JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Startseite

معصوم مرزوق يكتب : هزهزة إستراتيجية


أخيراً ، وبعد طول إنتظار ، جاء الرد الصهيوني علي إيران أمس ، مخيباً لآمال المتعطشين للدماء
وهكذا سوف تنتعش – مرة أخري- نظرية " المسرحية " ، بعد أن كانت قد توارت إثر الضربة الإيرانية الإخيرة القوية ضد إسرائيل التي أخجلت أصحاب هذه النظرية ، الذين ظلوا يروجون أن إيران تضحي بوكلائها في المنطقة وتعرضهم لصراع مع بلطجي الشرق الأوسط بينما تكتفي هي بعروض مسرحية فارسية ( وهو ما تناولته في مقال سابق تحت عنوان : " هل هي مسرحية فارسية " ) .

وبعد طنطنة صهيونية معتادة ، وعروض طاووسية مستمرة من نتنياهو ، وتهديدات من سيموتريتش ، وتبريق عين من بن غفير ، جاءت الضربة برداً وسلاماً علي طهران ، ينطبق عليها بيت الشعر الشهير : 

" زعم الفرزدقُ أن سيقتلُ مَربَعاً .. أبشر بطول سلامةٍ يا مَربَعُ " .

سارع مدمني نظريات المؤامرة يصرخون بهستيرية : " ألم نقل لكم .. الفرس ، الشيعة ، والصهاينة .. مهما كان : "ضرب الحبيب زي أكل الزبيب" .

وتذكر رواد السينما ومحترفي الأفلام القديمة فيلم الريحاني الشهير : " لعبة الست " ، وخاصة مشهد المشاجرة أمام محل " إيزاك " بين اثنين من " أولاد الذوات " ، وهما يتبادلان الضربات برقة ونعومة بما أحرج الأسطي حسن الذي يفترض أنه وقف متوسطاً بينهما كي يفصل في العراك .

فهل أثمرت تحذيرات واشنطن التي من المؤكد أنها لم تكن مدفوعة بحب طارئ لطهران لا سمح الله ، وإنما فيما يبدو لتخوف حقيقي من إحتمالات الخطر علي المصالح الأمريكية في المنطقة ، وخاصة قواعدها العسكرية ، وحقول بترول الخليج ؟؟.

ولكن ، متي خضعت تل أبيب لأي تحذيرات أو توجيهات من أمريكا أو غيرها ، لقد قال نتنياهو أكثر من مرة " أنه يستمع لنصائح واشنطن ، ولكنه لن يطبق سوي ما يراه مصلحة صهيونية " ، فلم تعد " إسرائيل " هي تلك " الدويلة " التي تخضع لإملاءات رعاتها ، حتي ولو كانت تحلب منهم اللبن والقذائف ، فلقد أصبح رؤساء أمريكا ( بل وكل دول الغرب ) رهائن لدي جماعات الضغط الصهيونية التي توحشت وأصبحت تسيطر علي السياسة والإقتصاد والإعلام والسينما وكل شيئ تقريباً في الغرب .

لابد كذلك أن " عقلانية " رد الفعل الصهيوني ضد إيران لم تطرأ عن " إحترام مفاجئ " للقانون الدولي ، أو رد جميل للملك الفارسي القديم " قورش " الذي حرر اليهود وسمح لهم بالعودة لمملكتهم بعد السبي البابلي ، لأن رد الجميل ليس خاصية صهيونية ، وإلا لكانوا قد احترموا من استضافوهم وقدموا لهم كل الحماية بعد أن كانوا مطاردين في العالم كله تقريباً ٬ إلا بين شعوب الشرق الأوسط التي وفرت لهم موطناً ومواطنة حتي أصبح بعضهم من أثري أثرياء المنطقة .. لا .. رد الجميل صفة لا يتحلي بها شايلوك .

لا يبقي إذاً سوي أن نبحث عن الأسباب فيما أعلنته طهران سراً وعلانية من أنها سترد بمنتهي القوة علي الكيان الصهيوني ، ومن يتعاونون معه ، ومن المؤكد أن ما ذاقه الكيان قبل ذلك يجعله يأخذ هذا التهديد بكل جدية ، ليس هذا فحسب ، وإنما صعوبة أن تُفتح جبهة أخري بينما الكيان غارق حتي أذنيه في شوارع غزة لمدة عام ولا تزال المقاومة الفلسطينية تلقنه الدروس المتتالية ، وكذلك التورط في معركة خاسرة فوق جبال جنوب لبنان ، أدت إلي إختفاء أغلب الشعب الصهيوني في المخابئ ، وهجرة المزيد من المستوطنين سواء هجرة داخلية أو خارجية .

وفي التقدير فأن شكل الضربة الصهيونية أمس يحمل كل الأسباب السابقة ، وهو ما يؤكد من ناحية أخري أن الكيان الصهيوني قد فقد بالفعل " نظريته في الردع " ، وذلك يعني أن بقاء " الصهيونية " كنظرية عنصرية إستيطانية متوحشة قد صارت أيامه معدودة ، تماماً مثلما كانت مقدمات نهاية الحكم العنصري أبارتيد في جنوب إفريقيا ، لم يتبق لذلك الكيان الوحشي سوي ممارسة ما يمكن أن نطلق عليه " هزهزة إستراتيجية " لمجرد كسب الوقت .

NameE-MailNachricht