علي أبو هميلة يكتب : غزة منزوعة المقاومة


تبدو السموات العربية ملبدة بغيوم كثيفة من التصريحات الإعلامية والسياسية من كل الأطراف العربية والدولية حول المستقبل السياسي للمنطقة في ظل ما طرحه الرئيس الأمريكي بتهجير أهل غزة إلى مصر والأردن ثم إلى دول عربية أخرى، وأعقبه رئيس وزراء الكيان الصهيوني بدعوة المملكة العربية السعودية لاستقبال أهلنا في غزة تحت ذريعة أن المملكة لديها أرض واسعة.

بعدها بدأ أفراد العصابة الصهيونية الحاكمة في الكيان حساب مساحات الأرض العربية في مقابل ما يحتله الكيان من أرض فلسطين، وكانت دعوة ترامب للملك حسين ملك الأردن وما أعقبها من نقاش حول ما تم في أروقة البيت الأبيض الداخلية وما حدث في المؤتمر الصحفي للملك وترامب أثارا جدلا عربيا وشعبيا كبير، كل هذا في ظل سيل من التصريحات في كل مكان على الخريطة العالمية عامة والعربية، والأمريكية خاصة. 

تصاعدت أحلام اليمين الصهيوني الحاكم وأطماعه في غزة بدون سكان وبدون مقاومة وقلق تاريخي من نهاية الكيان عندما يقترب من عامه الثمانين كما كل الدول اليهودية من قبل، وخرج الصهاينة المتطرفين يؤيدون المباردة الترامبية بتهجير أهل غزة، وتصاعد في المواجهة الرفض الشعبي العربي، وكذلك التصريحات الرسمية التي صدرت عن وزير الخارجية الأردني الذي أكد رفض الأردن لفكرة ترامب رغم لغط المؤتمر الصحفي، وتعاقبت البيانات المصرية رفضا للمشروع ترامب ولفت النظر في أحد البيانات وجود القدس الشريف كعاصمة لفلسطين دون الإشارة إلى القدس الشرقية المحتلة في حرب حزيران 1967 وهو مالاقي ترحيبا شعبيا عاليا في مصر .

غزة منزوعة المقاومة  

كانت تلك الأجواء تملاء السماوات العربية ودقت طبول تخليها البعض (الكثير) أنها طبول مقاومة عربية لمشروع ترامب ودعم للمقاومة الفلسطينية، هكذا بدا سطح السياسة العربية، ولكن وأه من لكن تلك وكما يقال لدي الصهاينة أن الحكام العرب يقولون في الغرف المغلقة غير ما يعلنون لشعوبهم.
 جاء أول تصريح عربي ليكشف بعض ما يحدث عبر السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية (أقصد جثة ما تسمى بالجامعة العربية) أبو الغيط الذي ظل ومعه جامعته عاجزة صامتة متخاذلة 15 شهرا وغزة تدمر وأطفالها ونساءها يستشهدون ويقتلون ولا يجدون لقمة عيش ولا شربة مياه يخرج علينا الآن ليعلن عن أسرار الغرف المغلقة وما يدور في الخفاء ليقول لنا "لا مستقبل لحماس في مستقبل غزة" لترتفع الموسيقى التصويرية للفيلم السينمائي المعروض بطول وعرض الكرة الأرضية (تااا تاااا تاااا) فين سبحتك يا معلم بيومي! 

فتح أبو الغيط شهية الجميع لانتقاد طوفان الأقصى ورغم أصوات كثيرة في العالم العربي والعالم تؤكد أن طوفان الأقصى أنقذ القضية الفلسطينية من مشهد النهاية وإسدال الستارة عليها، ورغم أن شخصا في وزن وعقلية عمرو موسى وزير الخارجية المصري الأسبق والأمين العام لجثة الجامعة العربية السابق أعلن في حديثين متلفزين أن تدمير غزة كان سيتم سواء حدث الطوفان أو لم يحدث فهذا كان المخطط الصهيوني، وأن الطوفان أوقف عملية أنهاء القضية الفلسطينية.
 إلا أن أصوات كثيرة ظهرت لتقول "لماذا لا وقد أطاح فعل الطوفان بما يسمى بمحور المقاومة العربية" أنظرو قد دمر حزب الله واغتيل قادته وإسرائيل تحتل جنوب لبنان، وصمتت إيران، وتبدو سوريا خارج المشهد، ولم يعد هناك هنية والسنوار وغيرهم مئات من قادة المقاومة الفلسطينية هذا هو نتيجة الفعل الطوفاني، الآن نحن لا نريد حماس وللأسف الشديد أن بعضهم يربطون حماس بجماعة الإخوان المسلمين ثم يربطونها بما يسمونها الجماعات الإسلامية المتطرفة. 

