JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Accueil

نصر القفاص يكتب : حكاية "رجل اسمه عباس"!


هوامش على دفتر السفلة والسفهاء!  15

حاولت أن أفهم سر استدعاء ذاكرتى لإعلانات زمان.. بينها ما كان يتناول شركة "مصر للتأمين", وكانت "عاملة بوليصة لعم أمين" الله يرحمه.. وآخر كان يقدم لنا "الملامين" الذى انقرض رغم اختياله علينا وقتها.. وأكثر هذه الإعلانات إلحاحا على ذاكرتى هو الذى يزف إلينا "ألوان اللخبطة.. بتشخبط شخبطة".. كانت الخطوة الأولى لرجل أعمال حقيقى.. نتذكره بالتقدير والرحمة, بعد أن تركنا وترك قلاعا صناعية تنوعت منتجاتها.. وكلها ارتبطت باسم "الحاج محمود العربى" الذى أخذ طريقا عكسيا, عند اجتياح "إنفتاح السداح مداح" للوطن.. وأذكر تفاصيل إعلان تظهر خلاله عدة فتيات يتراقصن تدشينا لمرحلة جديدة فى ساحة الإعلان نهاية الثمانينات.. تعدد نجومها وبينهم "طارق نور" وهم هؤلاء الذين التصقوا بالسلطة بشكل مباشر عبر أولاد "صفوت الشريف" فى زمن "الريالة الإعلامية"!!.. كان كسر كل القواعد فى علم الإعلان وتكسير لأخلاقيات المجتمع.. وكان الإعلان المذكور يبدأ بذكر اسم "... إيه دة يا..." فيرد صوت "طارق نور": "دى موبيليا... يا عديلة".. وينتهى الإعلان الذى أثار ضجة غير مسبوقة.. فقد انفجرت الأزمة عبر الصحف التى كانت تتمتع بهامش حرية كبير, ووصلت تحت قبة البرلمان.. لأن عدة نواب تقدموا بطلبات إحاطة وأسئلة حول الإيحاءات الواردة فى هذا الإعلان.. وحاول "صفوت الشريف" تأجيل أو صرف النظر عن مناقشة هذه الأسئلة وطلبات الإحاطة.. لكن الدكتور "رفعت المحجوب" وكان رئيسا للمجلس رفض ذلك بشدة.. وفرض على وزير الإعلام أن يحضر أمام النواب لتقديم الإجابات على أسئلتهم واستفسارتهم.. وكان يوما صعبا على رجل النظام الذى كان يراكم قوة فوق قوة, ونفوذا فوق نفوذ.. وانتهت المواجهة بإيقاف إذاعة الإعلان نهائيا.. وبعدها إنتهى المنتج الذى كان يروج له الإعلان.. وإن كنت لم أذكر الاسم الذى كان يتم مناداته من جانب الفتيات الراقصات, فذلك يرجع إلى أنه أصبح لا يستحب ذكره دون تبجيل مع خوف وحذر شديدين.. لذلك عاد "طارق نور" ليكون قائد لفريق من المعلنين أملا فى تسويق سياسات أخشى أن تكون نهايتها كما نهاية المنتج المذكور!!

تعلمت أن الحذر واجب, إستجابة لنصائح كثيرين من الأصدقاء.. لكننى فشلت فى تعلم "الخوف" من غير الله.. واعتصامى بالحذر يرجع إلى واقعة دفعت ثمنها فادحا.. فقد كنت أقلب قنوات التليفزيون ذات يوم.. وجدت فيلما رائعا, سبق لى مشاهدته وأعجبنى كثير.. تألق فيه "محمود المليجى" كعادته.. كان اسم الفيلم "رجل اسمه عباس".. وبعد أن انتهيت كتبت على صفحتى عبر "الفيسبوك" جملة قلت فيها: "أشاهد الآن فيلم رجل اسمه عباس" دون أن يخطر فى ذهنى خطورة الجملة.. ودون تخيل عواقبها.. ولما عرفت.. أعدت مشاهدة الفيلم.. فهمت أن الذى يحمل هذا الاسم غضب بشدة دون أن يشاهد الفيلم.. ودون أن يوضح له أى من معاونيه, وكانوا بالمئات.. بل قل بالآلاف.. أخذنى العناد لتجويد عدم الخوف.. فكتبت "أشاهد للمرة الثانية.. فيلم رجل اسمه عباس".. وقررت الاستمتاع بالشجاعة, التى دفعت ثمنها الفادح راضيا!!

