نصر القفاص يكتب : حكاية "أحفاد محجوب عبد الدايم"


هوامش على دفتر السفلة والسفهاء!! 22

أطل علينا "إعلامى سعودى" عبر منصة "إماراتية" متحدثا عن صعوبة ممارسة مهنته.. قال للذين يتابعونه أنه يعانى إذا تحدث عن أسعار البيض, وشئون "أكل العيش" للمواطن باعتبارها مساحات كلها ألغام!! كانت الرسالة تحمل معانى تقييد حريته.. ثم راح يطالب بضرورة الوقوف مع مصر فى هذه الأوقات الصعبة.. مهارته أنه يطعن نظام الحكم باليمين, ويدافع عنه بيساره!!

واكب ذلك إطلالة المفكر "أبو حمالات" الذى قال بوضوح أن مصر ليس فيها مؤسسات.. وأنها مرهونة بكلمة وقرار الرئيس وحده لا شريك له.. ثم تحدث بعدها رافضا الموقف الرائع – حتى الآن – من جانب الرئيس بعدم السفر إلى "واشنطن" للقاء "ترامب" دون أن ينسى التزامه بمنهج الاستعمار الثابت.. لا تكف عن أن تلعن "زمن عبد الناصر" وتسخر من كل معانى "العزة والكرامة" التى تمثلها المقاومة.. فهؤلاء يرون أن المقاومة خيانة!!

عبر منصة "إماراتية" أخرى.. ظهر "المحللاتى" الذى اخترع كلمة "إعلامى" عندما راح يمارس الصحافة مع الإعلان والعلاقات العامة.. إضافة إلى أشياء أخرى تحدث عنها "بسام الخازن" الكاتب الصحفى اللبنانى منذ سنوات فى مذكرات تم دفنها مقابل آلاف الدولارات!! يحدثنا "المحللاتى" القاطن – حاليا – فى الإمارات, عن "ترامب" وأسلوبه فى عقد الصفقات.. وسبق له أن تحدث ساخرا من المقاومة وهو – أيضا – يعتبرها خيانة!!

يلاعبنا "عيال أمريكا" بمحاولات صرف النظر عن المهم والأخطر!!

إعتقادى أن متابعة "السفلة والسفهاء" تتضاعف أهميتها عندما يتم تحريكهم للعب أدوار فى الأوقات الصعبة.. ولا تهمنى متابعة "السذج والبلهاء" الذين يفاخرون بأنهم من "عشيرة المخبرين" فى الوسط الإعلامى.. ربما لأن الصورة أصبحت واضحة, دون حاجة لكشفها.. فقد تكاثر أبناء وأحفاد "محجوب عبد الدايم" وتم تمكينهم لترويج وتمجيد "الانحطاط" ولا مانع من إعلاء شأن "الخيانة" للضمير والوطن والأخلاق والدين!!

الحقيقة.. والأهم.. أننا أمام ولادة للمستقبل!!

نحن نعيش لحظات "لعب الكبار" وتقسيم النفوذ فى العالم.. ويخطئ من يعتقد أن هذا لا يهمنا ولا يعنينا.. والذين يرون ذلك عليهم متابعة "الإعلامى السعودى" والمفكر "أبو حمالات" مع "المحللاتى" الذى يحدثنا من الإمارات.. ويمكنهم الانشغال بما يقوله وجهاء "عشيرة المخبرين" من أبناء وأحفاد "محجوب عبد الدايم" الذين يلمعون بفضل مهاراتهم فى "التلميع" لأى حذا عابر!!

الحقيقة.. أن "ترامب" اختار أقصر الطرق لعالم جديد متعدد الأقطاب!!

الحقيقة.. أن "طوفان الأقصى" كان الحدث الأهم والأخطر للعب على المكشوف!!

الحقيقة.. أن فيلم "كورونا" بكل تفاصيله المرعبة, كان إعلان بداية صراع.. إما أن ينتهى ببقاء "أمريكا والذين معها" كأسياد للعالم.. أو أن تتمكن "الصين" و"روسيا" من فرض إرادتهما وصولا إلى عالم ثلاثى الأقطاب!!