تتصاعد التقارير الإخبارية عن غزة وفلسطين بلا حماس أو أن شئت دقة أكثر عالم عربي مستسلم وأمة عربية بلا مقاومة، وأمة إسلامية في المنطقة خاضعة خانعة لترامب والكيان الصهيوني الذي يرونه قائدا للشرق الأوسط الجديد، فهم يملكون القوة ومن يستطيع أن يقف في مواجهة الولايات المتحدة الصهيونية في عالم توحشت فيها قوة القطب الواحد وأبتعدت روسيا كثيرا سواء في سوريا أو لبنان وإيران، وما يحدث في أوكرانيا بالإضافة إلى علاقة بوتين بترامب المتينة، وتسربت معلومات عن الخطة المصرية المقدمة لترامب بديلا عن مشروعه للتجهير.

تضمنت التسريبات أنهاء المقاومة الفلسطينية وإدارة غزة تحت إدارة ليست فيها حماس وتكون أما الإدارة للسطة الفلسطينية في الضفة الغربية (سلطة محمود عباس!) وربما إدارة مصرية مشتركة، ولوضع بعض الملح في عين الناقدين إدارة من فصائل فلسطينية.

هكذ يتكشف غبار فيضان المعارك الإعلامية الدائرة في السماوات العربية وكعادة الأمة منذ خمسين عاما أو أكثر أنها معارك الهواء والأصوات الزاعقة فقط، إذن ستنجلى الأوضاع والغبار الطائر في السموات ليحقق رغبة ترامب التي أعلن في تصريحه المعلن بتجهير أهل غزة سقفه ليكون الوصول لخروج المقاومة وقادة حماس هو الهدف الفعلى، إذن ليقبل العرب والفلسطنيون خروج المقاومة وقادة حماس بديلا لتهجير اهل غزة، وتذرف كل تماسيح الأمة دموعها على الشعب الفلسطيني في غزة الذين سيعاد لهم أرضهم ومنازلهم وفقط لتتنازل حماس والمقاومة عن سلاحها وليخرجوا لأي مكان في العالم. 

المتلاعبون بالعقول ونخبة النكبة

وبهذا تتحقق نظريات المتلاعبون بالعقول واللعب في الدماغ إحدى نظريات الحرب الجديدة وليكشف الجميع عن أوراقهم ويحملوا المقاومة وحماس تلك النتائج، نظرية المتلاعبون بالعقول هي النظرية التي اصبحت أهم سلاح صهيوني مسيحي للنصر على القوى العربية والإسلامية، حالة التشويش العربية والإسلامية التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر باستخدام الشائعات والأخبار المزيفة لزعزعة الأمم الكبرى وتفريقها، أما الآن وفي ظل الغبار الكثيف لوسائل الإعلام فقد اصبح الأغلبية من شعوب الأمة العربية والإسلامية أدوات في يد المتلاعبون بالعقول بما ننشره من كم الأخبار المزيفة. 

هذه النظرية التي تكون أول مهامها هدم النفسية المقاومة وقبلها هدم معنويات ونفسية الشعوب تم أستخدامها بمهارة في الحرب على العراق، وقبلها الحرب في أفغانستان التي صورت على كونها معركة إسلامية شيوعية وكان الهدف الأمريكي منها تقليص القوة الروسية، وهي السبب الرئيس في تدمير شعوب بعض الدولة وسقوطها.

 الآن يتدوال المفكرون والمثقفون العرب نظرية "نعم ولماذا لا تتخلى المقاومة الفلسطينية عن سلاحها ومقاومتها للكيان والولايات المتحدة"ويعود تعبير أنور السادات بأن 99%  من أوراق اللعبة في يد أمريكا للصعود في أجواء النخب العربية.

يقول أحدهم "أقل الخسائر الآن أن تخرج حماس وقادتها من غزة وتسلم سلاحها للسلطة الفلسطينية بقيادة أبو مازن! وتساعد الأنظمة العربية السلطة في إدارة غزة!  وبلاها مقاومة" قالها وهو يفتخر برؤيته العظيمة التي تنقذ شعب فلسطين من المخطط الأمريكي الصهيوني، والواقع أني لا استطيع السيطرة على علامات  التعجب، ولا طاقة لدى لأعيد على مثل هؤلاء قراءة التاريخ ولا أملك أن أمنحهم القليل من القيم والمواقف الشجاعة.
 لا أتصور هؤلاء غافلين عما قدمه الشعب الفلسطيني طوال سنوات نكبته الثمانين، ولا يمكن أن تقول لهم أنظروا فقط إلى مشاهد أهل فلسطين في عودتهم وما يقومون به من إعادة تعمير منازلهم بقوة وعزيمة فهم "لا يبصرون" وعندما واجهني أحدهم قائلا : وما الحل؟ أجبته "المقاومة هي الحل" هذا الشعار الذي صكه الراحل الجيولوجي الدكتور يحيى القزاز شعارا لكتاباته ومقالاته، وعند المساء قابلني أردني فلسطين حاسما المواقف قائلا "لن يتخلى الفلسطيني عن أرضه، ولن يتخلى عن المقاومة" ولتسقط خطط ترامب في قطاع غزة، والضفة الغربية. 

تعليقات