاستثمار القومي الحكومي بنسبة 17.8 %، وبقية الملكية موزعة على شركات وبنوك حكومية بنسب أقل من 5 %.

 مسار التأسيس والديون

في العام 2016، وبعد عامين من تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية، أسست شركة إيجل كابيتال للاستثمارات المالية، ش. م. م، الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وتتبع "إيجل" أحد صناديق الاستثمار المملوكة لجهاز أمني مصري، بحسب تحقيق سابق لموقع مدى مصر.

وفي وقت قياسي استحوذت الشركة على مجموعة واسعة من القنوات التليفزيونية الخاصة، والتي كانت مملوكة لعدد من رجال الأعمال المصريين، بعد دمج شركتي إعلام المصريين وD- media والمستقبل وشركات أخرى.

أصبحت الشركة المتحدة تمتلك مجموعة ضخمة من القنوات، التي تعمل من داخل مدينة الإنتاج، وهي "قنوات DMC ، مجموعة قنوات CBC، مجموعة قنوات ON TV، مجموعة قنوات الحياة".

في مايو 2021، أعلنت الشركة عن تغييرات واسعة في قياداتها، وتولي رئيس #البنك_المركزي حاليا، حسن عبد الله، رئاسة مجلس إدارتها الجديد، وأعلن في مؤتمر صحفي، إن الشركة حققت من الموسم الرمضاني وحده، أرباح تقدر بنحو 260 مليون جنيه.

بالفعل، يظهر مؤشر ديون الشركة لدى مدينة الإنتاج الإعلامي، تراجعا في العام 2021، بنسبة 16.5% مقارنة بالعام السابق عليه 2020، وكان أقل الأعوام تحقيقا للديون في الأعوام الخمس الماضية.

في أغسطس 2022، رحل حسن عبد الله، عن الشركة المتحدة، ليتولى منصب القائم بأعمال رئيس البنك المركزي. وفي سبتمبر من العام نفسه، عُين خلفا له أشرف سالمان، الذي شغل منصب وزير الاستثمار بين عامي 2014 و2016، وكان عضوا في مجلس إدارة الشركة منذ منتصف 2021.

مع تولي سلمان الإدارة، بدأ مؤشر الديون والمبالغ المستحقة لمدينة الإنتاج الإعلامي في الارتفاع، إذ زادت الديون من 48.3 مليون جنيه عام 2022 إلى 222 مليون جنيه في عام 2024، أي بنحو أربعة أضعاف.

كان عام 2023 -أول أعوام الشركة تحت إدارة سلمان- أكثر الأعوام الخمس الماضية زيادة في الديون، بعدما زادت من 48.3 مليون جنيه في 2022 إلى 138 مليون جنيه في 2023، بنسبة أكثر من 180 %.

في ديسمبر 2024، أُجريت تغييرات واسعة، إذ رحل أشرف سلمان عن رئاسة مجلس الإدارة، وتولى المنتج الشهير طارق نور، إدارة الشركة، برفقة عدد من معاونيه، وذلك بالتزامن مع تغييرات في قيادات أحد الأجهزة الأمنية المصرية.

 إيجار الاستديوهات وتكاليف التشغيل

 قال عضو مجلس إدارة في الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي، تتحفظ #صحيح_مصر على ذكر اسمه، إن مديونيات القنوات المدرجة في القوائم المالية للشركة سواء التابعة للمتحدة أو غيرها، تنقسم لعدة بنود، أهمها وأكبرها إيجارات المقار واستوديوهات القنوات.

إذ تمتلك المدينة- بحسب المصدر- جميع الاستوديوهات ومقار القنوات الموجودة داخل المدينة الكائنة في طريق الواحات بمنطقة حدائق أكتوبر، وجميع القنوات متعاقدة مع إدارة المدينة بعقود مؤقتة تجدد كل عام.

وتأسست مدينة الإنتاج الإعلامي خلال عهد الرئيس مبارك، عام 1997، على مساحة 3 ملايين متر مربع، في مدينة السادس من أكتوبر، منطقة حرة للإنتاج الفني والإعلامي. وتمتلك المدينة 6 مجمعات للاستوديوهات الفضائية تتراوح مساحتها بين 55 م2 إلى 1200 م2، تحتوي على 85 ستوديو مجهز بالمعدات والكاميرات وشبكات الإضاءة وعزل الصوت.

وأشار المصدر- الذي عني لسنوات بمتابعة الإدارة المالية لمدينة الإنتاج- إلى أن مجلس إدارة المدينة، يقيم الإيجارات سنويا، خلال تجديد التعاقدات مع القنوات المختلفة، لتقدير الزيادة السنوية في الإيجارات حسب نسب التضخم وزيادة الأسعار وغيرها، وتراوحت نسب الزيادة في الإيجارات خلال الخمس سنوات الماضية ما بين 10 إلى 20 %، لذلك يستبعد المصدر أن يكون السبب الرئيس في تصاعد الديون هو زيادة الإيجارات بقدر تراكم ديون سابقة، وليس الإيجارات وحدها، ولكن أيضا تدفع القنوات للمدينة، فواتير سنوية نظير استخدام المرافق والخدمات المختلفة المتوفرة لتشغيل الاستديوهات ومقرات القنوات، مثل الكهرباء والمياه والغاز طبيعي، بجانب إيجار بعض المعدات في الاستديوهات المؤجرة بكامل تجهيزاتها الفنية.

