JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Startseite

علي أبو هميلة يكتب :حسن عبد العزيز أولنا وأوسطنا وآخرنا

 صباح الخير يا حسن 

النهارده أول يوم وانت مش موجود معانا .. اقصد مش في الدنيا اللي انت عمرك ما عملت لها حساب .. النهارده يا حسن أنا  مش مطمئن أنك ها تكون معايا في حلمي اللي جاي في مصر، عارف ها تقولي : هي فين مصر يا علي، وأنت فين؟ ما أنت نفسك مش في مصر ياعلي.. مش بس كده يا علي؟  لأ أنت عارف أني بقيت هنا بالصدفة.

أقولك حاجة يا حسن : 20 سنة من عمري ما فكرتش في حاجة أعملها وأنت ما كنتش موجود فيها، برنامج، أغنية، مظاهرة، وقفة إحتجاجية،  مقابلة مسؤؤل، أو أجتماع، كنت دايما موجود أول واحد نعمل حسابه وأحنا بنحضر لأي حاجة بنقول ها نعملها لو كنت أنا وعصام سعيد، أو حاجة باعملها بنفسي.

 عشرين سنة يا حسن عمري ما دخلت ماسبيرو من غير ما أشوفك، أي وقت أنزل الدور الثاني أدور عليك، موجود في الفيديو، أو أسال يقولوا في العاشر فأطلع تاني أشوفك، عشرين سنة بعد ما أوصل أكلمك : أنت فين؟ أنا جي.. أو تعالي يا حسن، احنا هانعمل وقفة، أو مظاهرة، تعالي يا حسن في برنامج ها نعمله، أو في مشروع كذا. 

بتضحك؟ ليك حق يا حسن فكم من مشاريع وأحلام حاولنا فيها ولم تكتمل، كم من مره خرجنا بأحلام كبيرة وعدنا خاليا الوفاض، سوى غنوة حلوة من إبداعك، أو فكرة جديدة ليا، أو ليك في المونتاج، كم من الساعات قضيناها في مناقشة أفكار فنية، أو سياسية، مشروع مظاهرة أو طلبات للناس، كنا نقول حسن عبد العزيز ممثل الفنيين والمهنيين. 

عمري ما حسبت أنك مجرد مونتير متميز أو فنان مميز في مهنته، كنت دايما حسن المثقف الواعي صاحب الرسالة، لما ابتديت تعمل أغاني في البيت عمرك ما انفصلت عن الناس.

 الناس اللي حملت همومهم ومشاكلهم في كل وقت، كنت دايما أو صفوفهم وأنت بتطالب بحقوقهم، عارف أنك كنت بتواجه قيادات كتير مش عشان أنت ليك مطالب، لا عشان حقوق الناس ومطالبهم، عمرك ما تأخرت كنت فعلا أول الناس، عارف كمان أن القيادات كلها حاولت معاك تقدم لك مزايا أو مكاسب، وعمرك ما قبلت يا حسن، كانت الفكرة أو الأفكار أهم حاجة بالنسبة لك. 

كنت أول من يتقدم الخروج، وفي النقاش كنت الأعلى صوتا وحجة، كنت خلف كل من يتكلم تسانده وتدعمه وتحمي ظهرنا جميعا، ساكنا قويا لكنك كنت تحمينا، وكنت آخر من يترك المكان بعد أن تتطمئن أن الجميع بخير، الغريب يا أبو علي أني بكتب الكلام دلوقتي وأنت مش معانا. 

قالوا لي أمبارح : حسن مات يا علي.. قال كل حاجة ومات. 

صحيح يا حسن أنت قلت كل حاجة؟ لا أظن يا صاحبي كان لسه كلام كتير جواك، أنا عارف كل كلامك لم يقال بعد، عارف أنك قلت حاجات كتير في كل لقطة صورتها، أو في كل غنوة عملتها في العشرين سنة الأخيرة، أه يا حسن كنت عاشقا للفنون بكل أنواعها، عاشق لكل فنان قدم أغنية أو عمل فني جميل له رسالة، أو مثقف أو سياسي أوعالم من ولاد مصر، وكانوا موجودين دايما في إبداعك في إبداع حسن عبد العزيز صاحب الرسالة، هل بالفعل قلت كل حاجة يا صديقي؟! 


