علي أبو هميلة يكتب : ماسبيرو المشكلة والحل؟ 2


سؤال الجواب   

وهل يمكن أن نستعيد ماسبيرو ؟  ونعيد بريقه ونعيد جمهوره في ظل كل ما يحيط بِنَا من منافسة ؟ 

إذن فلنبدا من البدايات ونسأل هل وجود ماسبيرو وحيدا مدللا في المنطقة العربية هو سبب كونه ولد عملاقا؟ !  

هل استعيد معكم أسماء من بدأ في ماسبيرو هل نحكي عن رواد الإذاعةً والتليفزيون بأخلاقهم وقيمهم وتقاليدهم العريقة الذين جاءوا ماسبيرو ليبداوا إرساله، أم نتحدث عن كبار  الكتاب والمفكرين الذين قدموا أحاديث مباشرة والتقى بهم كبار المذيعين في تليفزيون الجمهورية العربية المتحدة مثل على شط النيل أوأتنين علي الهواء، أمسية ثقافية، كاميرا 9.

هل احدثكم عن محمود مرسي مذيعا وبهاء طاهر مذيعا وطاهر ابو زيد وعلي خليل وسلوي حجازي وأماني ناشد وعصمت حمدي وطارق حبيب، لن احدثكم فقط أقول لكم انظرو الي ماسبيرو زمان شاهدوا هذه القناة  ستجدون الإجابة عن السوال المهم  لماذا ولد ماسبيرو عملاقا، 

هل أحدثكم عن القناة الثالثة وتجربتي فيها، ودفعات الإعلاميين الذين بدأوا. معها، وقبلها ننتقل أسبوعين في أستوديو الشباب والرياضة نهار طويل أستمع فقط للمذيعين وأتعلم وأنتقد ما أشاء وكنت طالبا في السنة الدراسية الثانية بكلية الإعلام، ونروي حكاية الإذاعي الكبير جلال معوض وهو يأخذني الي منزله ليصحح لي النطق ومخارج الألفاظ وأنا لم أكن أنوي أن التحق بالإذاعة مذيعا، وأحدثكم عن هؤلاء الذين كانوا إذا مروا في طرقات ماسبيرو نقف انتباه ونختفي من الطرقات أحتراما لهم. 

 أحدثكم عن الإذاعي مدحت ذكي المخرج والمدير؟ الذي كان يجلس في اجتماعات القناة الثالثة أسبوعيا مرتين يحلل كل كلمة ولقطة أخذتها الكاميرا في البرنامج، يعطي دروسا في الاستراتيجية الإعلامية، وهو الذي أدخلني ماسبيرو بمكالمة تليفونية مني لمجرد كوني طالبا في العام الثالث من كلية الإعلام، وتذكروا معي أن الحياة كانت تتوقف في القاهرة الكبري علي أنغام موسيقي برنامج ريبورتاج المذاع بالقناة الثالثة، وتذكروا زلزال ٩٢  وتغطية القناة الثالثة واحداث الأمن المركزي 1986، هل أحدثكم عن كل هذا لنعرف ما هي مشكلة ماسبيرو وما الطريق للحل؟ 

قطاعات متعددة وعاملين بالآلاف 

تتعامل الإدارت في ماسبيرو منذ بداية الألفية الجديدة ومع وصولنا لثورة يناير مع قطاعات الهيئة الوطنية للإعلام كما تتعامل الدولة مع عدد السكان في مصر فتتصور أنه الثروة البشرية عبء عليها، وأن كثرة الهيئات والشركات والمصانع هي كارثة بعدم استطاعتها إدارتها، وهكذا يرى أي قيادة في ماسبيرو كثرة القطاعات والمحطات التليفزيونية والشركات كارثة الهيئة وليس ثروتها وسبب مشكلتها وليس حلها، وقد تتطابق هذه النظرية مع الكثير والمثقفين والنخبة، ولا أنسى صديق قيادي في جماعة الإخوان المسلمين منذ عدة سنوات طلب مني أعداد ورقة عن حل مشكلات ماسبيرو وأثناء النقاش كان همه الأول عدد القطاعات والمحطات وأعداد العاملين، والواقع أني صدمت في نظريته.