الحقيقة.. أن "أمريكا والذين معها" إعتمدوا منهج "فرض السلام بالقوة" وشرعوا فى تطبيقه بنعومة مع "الصين" عبر أزمة "تايوان" فى البداية.. ثم راحوا يحاولون تطبيقه بخشونة مع "روسيا" عندما حاولوا إنشاء "إسرائيل" ثانية فى "أوكرانيا" بعملية خاطفة!!

الحقيقة.. أن العالم كله فوجئ باستعداد "روسيا" للمعركة الفاصلة.. إختار "بوتين" الذهاب للميدان مهاجما, ورفض اعتماد الدفاع لأن عواقبه ستكون وخيمة على الدنيا.. هنا حشدت "أمريكا" بقيادة بايدن "الديمقراطى" العالم لتطبيق "السلام بالقوة" وفرض كلمتها!!

الحقيقة أن الذين خططوا ونفذوا "طوفان الأقصى" أخذوا بالمنطق الروسى, وذهبوا للميدان قبل أن تباغتهم إسرائيل مع صناعها بفرض كلمتها على العرب جميعا.. هنا اختلطت الأوراق, وارتبك الجالسون على مقاعد الاحتياط فى أوروبا.. إنشغل العالم العربى بالتشجيع فى المدرجات.. بعضهم يناصرون ما نسميه "الاستقرار" كمعنى بديل عن "الاستسلام" القبيح.. والبعض – أقلية – يشجع "المقاومة" بالفعل.. أو صمتا وقهرا – الأغلبية – لصعوبة المجاهرة بالانحياز لقتال الأعداء الذى جعله حكامنا جريمة!!

الحقيقة.. أن "أمريكا" عندما تولى أمرها ترامب "الجمهورى" قررت أن تأخذ طريقا عكسيا لتطبيق "السلام بالقوة" وقررت اختصار الوقت.. فالذين يشاغلوننا بأن "ترامب" رجل صفقات, يعلمون أن "بايدن" أيضا كان رجل صفقات.. لأن "الأمريكى" يدرك أن قيام الولايات المتحدة الأمريكية نفسها كان عبر صفقات.. فلا تصدقوا أن "ترامب" وحده "رجل صفقات" لأن التاريخ يؤكد أن كل الذين حكموا "أمريكا" يؤمنون بمنطق "الصفقة" وسبق أن فعلها "أيزنهاور" مع "خروشوف" ضد كل من "بريطانيا" و"فرنسا" بل وحتى "إسرائيل" وقت "حرب السويس" التى اندلعت عقب إعلان قرار تأميم قناة السويس, الذى كان نقطة فاصلة بين ما قبله وما بعده!! والفرق الوحيد أن "أمريكا" فى منتصف القرن الماضى, كانت تختلف عن "أمريكا" فى بداية القرن الذى نعيشه.. فهى فيما قبل كانت قادمة.. وهى عند هذه اللحظة تدافع عما تبقى لها ومنها!!

هنا.. نجد أن "السذج والبلهاء" سيصيبهم الضجر.. سيرفعون صوتهم الحيانى ليقولوا, وما شأننا بما يحدث فى هذه الدنيا؟.. وهؤلاء أفضل لهم متابعة "الإعلامى السعودى" وأقرانه, يحدثهم عن أسعار البيض – كما قال – لكننى سأشير عليهم بمراجعة ما قيل لهم, أن "كورونا" كانت سبب تعثرنا الاقتصادى.. ثم قيل لهم أن الحرب الأوكرانية فرضت علينا دفع ثمن, لا علاقة لنا به.. ولما جاء "طوفان الأقصى" إتهموه بأنه تسبب فى خسارة مصر لمليارات الدولارات بما تعرضت له قناة السويس.. وسيقولون فيما بعد أن تصدينا لتهجير الشعب الفلسطينى, فرض علينا أثمان فادحة!!

الحقيقة.. أنه.. لا "كورونا" ولا "الحرب الأوكرانية" ولا "طوفان الأقصى" أو حتى "تصدينا للتهجير" له علاقة بأزماتنا الاقتصادية.. كما أنه لا علاقة لهذه الأزمات بما حدث فى "نكسة" أو "هزيمة" يونيو 1967.. بدليل أن "إسرائيل لم تنهار بعد أن وقعت على رأسها كارثة – انتصاراتنا – فى حرب اكتوبر 1973.. كما أن الإسلام واصل انتصاراته بعد هزيمة المسلمين فى "غزوة أحد" وكذلك لم تنته "المانيا" بعد الحرب العالمية الثانية.. كما أن "اليابان" لا تتحدث عن إذلالها عقب هذه الحرب.. ولا نسمع صوتا فى "فرنسا" يتحدث عن سقوطها بين أنياب "النازية" فضلا عن عشرات النماذج التى يعرفها كل من يفكر بعقله, ولديه قليل من العلم والمعرفة!!

