JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Accueil

علي أبو هميلة يكتب : الضمير الشعبي يعاقب بيومي فؤاد


ربما كان الممثل المصري بيومي فؤاد لا يدرك معنى الوجدان والضمير الشعبي، فهو نتاج جيل وعصر من الثقافة الفنية اعتمدت الهزل والسخرية لتصل إلى جمهور مثقل بالهموم والمشاكل، ربما رأى هذا الجيل من الفنانين أن نماذج مثل مسرح مصر الهزلي بقيادة ممثلا كان متاح له أن يكون علامة كوميدية هو أشرف عبد الباقي ولكنه اختار الابتذال مسارا له، هكذا نمت عقلية فؤاد وامثاله على العيش الطفيلي الناتج من سياسات استمرت نصف قرن واتسعت في العقد الاخير من حياته. 

صفعة الصفر الإيرادي 

مؤكد أن فؤاد أيضا فتح فاه فاغرا حينما عرف موقف زميله الفنان الشاب محمد سلام من التمثيل في عمل كوميدي هزلي بينما أشقائه في فلسطين يذبحون على يد العصابات الصهيونية، وتفلسف بيومي قائلا لنفسه ومن حوله " هو ها يعمل فيها مناضل" ثم اردف في فلسفة نموذجية لهؤلاء الغارقون في الأنانية والفردية " طيب أنا مشخصاتي، أيه علاقتنا بالسياسة" هكذا كل سقوط يجد لنفسه مبررا وسببا يتلقفه المرجفون ليستكملوا عزف أسطوانات الخوف والجبن, 

لكل هذا لم يتوقع فؤاد ولا منتج فيلمه الجديد بعد عودته من عروض مهرجان الرياض الذي أقيم ومذبحة أهل غزة قائمة أن يعاقبه الضمير الشعبي ولا يذهب أحد إلى عرضه السينمائي في درس جديد من الوجدان المصري لكل من يتجاسر بالسخرية من قيمه الثابتة وقضايا الحية  في وجدانه.
ظني أن هذا البيومي لو أدرك ذلك لكان من السهل عليه أن يستأجر مجموعة من المشاهدين وقد اصبحت تلك وظيفة متواجدة في الواقع المعاش وفي الواقع الأفتراضي وأكبر مثال لها ما يعرف باللجان الألكترونية. 

لا أريد أن استرسل في فكرة التشجيع بالأجر والهتاف بالأجر فهي متواجدة طوال سنوات طويلة من منافسات الفن والفنانين، وقديما كانت هناك في منافسات الشعر العربي، وما مجموعات الأولتراس الكروية إلا نموذج لها.

ظاهرة كانت متواجدة في صراع الفنانين الكبار في المسرح والغناء في عصر صراع الكبار محمد عبد الوهاب، أم كلثوم، عبدالحليم، وفريد الأطرش، وكانت الإدارات الفنية في عروض الغناء والمسرح تتولى شراء الجمهور، أو التذاكر لتوحي للجمهور بنجاح العرض أو الحفل، المفاجأة عند بيومي فؤاد ومنتجه أن الجمهور صفعه صفعة قوية مباغته لم يتوقعا فجاءت صارخة تعبيرا عن الوجدان والضمير الشعبي للغالبية المصرية. 

الجمهور يحفظ مبدعيه 

لم تكن صفعة الصفر الإيرادي لفيلم أسود ألوان لصاحبه بيومي فؤاد فقط رسالة له أن الجمهور يحفظ مواقف فنانيه بل كانت رسالة أيضا للمثل الشاب محمد سلام تحية له على موقفه الإنساني، القومي، والوطني تجاه القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية، أيضا تحية لأهل غزة والمقاومة فقد قال الجمهور كلمته لهم " ربما نكون غير قادرين على العبور لكم ومشاركتكم المقاومة لكنكم دائما في القلب والعقل والوجدان المصري.

على مدار عمر الفنون في مصر عبر الوجدان الشعبي عن هذا الموقف مع فنانين مبدعين وإعلاميين كثر، فلا ينسى حتى الآن جمهور السينما مواقف فنانين كمحسنة توفيق التي احتفينا بذكرى رحليها منذ أيام من القضية الفلسطينية سواؤ على المستوى الفني أو على مسوى الواقع، فمحسنة من الفنانات التي حملت قضية فلسطين في قلبها وذهبت إلى الجنوب اللبناني عقب اجتياح بيروت 1982، وساندت منظمة التحرير الفلسطينية، في مواقف كثيرة. 

