JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Accueil

الكاتب الكبير نصر القفاص في سلسلة جديدة : هوامش على دفتر السفلة والسفهاء!!


حكاية "الشيخ فلان" 1

وقت أن دارت عجلات "إنفتاح السداح مداح" كما وصفه أستاذنا "أحمد بهاء الدين".. دارت معه عجلات "زمن الفساد الجميل" على حد وصف الزميل "جمال فاضل", وتناول ملامحه فى كتاب بهذا العنوان خلال سنوات التسعينات من القرن الماضى.. حتى وصلنا إلى حالة "وقاحة الفساد" وقد أخذت ملامح "شيطان" يمرح, وفرضت علينا الحالة أن نتذكر أمير الشعراء "أحمد شوقى" القائل: "برز الثعلب يوما فى ثياب الواعظين.. ومشى فى الأرض يهدى ويسب الماكرين"!!

أتذكر فترة كنت فيها مديرا لتحرير مجلة "الأهرام العربى".. وجاءنى زميل أصبح نجما من نجوم الإعلام فى "زمن السفلة والسفهاء" وقدم لى رجلا يرتدى ثيابا "أفرنجية" قائلا: "الشيخ فلان" فضحكت!! وبعد قليل من الوقت راح "الشيخ فلان" يفجر ضحكاتنا بحديث كله "هلس فى هلس" ثم طلب أن أمنحه فرصة كتابة مقال أسبوعى يتناول أمور الدين المستنير – حسب وصفه – وهنا بدأ الحوار الجاد عندما سألته: "وهل هناك دين مستنير وآخر غير مستنير؟!".. لتظهر عليه علامات الدهشة.. بعدها أخذ يتحدث عن الذين أصبح اسمهم "أهل الشر" هذه الأيام!! وحاول إقناعى بأنه سيتصدى لهم.. تركته يتكلم ويقول كل ما عنده.. ثم جاء ردى عليه بأن أفكاره وكلامه أكدا قناعتى بأنه غير مؤهل أن يكون أحد علماء الدين.. وعرضت عليه أن يقدم لنا صفحة يتناول فيها "تفسير الأحلام" للقراء!! المدهش والمثير أنه وافق وانطلق بهمة ونشاط واضحين.. كنت بين حين وآخر أضبطه يحاول القفز من مربع "تفسير الأحلام" إلى مساحة "الفتوى" فى شئون الدين.. وكان يستجيب لتحذيرى بعدم خوض تلك الألاعيب!!

قبل أن أغادر موقعى إلى الجزائر كمدير لمكتب "الأهرام" أوقفته عن تقديم صفحة "تفسير الأحلام" بسبب نصيحة كارثية حاول إقناعى بها.. فقد قال لى ناصحا بضرورة شراء جهاز تسجيل للمكالمات الهاتفية يتم تركيبه على تليفون المنزل, لأعرف ماذا يقول أولادى خلال فترة غيابى.. وهنا كانت ثورتى عليه عارمة.. الرجل كان يدعونى للتجسس.. وعلى أولادى!!

طالت فترة غيابى فى الجزائر لسنوات, وعند عودتى وجدته نجما تليفزيونيا وذاع صيته بظهوره مع الزميل "محمود سعد" وقت أن كان نجم نجوم برامج "التوك شو".. ثم أصبح يقدم هو البرامج.. وأصبح صديقا ورفيقا للأمراء وأصحاب النفوذ فى الممالك والجمهوريات.. وغاب "محمود سعد" من الشاشات, واحتل مكانه "نجوم المرحلة" وفصيلة "الشيخ فلان" مع آخرين من الثعالب التى تطل علينا فى ثياب الواعظين!!


لا أحب إعلان الأسماء وإن كانت الملامح واضحة.. أفعل ذلك تجنبا لحالة "القرف" إذا كتبت أسماء هؤلاء!! لكننى أفضل التركيز على المعنى، بغض النظر عن هؤلاء الذين يتصدرون واجهة المجتمع فى "زمن السفلة والسفهاء" الذى تكوينا نيرانه!! فقد تكاثرت فصيلة "الشيخ فلان" وراحوا يتسابقون فى مضمار جمع الثروة واستعراض الأزياء الغريبة.. وكلهم يتنافسون على الفوز بصفقة عند هذا الشيخ أو ذاك الأمير.. ولا مانع من البحث عن صفقات لدى أصحاب القرار والنفوذ, بما يملكون من قدرات على خداع الناس والتلاعب بعقولهم!!

