الشعب ضاق بآلامه ومشاكله، وظاظا الذي وقف أمام الرئيس المرشح ضده يقول له سيادة الرئيس عكسا المطلوب، وفاز ظاظا بالانتخابات التي دخلها طامعا في شقة وبعض الأموال تجعل حياته أفضل، هكذا كان الأتفاق ولكن الشعب كان له رأي أخر.
هذا هو موضوع الفيلم السينمائي ( ظاظا) الذي أخرجه علي عبد الخالق عن قصة وسيناريو حوار طارق عبد الجليل، عن أجراء انتخابات رئاسية في مصر تحت ضغوط الداخل المصري، والمنظمات والدول الغربية، وأختارت الأجهزة ظاظا ليكون منافسا للرئيس العجوز.
اللعبة انتخابات ظاهرها ديمقراطي وجوهرها ظاظا بشقة وعدة الآف من الجنيهات، ونجح ظاظا بكلماته البسيطة العفوية أن يكسب ثقة الشعب، ونظرا لوجود أشراف دولي ومنظمات رقابة محترمة، ولان الشعب كان قد وصل غضبه إلى الحلقوم نجح ظاظا وأصبح الرئيس، وقد تناولت الفيلم من قبل في مقال، ولكن أعود إليه لنعرف معا سر ختام الفيلم.
مقتل ظاظا
كان المشهد الختامي في الفيلم داميا، فظاظا يقف في وسط حشود شعبية يرتدي زي شبابي (كاجوال) يحدثهم عن التنمية والاستقلال والسيادة منتظرا خبرا من أجهزته أنه قد حصل على سلاح ردع من دول شرقية يحقق له استقلال قراره، يحاول ظاظا أن يتحدث عن قضايا تنمويه، تعليم، صحة، زراعة، وصناعة حتى يمضي الوقت لتصل معلومة دخول السلاح إلى المخازن المصرية.
يذكرنا المشهد بمشهد في فيلم (ناصر 56) عندما كان عبد الناصر يخطب في المنشية منتظرا تقرير المخابرات عن القوات الإنجليزية والفرنسية في البحر المتوسط حتى يطمئن ويعلن تأميم القناة، وعندما تصل المعلومة يعلن ناصر التأميم، ويعلن ظاظا استقلال القرار الوطني، في تلك اللحظة تكون الأيادي الغربية تدوس على الزناد ليسقط ظاظا شهيدا بين جماهيره.
لكن السؤال الأهم ليس نهاية الفيلم المعروض ولا طلقات الرصاص التي انطلقت من نقطة قريبة جدا من رئيس الجمهورية، السؤال هو : لماذا انظلقت الرصاصة لتستقر في قلب الرئيس والشعب الذي اختاره؟
ظاظا بسيط كفلاح على حافة حقله يقدم حلولا لأزمات لم يستطع أن يحلها الخبراء، أو أن شئت الدقة لا يرغبون، لكن الفلاح أو العامل، أو المهندس العاطل يحلها لانه بلا حسابات المكسب والخسارة، القوى المواجهة، أو المعاونة، مراكز النفوذ أو مراكز السلطة.
لذا نفاجأ أحيانا بمن كانوا يملاؤن الدنيا أفكارا وحلولا إذ ما تحولوا إلى سلطة صاروا كالسلطة، هؤلاء عرفوا وحسبوا معايير الاستمرار والابعاد، أما ظاظا فدخل مواطن بسيط ابن الكتلة الصلبة بقيمها وخرج كذلك.
لك قبل أن تختار ظاظا جديدا أن تعرف أين كان؟ وماذا أصبح عندما رأى مراكز القوة والنفوذ؟ ستقول أنها السياسة وفن الممكن، تلك لا تجدي أمام التفريط والتنازل، افتقاد السيادة والحرية لا تنفع معها الحسابات، فإما النضال، إما الاستسلام.
أعماله أدت لمقتله
الدول المحورية تظل محط رعاية أعدائها تحاول أن تدخل إلى أعماقها عبر كل الكيانات، وليس هذا جزء من أيماني بنظرية المؤامرة ولكنه التاريخ، يحركون عرائسهم الماريونيت نحو من يحاول أن يتخذ قرار في مصلحة شعبه، يقفون أمامه، رأهم ظاظا في القصر الجمهوري، وقد أصبح رئيسا، فلماذا لايدخل دائرة الفساد فيصبح مثلهم؟ أغراء مال لا يعد ولا يحصى.
لك أن تتذكر أحدهم وقد صار وزيرا ماذا فعل بعد أن كان يملاء الدنيا صياحا عن الحقوق والاستقلال والسيادة، ولماذا وزير ليكن صحفيا، محامي، أستاذ جامعي، حاول أن تقارن بين ما كان وما اصبح، ظاظا لم يقبل ربما عفويته هي التي رفضت، والأكيد أنها قيمه، إذن رفض ظاظا الرشوة المقننة في شكل مكافأت وهدايا من الداخل، ومن الخارج الذي يريد السيطرة.
عايش ظاظا الشعب فهو منهم يريد أن يحل مشاكله، حاولوا أيقافه من خلال مقولة أن الميزانية لا تسمح، لكنه عدل في البنود اللازمة لتحقيق بعض الاصلاحات التنموية واحتياجات الشعب، صار ظاظا ببساطة أمل الناس بأفعاله بعد أن كسبهم ببساطة كلامه، لم يركن لمظاهر الرئاسة لم يعدد أماكن إقامته، لم يبني قصورا ولا أماكن سرية، ظل مرتديا ملابسه البسيطة.
تحول ظاظا إلى دول بسيطة أو مجهولة يحاول أن يتعاون معها في استغلال ثراوتهم وثروة بلاده، أتجه إلى دول الجوار والدول البعيدة التي تحاول معه بناء بلدانها، هنا بدأ الخطر الحقيقي للرجل الذي أردوه مسخرة فصار رئيسا حقيقيا.
بدأ ظاظا يسأل عن كل شيء يحاول أن يعرف ويتعلم، يعيد النظر في قرارات وسياسات، بدأوا معه سلسلة الضغوظ بداية من وقف المساعدات الاقتصادية والعسكرية، نهاية التهديد بالقتل.
كان إيقاف المساعدات العسكرية أهم ما في الموضوع، ظاظا يرى أنه بدون قدرته على إتخاذ القرار يصبح مجرد لعبة فيمن يتحكمون في المال والسلاح، ذلك أخطر ما واجه القوى المعادية التي ترتدي ثوب الراعي.
تحول ظاظا ليحصل على القوة التي تحمي قراراته وإرادته، ذهب يبحث عن دول تمتلك السلاح الذي يمتلكه عدوه، استطاع أن ينجح ويفاوض على منتجات لبلاده مقابل الأسلحة.
الموضوع الآن هو امتلاك ظاظا القدرة على فرض قراره على الأخرين، تلك النقطة التي لا يسمح بها أعداءه، فهذا يعني السير عكس المطلوب منه، ولذا أتخذ سفير أهم دولة في العالم قراره عندما وصله خبر شحنة الأسلحة " اقتلوا ظاظا" فهل نرى ظاظا رئيسا قريبا؟ هل يتعلم من الفيلم؟ أن حدث وكان بالفعل ظاظا - لا اتوقع أطلاقا- لكن ماذا أن اصبح يمامة، أو صقر، أو نسر، أو حمامة رئيسا للجمهورية قريبا؟