المنصة هل تعيد الجمهور؟
يذكرني السيد أحمد المسلماني بالمقولة التي اطلقت ذات يوم على الملاكم العالمي محمد علي كلاي الذي وصفه النقاد الرياضيون أنه "يدور كالنحلة ويلسع كالدبور" وهي الصفة التي التصقت به كونه لا يهدأ على حلبة الملاكمه ويحوم حول خصمه ليقتنص فرصة لضربته القاضية، الفارق بين كلاي والمسلماني أن الأخير يدور كالنحلة ولا يلسع ولا يسدد قاضية بل تخفق ضرباته فلا يمتلك في النهاية أهل ماسبيرو وجمهوره إلا مانشيت صحفي يملأ الفضاء ثم يأتي مانشيت أخر يغطي على ما سبقه.
مانشيتات صحفية
رئيس الهيئة الوطنية للإعلام يملاء فضاءات الكون بقرارات وإسناد مهام تنهمر على رؤوس الجمهور ولكنها لا تسمن ولا تغني من جوع لمن ينتظر إزاحة الغبار عن ماسبيرو وإعادته لمكانة، ويعلن المسلماني عن منصة تليفزيونية لماسبيرو، ثم أكاديمية إعلامية لماسبيرو ويسند إدارتها لدرية شرف الدين المذيعة ووزيرة الإعلام الأسبق وحلال فترة وجودها كوزيرة لم ينل أهل ماسبيرو منها شيء سوى ألغاء بعض المستحقات، وتجديد دوارت المياه في ماسبيرو أو بمعني أدق طلاءها لتغطية الشروخ، ولم تكن تعلم أن الشروخ أصابت المبنى نفسه وعمق الجدار.
ثم جاء قرار تشكيل الهيئة الاستشارية للهيئة برئاسة السيد أشرف العربي، وهو وزير التخطيط في حكومة المهندس إبراهيم محلب وكانا الثنائي محلب والعربي أصحاب المشروعات البديلة للهيئات الإعلامية الثلاثة المجلس الأعلي للإعلام، وهيئة الصحافة، وهيئة الإعلام والتي نتج عنها إبعاد القوانين التي أقراها الإعلاميون والصحفيون بقوانين العربي محلب، وكانت معركة كبيرة معهما قادها أهل المهنة سواء الصحافة أو أهل ماسبيرو تلك القوانين والخطة التي كان أهم أهدافها القضاء على إعلام الدولة مقروء ومرئي ومسموع.
منصة ماسبيرو
يستمر رئيس الهيئة في مد الصحف والمواقع الإخبارية بالمانشيتات الجيدة فيوقع بروتوكولا للتعاون مع أحد المؤسسات العربية، واجتماعات للتعاون المشترك، ثم الإعلام عن منصة ماسبيرو، وقال الكاتب الصحفي أحمد المسلماني أن ماسبيرو يمتلك الكثير من المواد الإذاعية والتليفزيونية التي تنال إعجاب ورضا الجمهور في مصر والوطن العربي
هو محق فيما يقول فثروة ماسبيرو من الإنتاج البرامجي والدرامي ضخمة وكبيرة لدرجة لا يتخيلها المسلماني نفسه، ورغم كل المواد التي خرجت من ماسبيرو وذهبت إلى محطات إذاعية وتليفزيونية في كثير من الدول، ولكثير من شركات الإنتاج إلا أن ما ظهر كان الذي على السطح أما عمق الجبل ففي دهاليز ماسبيرو لأ أعلم أن كان هناك داخل المبنى من يعرف أماكنها أم خرج هؤلاء للمعاش أو بالوفاة.
يجد رئيس الهيئة ومن يستشيرهم أن بعض المقاطع من برامج او مواد درامية قديمة تلقى أعجابا كبيرا من الجمهور وتحقق مشاهدات عالية على منصات التواصل، وأيضا يرى فيما تقدمه محطات ماسبيرو على منصة يوتيوب أقبالا كبيرا، ويطمع في تحقيق عوائد مادية نتيجة هذه العروض على المنصات الإعلامية، ويفضل أن يحتكر تلك العوائد في المنصة الجديدة وهو أيضا محق، فماسبيرو يعاني من جفاف التمويل للإنتاج وعلى مدار سنوات تقلصت موارده إلا فيما يتعلق بإجور العاملين فيه، وانعدم تمويل الإنتاج البرامجي والدرامي.