قبل أن تتهمنى بالخوف من ذكر اسم بعينه فى إعلان قديم.. أحب أن أوضح الفرق بين إسم الفيلم الذى أتناوله, وإسم العلم الذى أمسك عنه.. سببه أن الاسم فى الإعلان, كان مصحوبا برقص وخلاعة.. ومهما قلت أننى لا أقصد.. لن يصدقنى أحد ومعهم كل الحق.. أما الفيلم فقد كان يقدم حكاية "عباس محترم جدا" فضلا عن أنه اسم فيلم!!

ولأننى منذ أيام قررت التعافى من ملاحقة ومتابعة الأخبار.. هربت إلى إذاعة الأغانى, والاستمتاع بكوكب الشرق "أم كلثوم" التى يمكن أن أسمعها لساعات متصلة.. وإذا بى أجد نفسى أمام فيلم "ضد الحكومة" الذى يذكرنى بأستاذنا "وجيه أبو ذكرى" وكان كاتبه.. ويدفعنى المبدع "أحمد زكى" إلى البكاء كلما شاهدت مرافعته كمحام.. والفيلم تم إنتاجه وعرضه فى "زمن مبارك" ليبقى شاهدا على أن هامش الحرية, الذى كان متاحا أصبح حلما صعب المنال!!

أحداث الفيلم كانت تتناول حجم الفساد – الذى كان – ووقتها اعترف "حكيم هذا الزمان" تحت قبة البرلمان, أن "الفساد فى المحليات أصبح للركب".. القائل كان "زكريا عزمى" الذى شغل – وقتها – منصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية.. وتوقفت أمام مشهد يجمع المحامى – أحمد زكى – ومساعده – المنتصر بالله – الذى سأله: "إنت بتعمل كدة ليه؟".. فرد المحامى: "عايز الحق".. ليقول له مساعده: "عايز الحق يبقى مش هتلاقى تاكل"!! جاء هذا المشهد فى لحظة تفصل المحامى الذى كان قد غرق فى الفساد.. ثم تعرض لموقف قلب حياته, فاستيقظ ضميره.. وتكشف أحداث الفيلم أن المحامى كان "وكيل نيابة" تم تلفيق قضية رشوة له, فراح ينتقم بالسباحة فى بحر الفساد.. كما تكشف زميلته – لبلبة – التى كانت تنافسه فى ملعب الفساد, وحولهما عدد من المحامين أمثالهما.. والفيلم يقدم الفساد السياسى الذى يدافع عنه أستاذ قانون كبير, يتخفى فى الورع والإيمان وعنوانهما المسجد والمسبحة.. ولأننى لا أعرض الفيلم, لكننى أتوقف فقط عند جملة "عايز الحق يبقى مش هتلاقى تاكل" التى أصبحت دستور زمننا السعيد!!

حالتى بين إعلانات زمان.. وحكايتى مع فيلم "رجل اسمه عباس".. ثم توقفى أمام فيلم "ضد الحكومة" جعلتنى أفهم سر عجزى عن التفاعل مع تقدير الأصدقاء لآخر مقال كتبته "شرفاء وبهلوان وحمالات".. لكننى توقف أمام تعليق للدكتورة "إيمان رفعت المحجوب" الذى قالت فيه بالنص: "كلماتك رغم ما تحمله من أسى ومرارة.. تطمئننى على عقلى وسط أبواق البرجماتية والكذب والنفاق والخيانة.. ربنا يحفظك ويبعد عنك الشر"!! وعلامات التعجب من عندى.. فالدكتورة التى أتشرف بصداقتها "إفتراضيا" ليست كغيرها من الأطباء.. فهى تختلف عن زميلها الدكتور "حسام بدراوى" الطبيب الذى يلعب سياسة بقواعد تخصه.. فلا هى قواعد السياسة بحق.. ولا هى قواعد أن "السياسة نفاق والنفاق سيد الأخلاق" على طريقة "معاوية ابن أبى سفيان".. التى كان يعتنقها "حافظ بدوى" وقت رئاسته للبرلمان فى السبعينات!!.. والسر فى أننى تناولت "حسام بدراوى" وهو صديق فى الواقع.. ما سمعته على لسانه خلال حوار تليفزيونى مع "مخبر صحفى" وهو يقول: "إذا كنت أنا أكتب مقال.. يتم حذف نصفه أو ربعه!!".. ليرد عليه "المخبر" الذى يحاوره قائلا: "حضرتك على الهوا يا دكتور حسام".. فإذا بالرد: "أنا قاصد إنى أقول الكلام دة.. لأننى متأكد أن القيادة الأكبر مش عايزة الكلام دة.. لأن فيه ناس بتبقى ملكيين أكتر من الملك" وللحوار ما قبله وما بعده.. ويمكن للذى يريد أن يعرف أكثر العودة للحوار.. لكننى هنا إندهشت من الشاكى بأن نصف مقاله أو "ربعه" يتم حذفه.. إذا كيف تقبل العبث بما تكتب؟! وتمنيت أن يذكر القيادة الأكبر ويحددها.. لكنها ما يسمونه "البراجماتية" التى أشارت لها الدكتور "إيمان رفعت المحجوب" وهى بكل تأكيد ليست "براجماتية" بقدر ماهى محاكاة لما قدمه "أحمد زكى" فى فيلمه "البيضة والحجر" لاعتقادى أن دولا تعلى شأن الجيش والشرطة على الدستور والقانون.. هى دول تعيش على هامش الزمن!!

هنا تذكرت حوارا آخر.. كان طرفه الدكتور "على الدين هلال" الذى علمنى فى كلية الإعلام "النظم الدستورية" وفوجئت به, يباغت محاوره وكان "المخبر الصحفى" نفسه.. ويتحدث عن تأخير الموافقة على سفر "الأستاذ جمال", وكان يقصد "جمال مبارك" الذى سافر بعدها, وشاهدنا صورته مع "شوال الرز" فى "لندن" وسال حول الصورة حبر غزير.. وهكذا اعتدنا التعبير عن الكتابة التى لا حدود لها.. وبما أن الدكتور "على الدين هلال" أستاذ تدريس "البراجماتية", فقد اختار ممارستها على طريقته.. فهو يهمه بالدرجة الأولى والأخيرة "الأستاذ جمال" دون غيره من المئات الذين يتعرضون للموقف نفسه.. ولا يهمه آلاف تم تغييبهم خلف القضبان, لأسباب لا نعرفها وتستعصى على الفهم.. وهذه "البراجماتية" ذاتها ألزمت الجميع الصمت تجاه ما ذكره "توفيق عكاشة" بالصوت والصورة, حول أنه قدم النصح باتصال مع إسرائيل لكى يلعب دورا مع "أوباما" حتى يقتنع بأن ما حدث فى "30 يونيو" ثورة.. وأضاف أن هذا حدث بالفعل.. ولأن "البراجماتية" أصبحت ذات ألوان كما "الحرباء" فلا مانع من أن يظهر علينا "شيخ سلفى" لكى يعلمنا أن الإسلام يبيح بناء القصور الرئاسية الفخمة.. ويظهر شيخ آخر يطالبنا بإعلان التوبة عن دعم "طوفان الأقصى" وأن نلعن مقاومة الاحتلال.. رغم أن زمن الملكية لم يشهد أمثالهما, وقد شهد بناء قصور ملكية.. كما شهد مقاومة الاستعمار الانجليزى!!

أستطيع أن أذكر مئات المواقف الملونة بألوان "اللخبطة" التى راح زمنها.. ويمكننى أن أكتب الكثير عن "البراجماتية" كمنهج.. لكننى لا أملك غير السخرية من وصف "النصب العلنى" كمرادف لتطورها.. فما يحدث فى "سوريا" وحولها, باعتماد "إرهابى" لكى يحكمها.. يسمونه "براجماتية".. وصفة "إرهابى" تم إطلاقها عليه بقرار من "الأمم المتحدة", وإصرار من الذى يسمونه "المجتمع الدولى" كبديل لقول "واشنطن والذين معها" على حد قدراتى وتعبيرى.. وأصبح مكروها عند هؤلاء ذكر "أبو محمد الجولانى".. ويطالبوننا أن نردد خلفهم "إسمه البراجماتى" الجديد.. وأن نتعلم منه ما يتحدث به حول ضرورة أن يكون السلاح بيد الدولة فقط!!

أخذتنى الدكتورة "إيمان رفعت المحجوب" إلى تعبيرها "أبواق البراجماتية" دون أن أتوقف عند الكذب والنفاق والخيانة, وثلاثتهم جعلوهم "وجهة نظر" تطل علينا مرتدية "الحمالات" الفاجرة طول السنة.. فقد أصبحنا نعيش زمنا كله "صيف" دون شتاء أو خريف أو ربيع.. وكلى أمل ألا أصطدم بمسئول رفيع اسمه "ربيع" يقلب ما تبقى من عمرى إلى جحيم!!

NomE-mailMessage