هل تعرفونه؟ 

هل تعرفون كل عشاق الوطن؟ لا اظن أننا نعرفهم ولا نعرف حسن عبد العزيز.. حسن العاشق للوطن الذي لم يتواني في كل لحظة أن يخاطر بعمله، أو مستقبل أولاده، أو بحياته من أجل أحلامه في وطن قوي، قادر، فاعل، عادل، يحترم الإنسان ويحقق أحلام البسطاء، 

حسن كان عاشقا لعمله مش مهم ها يكسب كام، ما دامت الفكرة جيده وهادفة لا يسأل حسن كم عائدها، ما كنت تجد حسن عبد العزيز إلا في عمل يستحق أن يقدم، أنا عارف أنك كنت أحيانا تدخل في شيفت فيه حاجة مش عاجباك بطبيعة العمل، بس كنت بتحلها بسرعة ويجي حد غيرك يكمل العمل، تعرف يا حسن هأقولك سر، متهيألي أني قلت لك قبل كده بس ها اكتبه هنا تاني لأني عارف أنك ما قلتش كل حاجة يا أبو علي

تعرف يا حسن في أول سنواتي في ماسبيرو كنت لما أشوفك ما أقدرش أروح أقولك أنا أسمي كذا وعايز أتعرف عليك، كنت بحسد زملائي المخرجين الكبار عشان يتشتغلوا معاك يا حسن، وأحيانا كنت اتلصص عليكم سواء في شغلكم أو في أحاديثكم، كنت بخاف منك وأحس أنك حاجة مختلفة في ماسبيرو، أفضل أبص عليك من بعيد أو قريب وأسمعك بتتكلم في الفن والفلسفة والساسية وأقول هو أنا ها اشتغل مع الراجل ده أمتى؟ وأمتى ممكن نبقى أصحاب، أعتقد قلت لك الكلام ده. 

حسن عاشق التاريخ وشخصياته وأحداثه، المحب المعارض لنقص أحبابه، الباحث عن وجه الحقيقة فقط، ليس متعصبا، ولا هجوميا كان يسمع للجميع، ويناقش في الوطن والمستقبل، لم يتخل عن فتح كتاب أو مقال أو بحث حتى آخر نفس في حياته، منذ أربعة أيام عمل أغنية (هي القيامة ها تقوم وإلا أيه) لحكيم.
 لا تستغربوا حسن ممكن يعمل حاجة كده أغنية لحكيم أو عصام كاريكا، أو أي أغنية كوميدي ويحولها لأعنية لحسن عبد العزيز والناس والمستقبل، قبلها كان عامل أغنية لوجيه عزيز أسمها أنا المصري، ودول كانوا آخر ما أنتج حسن قبل ما يقولوا لي : حسن مات يا علي 

حسن رفيقنا في وقفات مارس 2009 ثلاثة أيام أمام ماسبيرو من الثانية عشر حتى السابعة أو التاسعة مساءا، يقف حسن خلفنا جميعا نهتف يهتف، نطالب يدعمنا خلفنا جميعا، عصام سعيد، عبد اللطيف أو هميلة، هالة فهمي، سمية الشناوي، كلنا نطالب ونهتف، وحسن يساندنا من ظهورنا جميعا، يقف أمام الوزير أنس الفقي الوزير القوي المثقف ( فاكر يا حسن كنت بقول على أنس طاووس، لا نه كان مغرور جدا وكان قارئ ممتاز وتحس أنه شايف نفسه زيادة عن اللزوم، بعد كده بقينا أصحاب، تقدر تقول حبينا بعض، كنت دايما أقول له حسن عبد العزيز، ده جاحة نبيلة جدا) 