لا نعيش في الماضي
بمناسبة شهر رمضان وهو أحد المواسم الإنتاجية برامجيا ودراميا لا نجد إنتاجا دراميا للهيئة وهي التي تنتج معظم إنتاج الوطن العربي حتى عام 2000، أما الإنتاج البرامجي فقد كنت في حوار من فترة مع زميل تليفزيوني وقال أنه مشغول في كتابة عدة برامج للقناة التي يعمل بها، وفوجئت أنه يعمل في ثلاث برامج دفعة واحدة، وعندما سألته عن الأنتاج والأجر قال أنه يقوم بها مجانا، ولأنه يخجل أن يرفض طلبا لمديره فأنه يؤدي العمل.
أما المخرج فيستخدم الكاميرا الخاصة به في التصوير، والحاسبوب في المونتاج، وأما المقدمة والفواصل والختام فيقوم بها زميل ثالث على جهازه الشخصي، والجميع لا يحصلون على عوائد مادية لذا فأن أغلب أهل الهيئة لا يفضلون العمل، صديق أخر يقوم بعملية الإنتاج على حسابه الشخصي بل الأمر يصل لاستخراج تصاريح التصوير في الشوارع والأماكن الأثرية على حسابهم الشخصي، فهل تكفى المنصة لإعادة مجد ماسبيرو أو جمهوره؟
الواقع أن ما يعتمد عليه رئيس الهيئة الوطنية للإعلام في عودة جمهور ماسبيرو لا يكفي لما يريد، فالحنين للماضي (الزمن الجميل) المتمثل في الأبيض والأسود، أو الأعمال التي أنتحت من عشرات السنوات لا يمكن أن تكون سبيلا لربط المشاهد بالشاشة، بل هي نوع من أنوع الحنين (نوستالجيا) إلى الماضي وتبدو كفاكهة على مائدة طعام.
لا يمكن للإنسان أن يعيش بها، فلا بد من مائدة حتى يقترب الإنسان من الفاكهة، نعم نشتاق إلى بعض الأعمال الدرامية، والأغاني القديمة، والبرامج التي نرى فيها ثقافة فائقة وحرية للإعلامي، ونود أن نعيد أيامها، ولكن الأيام لا تعود ويأخذنا الحاضر بما فيه ليشكل أغلب اليوم والحياة، وأما مواد أحمد المسلماني التي يعتمد عليها فلا تكفي أن تأخذ نصف ساعة أو ساعة يوميا من أيامنا، فكيف يمكن لمنصة ماسبيرو أن تعيد الجمهور؟
تعتمد أغلب المنصات العالمية على الإنتاج الدرامي الحديث المتطور فكرا وأمكانيات، فالأفكار الجديدة تأخذ حيزا من العرض على الشاشة، الأعمال التي تستخدم أحدث التكنولوجيا وأهم الإعلاميين، المؤلفين، الممثلين، المخرجين، أحدث الكاميرات، أجهزة المونتاج، والجرافيك، حتى صناعة السينما اصبحت تعتمد على الكثير من الأجهزة الحديثة ومنذ سنوات، منذ أشهر أطلقت شبكة الجزيرة المنصة الحاصة بها (الجزيرة 360) وتعتمد المنصة على تراث كبير للقناة التي أحدثت دويا هائلا منذ إنشائها في 1995.
لم تكتفي الجزيرة بما تمتلكه من مواد أخبارية، وحوارات مهمة مع شخصيات عربية وعالمية، وأحداث كبرى كانت هي القناة الوحيد التي تبث للعالم ما يحدث في اللحظة على الهواء مباشرة، فالمنصة من قبل أنطلاقها وهى تنتج أعمالا جديدة وتستعين بمؤسسات لإنتاج الجديد الذي يتواكب مع العصر، وإذا نظرت لخريطتها في رمضان ستجد كل الأعمال حديثة مستخدمة أحدث تكنولوجيا في العملية الإنتاجية، لذا يجب أن ينظر رئيس الهيئة الوطنية للإعلام حوله أما ما يجب عليه أن يقوم به فلا بد أن ننتظر المقال القادم.
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق