إيال زيسر - اسرائيل اليوم
من المهم التذكير بأنه على الرغم من الوعود بـ"النصر المطلق"، فإن "حماس" صمدت في هذه الحرب، وكذلك حزب الله، على الرغم من تعرّضهما لضربات قوية، وهما يعملان على ترميم قوتيهما والعودة إلى أن يشكلا تهديداً لإسرائيل. المقصود هو فشل المستويَين السياسي والعسكري في إسرائيل، بعد فشلهما في 7 أكتوبر في إدارة المعركة، وتضييعهما فرصة إلحاق الهزيمة بالعدو خلال شهور القتال الطويلة… ترامب هو الذي كان وراء التوصل إلى الصفقة، بعد أن توعد كل الأطراف المعنية بالأمر، وكان جدياً، بفتح أبواب جهنم إذا لم تتحقق هذه الصفقة. وترامب لا ينام على أمجاده، وهو يتطلع إلى التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية، كخطوة أولى على الطريق نحو شرق أوسط جديد.
لكن الطريق من انتهاء الحرب في غزة إلى السلام في الشرق الأوسط مليئة بالعقبات والمحطات التي يفضل ترامب تجاهُلها؛ على سبيل المثال، ماذا سيجري في لبنان وغزة في اليوم التالي للحرب؟ وماذا عن مصير المشروع النووي الإيراني. لا يكون التغلب على مثل هذه العقبات في منطقتنا بالإغراءات والوعود بالازدهار الاقتصادي، بل بواسطة التهديدات باستخدام القوة. سيدرك ترامب ذلك بعد فشل محاولاته بشأن الدفع قدماً في العقد الماضي بـ"صفقة القرن" من أجل حلّ النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. ترامب يهدد، وفي منطقتنا يعرفون جيداً القراءة ما بين السطور، ورسالته ورسالة نائبه ووزير دفاعه بيت هيغست واضحة: كل هؤلاء يحضنون إسرائيل بحرارة، لكن في الوقت عينه، يرسلون رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة لن تتورط في حروب في الشرق الأوسط. وهذا يعني أن إدارة ترامب لا ترغب في العمل العسكري، وهي غير مهتمة به، لا في سورية، ولا في اليمن، ولا في إيران أيضاً… وما فهمه حزب الله في لبنان ستفهمه "حماس" في غزة الآن، وسيفهمه الإيرانيون لاحقاً. ترامب يهدد، لكنه لا ينوي التحرك، بل إن توجُّهه هو نحو اتفاقات وترتيبات، وعلى رأسها الاتفاق مع إيران بشأن كل ما له علاقة بمشروعها النووي. لذلك، فإن الخلاصة المطلوبة هي خفض الرأس وانتظار مرور الغضب… "حماس" لن تخرق وقف إطلاق النار في غزة مستقبلاً، بل ستعمل فقط على ترميم قوتها العسكرية والعودة إلى السيطرة على السكان. وفي لبنان، يعمل حزب الله على الاحتفاظ بسلاحه، والدليل على ذلك أن الجيش اللبناني لم يعترض أيّ صاروخ، حتى الآن، لا في جنوب الليطاني، ولا في شماله.
الصفقة في غزة هي ورقة مهمة في "بيت الورق الأميركي" الذي يريد بناء شرق أوسط جديد، لكن ثمة شك في أن بيت الورق هذا سيصمد في وجه أول هبّة ريح، وخصوصاً أنه من الواضح لكل الذين في واشنطن عدم وجود رغبة في استخدام القوة من أجل الدفع بخططهم في المنطقة في المستقبل.
من الأجدى لإسرائيل أن تستعد للوضع الجديد، وبصورة خاصة أن تتعلم من فشلها الذريع في إخضاع "حماس" وحزب الله طوال الـ 15 شهراً الأخيرة، وأن تستوعب قواعد اللعبة التي يفرضها الأميركيون، وأن تجد طريقة تجمع ما بين الخطوات العسكرية والسياسية التي تسمح لها بمنع عودة التهديد من غزة، ومن الحدود اللبنانية.
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق