JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
الصفحة الرئيسية

نصر القفاص يكتب : حكاية "جاسوس فى بيتى"!!


بدأ زمن تكريم وتقدير "الجواسيس" قبل نحو نصف قرن!!

كتاب "الانفتاح" يضم فصلا مثيرا عن حكاية "مصطفى وعلى أمين" وكليهما صحفى شديد التميز والتفرد.. كليهما ترك بصمة فى تاريخ الصحافة المصرية وتطورها.. كليهما قدم لبلاط صاحبة الجلالة أقلاما مضيئة.. كما قدما "أقلاما مفروشة للإيجار" وهذا نحسبه لهما وعليهما.. لأن المبدعين والموهوبين الذين تخرجوا من "أخبار اليوم" إستحقوا الاحترام والتقدير, فقد اختاروا الصدق والأمانة مع القارئ.. وغيرهم من الذين باعوا ضمائرهم وكلماتهم أخذوا طريق الفساد مع سبق الإصرار والترصد!!

يرهن ضميره وقلمه.. كل من يراهن على صاحب النفوذ والثروة!!

عاش "مصطفى أمين" ومات عاجزا عن نفى اتهامه بالتجسس.. كما عجز شقيقه "على أمين" عن تبرئة نفسه وشقيقه من بشاعة الجريمة.. وتفاصيل القضية وملابساتها تركها لنا "محمد حسنين هيكل" بين دفتى كتابه "بين الصحافة والسياسة", الذى قرأه "مصطفى أمين" وتعامل معه كأنه نسيا منسيا.. إحتمى بالصمت فى مواجهة الحقائق.. لم ينفعل.. رفض أن يغضب.. غضب له تلاميذه من الفاسدين, فأطلقوا سبابهم على "هيكل" الذى كان يجيد تجاهل الذباب!!

إكتسب "مصطفى وعلى أمين" مكانتهما من الدوران حول السلطة.. تأييدا ومعارضة.. فقد كانا يجيدا الكر والفر مع كل سلطة.. لكنهما كانا مخلصين لعلاقاتهما الخارجية السرية.. شأن كل من يعتنق عقيدة "الخيانة" ربما لأننا لا نعرف "دين أبوهم إسمه إيه" كما قال صديقى الشاعر "جمال بخيت" فى واحدة من قصائده الرائعة.. كما هذا "السمين" الذى يلعب دور "المهرج" أمام الكاميرا.. ويمارس وظيفة "الحاوى" إذا كتب.. فكسب شعبية عند "البلهاء" وفاز بمكانة "الكاتب" بدعم الأجهزة الأمنية, فجعلوه مثقفا.. وجعلوه روائيا.. ونصبوه "مفكرا" باعتباره محترفا للعبة "البيضة والحجر" مع الاعتذار الشديد للفنان "أحمد زكى" الذى قدم هذا النموذج فى فيلم رائع!!

الصحافة مرآة المجتمع.. يرى فيها الناس أنفسهم.. وإذا تحولت إلى مرآة لا يرى فيها غير الحاكم نفسه.. قل عنها أى شئ غير أن تكون صحافة.. ولو تكسرت "المرآة" لا تعرف الفرق بين الجميل والقبيح.. ولما كانت عملية "تكسير الصحافة" قد بدأت بإبعاد "محمد حسنين هيكل" فى البداية.. وعلى التوازى كانت عودة "مصطفى وعلى أمين" للإمساك بدفة دفع سفينة "انفتاح السداح مداح" الذى تطور بعد أن أبحرت.. فأصبح اسمه "الاستثمار" وهو فى حقيقته "إستحمار".. لنرى "إستحمار اقتصادى" إلى جانب "إستحمار سياسى" مع "إستحمار ثقافى" وكذلك "إستحمار رياضى".. وتغلغل "الاستحمار" وانتشر كالسرطان فى جسد المجتمع كله, وشمل كافة المجالات!!

الخدعة كانت بالدخول من باب الاقتصاد!!

إكتشفنا بعد فترة أنهم دفعونا إلى "سكة الندامة" حتى سلمتنا إلى "سكة اللى يروح ما يرجعش" فى الوقت الصعب.. كان المجتمع قد فقد ظله.. تغيرت المفاهيم والمعانى.. فالنفاق أصبح اسمه "تطبيل" وزيادة الأسعار أطلقوا عليها "تحريك".. والمعارض جعلوه من "أهل الشر".. والشرفاء اتهموهم بأنهم "يزعزعون" أمن واستقرار الوطن.. وتركونا نذهب إلى انتحار جماعى كما "الفيلة" إذا فعلت!!

طالت المقدمة.. لكن الضرورة فرضت ذلك!!

وصلنا إلى حالة عجز عن فهم واستيعاب ما يدور حولنا.. إخترنا تجميد العقل.. فقد أصبح "البلطجى" يدير شركة أمن.. و"قاطع الطريق" تحول إلى كبير المستثمرين.. فلا مانع من أن يكون "المهرج" له الحق فى أن يسبق اسمه وصف "مفكر" ويجوز اعتباره رائدا للتنوير!! فهذا زمن شهد تنصيب من لم يحمل شهادة وزيرا للتعليم.. كما شهد "الدكتور سيراميك" مختالا فخورا بمجموعة من "المخبرين" جعلهم "نجوما للإعلام", ويزاحمه آخرين أطلقوا علينا الفرحين بالتخلى عن جنسياتهم.. كما استعانوا بصغار "النصابين" ليصبحوا نوابا لوزراء ومحافظين.. بل جعلوهم نوابا عن شعب لا يعرفهم!!

البداية.. كانت هناك!!

البداية.. كانت عندما وافقنا على تكريم "جاسوس" لمجرد أنه مبدع فى مهنته.. هنا أصبح لا مانع من قبول "جاسوس" ليكون وزيرا.. تابعنا محاكمته كمتهم بالفساد لسنوات.. تابعنا اتهام شقيقه بتهريب الآثار.. لأننا كنا قد نسينا جدهما الذى كان رئيسا للوزراء, وتم اغتياله عندما وافق على بيع الوطن بتمديد عقد امتياز "قناة السويس" أربعين عاما أخرى!!

ماذا حدث للمصريين؟! 

سؤال طرحه مفكر حقيقى, هو الدكتور "جلال أمين" واجتهد للإجابة عليه فى كتاب يحمل السؤال كعنوان.. لكننا لا نقرأ فى "زمن الاستحمار" ولم يصبنا الخجل عندما صرنا "يا عزيزى كلنا لصوص" كما كتب "إحسان عبد القدوس".. ليطل علينا "الصافى" ببلاهة ويصبح "وهبة" من الذين "استحمرونا".. ثم نغضب لأن "شوال الرز" اصطفي الفنانين والرياضيين من "السادة المرتشين" وهو عنوان واحدة من صرخات السينما فى مواجهة الانفتاح!!

كان الصديق "إبراهيم خليل" صاحب السبق والجرأة فى كشف تفاصيل "حكاية الوزير الجاسوس" على صفحات "روز اليوسف" وقت رئاسته لتحرير الجريدة.. واستحق تقديمه خلال فترة "ثورة 25 يناير" على الشاشات ليعرض ما ينشره عن هذه الكارثة المروعة.. المدهش أنه كان يشاركه فى مناقشة جريمة الخيانة, هذا "الخابور الاستراتيجى" مزايدا بالشجب والإدانة!!

وصلنا إلى "غيبوبة" جعلتنا ننسى أن "يحيى حسين عبد الهادى" كأحد أهم عناوين الشرف والاحترام والوطنية, يقبع داخل السجن لمجرد أنه صاحب رأى.. سجنوه متهما بادعاءات دون وجود وقائع تدينه.. وفى الوقت نفسه تتولى فرق من الكذابين والمنافقين ومعدومى الضمير, إقامة الأفراح والليالى الملاح لعودة "الوزير الجاسوس", لكى يتولى التخطيط للاقتصاد.. فهؤلاء يبررون فضائحهم بأنهم باحثون عن "لقمة العيش" حتى ولو كانت معجونة بدم شعب ووطن!!

وهب "يحيى حسين عبد الهادى" نفسه مقاتلا فى صفوف القوات المسلحة, كضابط مهندس مبدع.. تمسك بمواصلة القتال فى مواقع المسئولية المدنية.. تصدى بإصراره وشجاعته لعمليات الفساد التى خربت "القطاع العام" مع سبق الإصرار والترصد.. وتصدى لجرائم النهب عند بيع "عمر أفندى" فى صفقة كانت فضيحة, قام على إبرامها "خابور استحمارى دولى".. ودفع "المقاتل" المقابل ثمن حرصه على ضميره.. دفع ثمن دفاعه عن الوطن.. أبعدوه إلى ما اعتقدوا أنه مكان فى الظل, بتوليه منصب إدارة "مركز إعداد القادة" فقام بتحويله إلى منصة تقدم شرفاء ووطنيين من أصحاب الضمائر!!

قرروا التخلص من صداع الشرف والأمانة والوطنية!!

أبعدوا "يحيى حسين عبد الهادى" عن الساحة أملا فى أن يصمت.. لكنه كمقاتل رفع القلم كسلاح.. كتب مقالات يصعب على كبار الكتاب إبداعها.. كانت كلماته كطلقات الرصاص.. أفكاره جعلت اللصوص والجواسيس, يخاصم عيونهم النوم.. صرخ منه المستثمرين فى "بورصة النخاسة" باعتبارها تجنى أرباحا تتجاوز تجارة المخدرات والسلاح!!

مستحيل أن نستوعب وجود "يحيى حسين عبد الهادى" فى السجن.. وفى اللحظة نفسها نحتفى بوجود "جاسوس فى بيتى" هرب فاسدا, وعاد مكرما.. لكن المستحيل أصبح مقبولا منذ نحو نصف قرن.. صاغ هذا المنهج الذى يدافع عنه "السفلة والسفهاء" باعتباره قائدا وزعيما أسطوريا.. صاغ المنهج "أنور السادات" وحقه أن نطلق عليه "بطل الحرب", أما حكاية بطل السلام الفاسد – الاستسلام – فقد انكشفت.. وللذين لا يقرأون ولا يفهمون.. فى تاريخ "فرنسا" بطل عسكرى عظيم اسمه "بيتان" خلال الحرب العالمية الأولى.. وكان هو نفسه الذى وقع وثيقة استسلام فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية!!

حدث ذلك.. وعشت أحداثه وتفاصيله!!

عشت "زمن الاستحمار" وشاء ربى أن أعيش "زمن طوفان الأقصى" بأبطاله الرافضين لرفع "الراية البيضاء" كما "مفيد أبو الغار" فى رائعة "أسامة أنور عكاشة" الشهيرة.. ورأيت "يحيى حسين عبد الهادى" كما لو كان "طه السماحى" فى "ليالى الحلمية".. التى أبدع كاتبها فى تقديم "بسة والخمس" أيضا, من "جامعى أعقاب السجائر" اللذان تصدرا واجهة المجتمع.. كما تصدر "الزبال" الواجهة فى صرخة سينما عنوانها "إنتبهوا أيها السادة", لأن "أهل القمة" وهى صرخة سينمائية أخرى قدمت لنا وريث "محجوب عبد الدايم" فى "القاهرة 30" وهو زمن يتمنى العودة له ضيوف حفلات "عودة الإبن الضال" على حصانه الأبيض!!

غاب "أسامة أنور عكاشة" فتألق "السمين" روائيا ومفكرا!!

غاب "نجيب محفوظ" وحضرت "ست الدكتورة" كنائب فى البرلمان!!

غاب "كامل زهيرى" بصرخته "النيل فى خطر" فضاع النيل يا ولدى!!

غاب "أحمد فؤاد نجم" و"عبد الرحمن الأبنودى" و"سيد حجاب" وحضر "بسة والخمس"!!

غيبوا "يحيى حسين عبد الهادى" خلف القضبان.. وحضر "الجاسوس" ورعاته!!

author-img

أخبار التاسعه

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    الاسمبريد إلكترونيرسالة