نادية لطفي الفنانة المصرية التي كانت قضية فلسطين مصيرية بالنسبة لها، ولم تترك موقفا شعبيا ولا موقفا للمقاومة إلا وشاركت فيه، لقد احتفظ العقل الجمعي لمصر لهما مواقفهم، كذلك المخرج المصري الكبير يوسف شاهين، أيضا عبد العزيز مخيون، حمدي أحمد.
حتى على مستوى الأداء التمثيلي والفني لم ينسى الوجدان المصري من عبروا عن قضاياه تمثيلا ومن خذلوه في هذا التعبير، ومن الجدد لأزالت مواقف مثل خالد النبوي، ومحمد سلام من حرب الإبادة الصهيونية على غزة ماثلة ويتداولها الضمير الشعبي المصري، وهناك أيضا موقف الإعلامي باسم يوسف وما يقدمه حتى الآن من تعبير عن القضية الفلسطينية والمقاومة في لقاءاته التليفزيونية أو برامجه التي يقدمها في الولايات المتحدة. 

من قاعات السينما

تفاعل جمهور السينما مع مواقف الفنانين دائما ترتبط بهموم هذا الجمهور وفي الغناء مثلا هناك الفنانة الكبيرة أم كلثوم التي يتذكر الجمهور مقفها في أعقاب هزيمة يونيو/ حزيران 1967 وقيادتها لحفلات دعم المجهود الحربي مع نخبة فناني ذلك العصر.

اللبنانية الكبيرة سيدة بيروت فيروز يحتفظ لها الوجدان والضمير الشعبي أنها مغنية الأوطان، لم تنشد فيروز لزعيم ولا رئيس عربي، وهكذا في فن التمثيل فكم من ممثل تركه الجمهور بسبب دورا قدمه سينمائيا وذهب بعيدا عنه، فجمهور السينما والضمير الشعبي يعاقب من يتغافل عن قضاياه، ويكرم من يعبر عنه. 

أحمد زكي أحد الممثلين الكبار في تاريخ السينما المصرية وكان زكي صاحب البرئ، ضد الحكومة، معالي الوزير، الحب فوق هضبة الهرم وغيرها من عشرات الأفلام يظن أنه أن قدم أي عملا أو شخصية سيحبه الجمهور ويتقبلها منه، ودخل أحمد زكي أختباره حينما قدم شخصيتين سياسيتين متناقضتين في سنوات قريبة من بعضها، وكانا العملان من إنتاج اتحاد الإذاعة التليفزيون، وهما فيلمي ناصر 1956، وفيلم أيام السادات. 

عايشت أحمد زكي في الموقفين فقد عرضا الفيلمين في أفتتاح مهرجان الإذاعة التليفزيون الأول ناصر في قاعة المؤتمرات، وفي القاعة ران صمت على المكان لمدة ساعتين، الجمهور في القاعة عاش مع زكي كأنه جمال عبد الناصر، وما أن كتبت كلمة النهاية على الشاشة حتى دوت القاعة بالتصفيق لأحمد زكي لمدة لا تقل عن عشرة دقائق، وكان هذا التصفيق مصاحبا لأول مشهد ظهور له بالفيلم، كانت نشوة زكي بالترحاب الجماهيري عالية لدرجة أنه لم يرفض أي لقاء تليفزيوني بعد العرض على غير عادته. 

عكس هذا الموقف تماما عايشته أيضا مع زكي في فيلمه الثاني أيام السادات، شاهدته الساحة الفرعونية بمدنية الإنتاج الإعلامي وفي افتتاح أخر لمهرجان الإذاعة والتليفزيون.

لم يتقبل الجمهور من زكي الذي قام بدور جمال عبد الناصر بما يحمله له الوجدان الشعبي أن يؤدي دور أنور السادات الذي حمل قيما متناقضة لناصر، لقد عاقب الجمهور أحمد زكي رغم أنه يؤدي دورا تمثيليا.

خرج زكي من قاعة العرض غاضبا، حزينا، ووحيدا، ورأيته في حالة عصبية صعبة يكاد يبكي ويجري وحيدا تجاه عربته، لحقت به وكانت دقيقة صعبة بجوار السيارة، واسيت زكي بكلمات عن روعة الأداء كعادته وقد كان موفقا تمثيليا، ولكن الوجدان والضمير الشعبي الذي قد لايراه الفنان في لحظة، ولا يعرفه أخر لسنوات عمره وأن طالت وأن عرضت لا يرحم. 

هذا الضمير والوجدان الذي كان يحطم قاعات السينما مع سقوط فريد شوقي في أحد مشاهد أفلامه لانه بطلهم الشعبي، وهو الوجدان الذي كان يبكي متفاعلا مع مرض عبد الحليم حافظ في فيلمه حكاية حب، هو أيضا الوجدان الذي كان يستقبل لقطات جمال عبد الناصر في فيلم أبناء وقتلة عام 1986 بالتصفيق في قاعات السينما، بعد غياب صورته عشر سنوات عنه، أن الضمير الشعب لمصر لا ينسى من نصره ونصر قضاياه، ولا يغفر لمن يستخف به سواء كان أختيارا، أو مرغما عليه، فتحسس موقعك حتى لا تنسى في الضمير الشعبي الجمعي,


NomE-mailMessage