نجحت عملية "وقاحة الفساد" فأصبح لدينا "الإعلامى فلان" الذى تكاثر.. و"النائب فلان" الذى تكاثر.. و"الوزير فلان" الذى تكاثر, مع "المحافظ فلان" ومعهم "نائب الوزير فلان" و"نائب المحافظ فلان".. وتم تعميم النموذج ليطل علينا "البلطجى فلان" و"القاتل فلان" و"اللص فلان" ليأخذوا مكانهم ويكتسبوا مكانة طالما أن "السفلة والسفهاء" قد تمكنوا من مفاصل المجتمع.. بل تمكنوا من مفاصل عدة مجتمعات عربية, وأصبح بعضهم حكاما لأغنى دول المنطقة.. ولأننا لا نملك حول ولا قوة لكى نصرخ فى وجه هؤلاء.. تولى الإعلام الغربى المهمة نيابة عنا, وأصبحنا نتابع أفلاما تسجيلية باللغتين الإنجليزية والفرنسية تتناول سيرة هؤلاء.. وتكشف هذه الأفلام خفايا وأسرار مفزعة.. لتفضح واقعنا أملا فى النيل من أبطال صنعوا معجزة "طوفان الأقصى" التى كسرت أنف الكيان الصهيونى, وقدمت لنا "ماما أمريكا" عارية.. لا تجد ما يسترها ويستر معها "خدم الملكية والاستعمار" الذين صدمهم ما تتعرض له "ماما أمريكا" وكل الذين معها!!

فصيلة "الشيخ فلان" تتجاهل هدم مئات المساجد فى غزة, وقتل المسلمين خلال آدائهم الصلاة.. تتجاهل حرق القرآن الكريم بآيادى الصهاينة فى مشاهد يوثقونها بكاميراتهم.. وهم لا يسمعون ولا يرون الاعتداءات على المسجد الأقصى.. وإعلان الصهاينة التحدى فى وجه كافة المسلمين حكاما ومحكومين, مع علمهم بأن عددهم يقارب المليارى مسلم.. يحدث ذلك أمام أعين الناس الذين يشغلونهم بقضايا هى أقرب إلى "النميمة" حرصا على ما يجنونه من ثروات!!  

يأخذ الذهول الملايين فى طول الأمة العربية وعرضها.. فقد ظهرت على التوازى مع "زمن السفلة والسفهاء" تيارات مقاومة تحاول لتنجح مرة وتفشل فى أخرى, حتى تمكنت وامتلكت القوة والقدرة على التحدى.. هاجمت المقاومة وشنت الحرب على "وقاحة الفساد" فى ميادين عسكرية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية, وراحت تحقق انتصارات واضحة للعيان لنرى الاستجابة من "جنوب إفريقيا" التى جعلت العرب والغرب يغرقون فى بحر الخجل والعجز عن مواجهة تلك العواصف.. فقد هبت العاصفة من "اليمن" ومن "كولومبيا" التى قطعت علاقتها مع إسرائيل, وحظرت تصدير الفحم إليها.. سمعنا صوت "كوبا" و"فنزويلا" و"البرازيل" مع غيرهم فى أمريكا اللاتينية يناصرون الحق ويفخرون بما يجاهرون به.. أصاب الخجل دولا فى "أوروبا" لتعلن اعترافها بالدولة الفلسطينية.. صرخت دول عديدة من آسيا فى وجه "أمريكا واللذين معها".. بداية من "باكستان" ومرورا بدول أخرى بينها "إندونيسيا" و"ماليزيا" وحتى "تركيا" التى قرأت الصورة, فقررت إعلان قطع العلاقات مع "الكيان الصهيونى" رغم فداحة الخسارة الاقتصادية المترتبة على القرار.. لكنه عندما يحكم الساسة الذين يحترمون ويخشون شعوبهم, ستجد حساباتهم تصب فى نهر التاريخ.. ولا تصب فى مصارف الأموال وبرك ومستنقعات "التبعية" التى كادت أن تكون لهم دينا!!

الغريب أن "السفلة والسفهاء" لا يرون ما يحدث.. لا يفهمون ما يدور حولهم.. لأنهم لا يقرأون.. وهل هؤلاء يمكن أن تظهر عليهم أعراض الفهم؟! الإجابة القاطعة.. أنهم يقاومون أعراض الفهم.. بقدر مقاومتهم لمرض القراءة اللعين!! والدليل والبرهان تعكسهما أمواج السخرية من شطب التاريخ والجغرافيا والفلسفة مع المنطق من مناهج التعليم.. وطبيعى أن يتصدى للمهمة هذا المشكوك فى حصوله على درجة الدكتوراه.. ورغم أن كبير عيلة "مدبولى افندى" أطل علينا مدافعا عن الدكتوراه المنسوبة إليه.. فقد صدر قرارا رسميا بحظر أن يسبق اسمه صفة "الدكتور" مع إشارة بأن يسبق اسمه وصف "السيد فلان".. لأن "السيد" فى هذا الزمان أصبح هذه النوعية من الوزراء.. ببركة "الشيخ فلان" الذى يفاخر بأنه "طبال"!!

NomE-mailMessage