مفتتح
يا بياعين حلمي
جملة وقطاعي
الحلم مش حلمكم
الحلم ده بتاعي
من باعي ودراعي .
لا يخدعنك عنوان القصيدة فهي لا تقتصر على سناء الفتاة اللبنانية الصغيرة التي استشهدت داخل معسكر الضباط الأمريكان وقتلت أكثر من ١٧ كولونيل أمريكي حسب رواية الأستاذ رزق نفسه
فالقصيدة التي اعتبرها من أهم ما كتب الشاعر الدلتاوي الكبير لا تخلو من خصوصية مصرية من جانب.. وروائح أقصى شمال الدلتا من جانب أخر .. و هو ما سنبينه مع قراءة الأبيات كما سنقف على أكثر من صورة لشخصية الشاعر نفسه .. صورة بصفته القومي العربي .. وثانية بصفته المصري الذي عاش في أحياء الجيزة وطاف عاشقاً لشوارع وسط المدينة
وثالثة بصفته البرلسي " نسبة إلى بحيرة البرلس " .. إبن البراري والمستنقعات وشمال الدلتا الصريح .. البحر المتوسطي الذي رفض أن يتوغل شمالاً أكثر من اللازم حيث أوروبا لانه كالسمكة النيلية لا يستطيع التنفس إلا في مصر .
تلكم الصور الثلاثة لرزق الحنفي وهي تمثل ثالوث الإتحاد والتناغم والتكامل أكثر ما تعبر عن الإنقسام " الإنشطار " والتنافر والتباين. أكثر ما يعبر عن هذه الفكرة.. هي قصيدة سناء محيدلي
يا بياعين حلمي جملة وقطاعي .. الحلم مش حلمكم الحلم ده بتاعي.. من باعي ودراعي
حسناً أن جاء الشاعر بكلمة " بياعين " بصيغة المبالغة وليس بصورة الفاعل فلو قال بايعين لفهمنا أنها مرة واحدة غير أن الحقيقة أن البيع متكرر و متنوع ولذلك قال " بياعين "
بيع الأحلام ليس بالقطاعي فحسب بل بالجملة أيضاً .. ولعل أهم بيعة حدثت جملة هي اتفاقية السلام مع العدو التي ظلت محوراً هاماً ونتيجة طبيعية لعدد من البيعات القطاعي التي كان يراها ويلمسها الناصريون في تخلي الرئيس السادات شيئاً فشيئاً - بالقطاعي- عن الطريق والسكة التي عبَّدها الرئيس عبد الناصر .. و على حين فجأة ظهرت اتفاقية السلام كبيعة بالجملة هزت بعض الشعراء هزاً عنيفاً ولعلها كانت في نظرهم أكثر وعورة من نكسة يونيه ١٩٦٧ .
الحلم مش حلمكم الحلم ده بتاعي.. من باعي ودراعي
أي انتم لا تقدرون على الحلم أصلاً يا اصحاب اليد الطولى ومن رابع المستحيلات أن تطب عليكم الأحلام في منامكم لأنكم لا تستحقون الحلم من جانب .. كما أن أحلامكم تتحقق بسهولة بإشارة واحدة .. من جانب أخر.. فلا يحيا بالحلم إذن إلا أولئك الذين لا يملكون إلا الباع والذراع وما بينهما من صدر وقلب حيث يقدمون كل ما يملكون قرباناً على مذبح الأحلام
الباع هو جميع المسافة الكائنة بين ذراعيك إذا بسطتهما ويقع الصدر والقلب فيها .. بينما الذراعين مبسوطتين .
ربما ظن أحدهم أنها تعابير بسيطة لكنها رغم ذلك عميقة ولها وقع عجيب على الأذن والقلب والعقل
فالرجل الذي يحلم من لحمه الحي " باعه ودراعه " يرفض بيع حلمه من قبل من لا يملكها .. فما هي أحلام رزق الحنفي ؟ .. هل تحققت أم لا ؟ .. سنتحدث عن كل ذلك في مرات قادمة أثناء قراءة أبيات القصيدة .. سأكتب لكم الفقرة التي سأتحدث عنها في المرة القادمة
كنا قد تحدثنا عن المفتتح وها هي بداية القصيدة
سن القلم
خط الحروف
رسمو على صدرك
خريطة للوطن
دم الكفوف
كان ع الكفن
أسمك طريق معروف
شق العفن
......
الشمس كانت
فى السما ميالة
وبزهوة الخيالة
قالت سناء
عايزة عريس
طوله وطن
عرضه وطن
عايزة عريس
النيل عيونه والفرات
وشفايفه من أرض اليمن
.....................
كل البنات عايزة عريس
الا أنا
عايزة عريس
لبنان خدوده والجنوب
نبض القلوب .