 خسائر الشركة وتغيير الإدارة

في أعقاب رحيل إدارة أشرف سلمان، في ديسمبر الماضي، قال ثلاثة مصادر تحدث إليهم صحيح مصر، إن التغيير الأخير كان قائما على حسابات المكسب والخسارة، وإن دخول طارق نور ورجال أعمال آخرين في إدارة الشركة الهدف منه، مشاركة القطاع الخاص للدولة في تحمل تكلفة الإنتاج الإعلامي، وخاصة بعد أن تكبدت الشركة المتحدة خسائر مالية كبيرة

وأشار مصدر إلى أن القطاع الإخباري الجديدة في الشركة المتحدة- والذي تأسس عام 2022 خلال تولي سلمان للإدارة- يضم عددا ضخما من الموظفين، وتتحمل الشركة بسببه تكلفة إنتاج كبيرة، لا تكافئ مردوده وتأثيره، لذلك أوقفت الإدارة الجديدة برئاسة طارق نور أي تعيينات أو زيادة في المرتبات بعد توليها المسؤولية، وهو القرار المستمر حتى الآن، بحسب مصادر من العاملين داخل القطاع لصحيح مصر.

أظهرت قائمة مسربة لمرتبات الإدارة العليا في القطاع الإخباري، إن المرتبات الشهرية لعشرة موظفين، بلغت نحو 700 ألف جنيه، وتراوحت ما بين 55 ألفا و86 ألف جنيه، في حين لا تزيد مرتبات المحررين العاملين في برامج القناة المختلفة عن 15 ألف جنيه، مما يشير إلى فجوة ضخمة بين أجور المحررين والإدارة.

قال مصدرنا داخل إدارة الشركة المصرية للإنتاج الإعلامي، إن سبب ارتفاع مديونيات القنوات المملوكة للشركة المتحدة يعود -بالأساس- إلى تراكم المديونيات سنة تلو الأخرى، مشيرا إلى أن الشركة تسدد جزءا وتؤجل آخر، واستطرد موضحا: "يعني في اتفاقات بين إدارة المدينة والشركة المتحدة إنهم ميدفعوش الإيجارات مرة واحدة، وخاصة بعد التعثر -أكثر من مرة- في السداد".

لكن هذا النظام ليس متبعا مع كافة القنوات التي تعمل داخل المدينة، ويبرر ذلك المصدر: "حسب الاتفاق وحسب العقد وحسب أشياء أخرى. بعض العقود بنبقى كاتبين فيها، إذا تعثرت إدارة القناة عن الدفع لمدة 6 أشهر متتالية أو متفرقة، يفسخ العقد تلقائيا، ويعود مقر القناة أو الاستديو المؤجر إلى الشركة مرة أخرى لإعادة تسويقه"، ولكن يبدو أن هذا لا يحدث مع قنوات المتحدة.

أظهر تحليل صحيح مصر، لقائمة الديون المسجلة في العام 2024، أن شركة المستقبل للقنوات الفضائية المالكة لمجموعة قنوات CBC هي أكثر الشركات مديونية بمبلغ 65 مليون جنيه، ويأتي بعدها شركة هوا ليمتد المالكة لقنوات ONTV ، بمبلغ 54 مليون جنيه، وبعدهما شركة دي ميديا، المالكة لقنوات DMC بمبلغ 51 مليون جنيه. والثلاث شركات تنضوي تحت الشركة المتحدة القابضة.

  مراجعة القوائم المالية لمدينة الإنتاج

كما أظهر أيضًا تحليل بيانات القوائم المالية، للشركة المصرية للإنتاج الإعلامي، مجمل الديون المسجلة على الشركات التابعة للشركة المتحدة في العام 2024 بنحو 222 مليون جنيه، ومدرجة بشكل متفرق وسط ديون أخرى للقنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية وشركات الإنتاج السينمائي في بند "عملاء وأوراق قبض".

مصطلح "أوراق القبض" هو يعني وثائق مالية تمثل وتثبت التزامات مستحقة لدى عملاء الشركة مقابل السلع أو الخدمات التي قدمتها، وتعتبر أوراق القبض أصولا للشركة لأنها تمثل مبالغ مالية متوقعة الحصول في المستقبل وفقا مواعيد واتفاقات مسجلة.

خلال السنوات الخمس الماضية، زادت ديون شركة المستقبل التابعة لها قنوات CBC بأكثر من 600 %، من 8.8 ملايين جنيه في العام 2020 إلى نحو 65 مليون جنيه في العام 2024، فيما زادت ديون شركة دي ميديا المالكة لمجموعة قنوات DMC ، بنسبة 300 %، من 12.9 مليون جنيه في العام 2020 إلى 51.6 مليون جنيه في العام 2024.

أما ديون قنوات ONTV التابعة لشركة هوا ليمتد، وهي أكثرها زيادة في المديونية، بنسبة 887%، زادت من 5.5 ملايين جنيه إلى 54.3 خلال خمس سنوات، تلتها قنوات الحياة التابعة لشركة إيجيبت ميديا للإنتاج من 4.6 ملايين جنيه إلى 37.8 مليون جنيه.

أما شركة DMC للإنتاج السينمائي فزادت ديونها بنسبة تزيد عن 500 % خلال السنوات الخمس الماضية بين 2020 إلى 2024، من 2.2 مليون جنيه إلى 13.4 مليونا.

المصدر : صحيح مصر

تعليقات