الحقيقة.. أن "أوروبا" كلها تلطم الخدود وتشق الجيوب, بمجرد الإعلان عن مكالمة بين "ترامب" و"بوتين" إستمرت لساعة ونصف كما تم الإعلان عنه.. وضمن ما تم إعلانه أن "ترامب" أعلن قبوله هزيمة "أوكرانيا" ضمنا.. وتوافق مع "بوتين" فى حق "روسيا" فى الدفاع عن نفسها, وقدرتها على "فرض السلام بالقوة" بما يؤشر إلى قبوله حق "الصين" فى الدفاع عن نفسها, وفرضها السلام بالقوة فى محيطها!!

الحقيقة.. أن "ترامب" إختار إطلاق قنابل دخان كثيف حولنا فى العالم العربى, بحثا عن تثبيت "إسرائيل" وضمان بقائها.. واختار القفز على مناورات وأطماع "تركيا" فى "سوريا" أملا فى خداع "إيران" التى ستفرض كلمتها بالقوة.. وراهن "ترامب" على "غيبوبة" عربية ذهبت إليها أنظمة رهنت نفسها لأوهام السلام والاستقرار والتعايش مع "الضبع الإسرائيلى" المفترس!!

الحقيقة.. أن "المقاومة" كسبت جولات.. وخسرت جولات.. لكنها كانت تدرك معنى القتال, وقوانين الحرب.. وأن قادتها أظهروا براعة, وقدرات شديدة الإبداع فى فهم الحاضر والمستقبل!!

الحقيقة.. أن الذين دفعوا أثمانا فادحة, دفاعا عن شرف الأمة.. فرضوا على الذين اعتقدوا فى هزيمة المقاومة أن يلحقوا بقطارها.. بل يفاخرون بركوبهم هذا القطار.. وصلوا متأخرين صحيح.. لكن هذا أفضل من ألا يصلوا أبدا.. وهنا يجب أن نسجل لكل من مصر والسعودية وقطر والأردن – حتى الآن – أنهم نفذوا قانون "الاستجابة والتحدى" الذى جعل "إسرائيل" ترتبك خشية أن تتعرض لما يمكن أن تقدم عليه "أمريكا" بعد أن باعت "الذين معها" كعادتها!!

الحقيقة.. أن السلام الذى دفعنا ثمنه فادحا, هو سبب انهيار صناعتنا.. سبب تدهور زراعتنا.. سبب غياب الوعى, حتى أصبحنا لا تشغلنا غير أسعار البيض كما حدثنا "الإعلامى السعودى" عبر منصة "إماراتية" تريد أن تأخذنا إلى تجويد الاستسلام.. لدرجة أن سفير الإمارات فى "واشنطن" يدعونا لقبول "وقاحة ترامب" والرضوخ للشيطان الإسرائيلى!!

الحقيقة.. أن نصف قرن فى ظل "الجمهورية الثانية" التى أرسى دعائمها "أنور السادات" إنتهت بنا إلى ضرورة أن نستيقظ.. ضرورة التسليم بأن "السلام تفرضه القوة" وليس مجرد الحديث عنها والتلويح بها.. ضرورة أن نتوقف عن أن نلعن "زمن العزة والكرامة" الذى عشناه مع "الجمهورية الأولى" فى "زمن عبد الناصر" وأن نبدأ فى وضع أساس "الجمهورية الثالثة" التى تقوم على دستور حقيقى.. وبرلمان حقيقى.. وسيادة قانون حقيقية.. وحرية وديمقراطية نستحقهما.. وأن نتخلص من أولاد وأحفاد "محجوب عبد الدايم" بإعلان التبرؤ من سفالتهم وانحطاطهم.. ولوحدث ذلك ستشغلنا مصر التى تبحث عن نفسها!!

تعليقات