أجد تلك النظرية لدى أصدقاء عديدين من اللبيراليين، وفي قيادات كثيرة من النظام المصري ما قبل يناير وما بعدها، يريدون التخلص من الثروة لوجستية وبشرية، الواقع أن الهيئة الوطنية للإعلام وصل عدد العاملين فيها مؤخرا إلى أقل من 15 ألفا في كل قطاعاتها وشركاتها.
 وتحولت قطاعات مهمة إلى مجرد هياكل وظيفية وإنتاجية تنتظر أطلاق الرصاص عليها كخيل الحكومة، وتحولت شركات كبيرة كصوت القاهرة بشركاتها الثلاثة إلى ما يشبه الخرابة، لوجود تلك النظرة إلى أمكانيات الهيئة البشرية واللوجستية، أما الشركات التي لا يتصور أي شخص له علاقة بالإعلام أو التسويق خسارتها كالإنتاج الإعلامي، والنايل سات فالواقع أنها تخسر للفساد الإداري فيها، وهاتان المؤسستان تحديدا هم أسباب ديون ماسبيرو التي يتهمون أهل ماسبيرو بها منذ عشرين عاما ولا ذنب لكل أبناء ماسبيرو فيها فقد أقترضها صفوت الشريف لبناء مدينة الإنتاج الإعلامي وشركة النايل سات وهي إحدى خطايا الشريف بجوار الخطيئة التالية. 

 الترهل الوظيفي خطيئة الشريف الكبرى 

في ماسبيرو ومع بدايات التسعينات بدأ يدخل إلى ماسبيرو اولاد عمومة  وأهالي دوائر أعضاء مجلس الشعب وكان صفوت الشريف يمنح كل عضو مجلس بعض التأشيرات لأقاربهم وأهالي الدايرة، اصبحت الوظيفةً في ماسبيرو بديلا للتوظيف في الوحدةً المحلية والوحدة الصحية ومجلس المدينة ومركز الشباب ووزارة الزراعة، وكان ٩٩٪‏  من هؤلاء أولاد الحزب الوطني والعائلات المؤثرة في الانتخابات ومن بين هؤلاء بدأ ظهور ما يسمي  بموظف الاعلام المخبر وبمساعدةً بعض أبناء الحزب القاهريين واللي بيحافظوا  علي  الدولة من الحاقدين والعملاء و غيرهم.

مع قدوم أبناء القرى من ناخبي أعضاء مجلس الشعب اصبح التخصص الإعلامي ليس مهما فجاء خريجي كليات الزراعة والتربية الرياضية والتجارة ليصبحوا مقدمي برامج ومعدين ومخرجين،  وتضاءلت مهام لجان الاختبار للقبول بالوظائف المهنية أمام الوساطة كطريق للتعيين بالتليفزيون والإذاعة وقد توسعت تلك الوسيلة مع تعدد القنوات الإقليمية والمتخصصة.

 قد كان قطاع الإنتاج لتميزة بعيدا نسبيا عن تلك المأساة وحاولت الإذاعة المصرية خلال تلك السنوات الحفاظ على تقاليدها في الاختبار والتعيين، ولكنها لم تسلم من الوسيلة الثانية التي تسببت في ترهل الجهاز الوظيفي في ماسبيرو وهي أبناء العاملين، وإذا كان القانون يمنح أحد أبناء العاملين الحق في التعيين فقد صار كل أبناء العاملين موظفين في ماسبيرو وليس مهم المؤهل أو التخصص، إذكر أن أحد المديرين أخبرني أن موظف بقطاع الأمن عين أربعة من أبناءه في وظائف متنوعة في ماسبيرو، هذا فضلا عن أبناء القيادات والمذيعات القدامي. 

هذا التوسع في التعيين سواء عن طريق مجلس الشعب أو الشورى، وأبناء العاملين، وخاصة في المواسم الانتخابية أوصل عدد العاملين في ماسبيرو في يناير 2011 إلى 43 الفا من العاملين، يبدو الرقم ضخما، ولكن لو وضعنا أرقاما لعدد المحطات التليفزيونية، والقطاعات وشركات الهيئة نكتشف أن العدد ليس كبيرا.

اتحاد الإذاعة والتليفزيون (الهيئة) تمتلك مثلا 156 مركزا للإرسال على مستوى الجمهورية، 7 قطاعات،  4 شركات إنتاجية وهندسية، 18 محطة تليفزيونية، 56 محطة إذاعية، ويعتبر قطاع الإنتاج من أقل القطاعات عددا لاعتمادة على فرق عمل من خارج المبنى (ممثلين، مؤلفين) ويقتصر عمله على الفنيين من مخرجين، مصورين، مهندسي صوت، مهندسي ديكور، ومونتاج وإضاءة ولأبناء ماسبيرو مواهب فريدة في تلك المجالات.

 أما القطاع الذي كان يتوحش ويترهل بشكل كبير فهو قطاع الأمن، الذي تحول دوره عبر السنوات وخاصة بعد عام 2000 من قطاع لتسهيل العمل لقطاع أمن سياسي يتدخل في كل ماسبيرو إعلاميا وتوظيفيا، وسياسيا، ويحدد الموظف، المدير، الرئيس، الضيوف، وتلك كانت المأساة التي حلت بماسبيرو وكانت ثاني الاسباب في ابتعاد ماسبيرو عن رسالته ومكانته.

المصدر : الجزيرة مباشر نت  

تعليقات