حسن لا يتواني في أي لحظة ستجدوه في صور مظاهرات ماسبيرو منذ عامين خلف هالة فهمي لا يتركها أبدا، رغم أنك لا تأخذ بالك من حسنن لكنه كان وجه الطمانينة لدينا جميعا، كمن مهنا يا صديقي ونحن نعد قانون نقابة الإذاعيين الاول بعد مظاهرات مارس.
 هذا القانون الذي صغناه في ستة أشهر من قبل يناير بعامين، وأغتالوا القانون وأغتالوا النقابة هؤلاء الواقفين على كل الأبواب، والمسارعون إلى كل المؤائد حتى صار من أسسوا القانون والنقابة في أولى خطواتها لم يصبحوا أعضاء فيها، تصدق يا حسن عاصم بكري مش عضو نقابة، أيو عاصم بكري هذا المخرج المبدع، والمذيع الواعي المثقف المعلم، وصاحب أهم أعمال في ماسبيرو في 35 عاما. 

فاكر يوم 28 يناير يا حسن 

حسن كان ساكن جنبي في الطوابق في فيصل، نزلت قبل الجمعة في اليوم ده كنت متأكد أني هلاقيك من غير من نتكلم في التليفون أو نتواعد، أنا عارف أنك استودعتك أولادك وبيتك على السلم زي ما أنا عملت أستودعت أحبابك كما فعلت لدي من لا تضيع عنده الودائع، كنت ماشي في الشارع مع حوالي خمسين شخص يا حسن.

 شفتك وسطهم ونزلت من الميكروباص، أيوه كنت ناوي على التحرير على طول، وبدأنا من الطوابق بالعدد ده ومشينا كل شارع لحد كوبري فيصل، وبدأت قوات الأمن يضربوا علينا رصاص مطاط وقنابل مسيلة للدموع، الناس اختل توازنها واستخبوا في الشوارع الجانبية، فاكر يا حسن هتافي انا وانت لوحدنا في مواجهة قوات الأمن (تقتل ميه تقتل آلف .. بكره ها تسقط مهما تلف) فاكر لما عساكر الأمن المركزي فتحوا الكوبري وجريوا والناس حاولت تضرب عسكري أمن مركزي وانت حوشت الناس عنه، وجبنا له ميه وعصير، يومها قلت للناس : ده غلبان زيكم 

تصدق فعلا يا حسن هو غلبان زينا، زيي وزيك يا صديق الأيام الصعبة الجميلة بأحلامنا وطموحنا في وطن أفضل، زيك يا حسن بحلمك الجميل المبهج، زي أغلبنا نحن الذي لم نحلم إلا بوطن كالاوطان القوية العالة التي نعيش فيها وأولادنا بأمال، ها أنت ياصديقي تغيب في تراب هذا الوطن تاركا أحلاما مهدرة خلفك لم يتحقق فيها شيء.
 ربما نمت حزينا أو مكتبئا فجاءك ملك الموت فاستسلمت له بعد أن تحمل قلبك اكثير منذ هذا اليوم 28 يناير علىكوبري قصر النيل والشمس تسير إلى الغروب ونحن نشاهد معا حريق مبنى الحزب الوطني الذي كنا نظنه أنها بداية الأحلام.

 
إذا بهذا اليوم يفتح كوابيس لا تنتهي علينا، وها أنا بعيدا عن هذا الوطن، لا أدري أن كنت سيواري جسدي ترابه بجوارك في أي بقعة في هذا التراب، أم سيكون نصيبي أن أسكن تراب هذا الوطن بحوار صديقك وصديقي وعشرة أحلامي وصبايا عبد الله النديم، 

إلى لقاء يا حسن يا أجمل أيامنا وأحلامنا، وطموحنا ولا تقول يا صديقي أنني لم أكتب كل ما لدينا ففي أيامنا الكثير من الأحلام والمواقف والأحداث ما لا يسعها كتابة، تعرف يا حسن أن ماسبيرو اللي انت خرجت منه بعد عام واحد من خروجي ها يكون وحش أوي من غيرك، واحيانا بقول الحمد لله هو ماسبيرو ها يكون شكله أيه من غير كل الذين خرجوا منه سواء إلى المعاش، و إلى تراب الوطن الذي يضمك الآن، وأنا بعيد .. بعيد .. يا صديقي، رجاءا أقروا الفاتحة على روح حسن عبد العزيز وتذكروا أنه عاش لأحلامكم ومات وقلبه ينزف من أجلها. 

NameE-MailNachricht