قل إنهم شيعة - إنعتهم بالرافضة - وأنا مثلك أعلم عنهم شططا كثيرا فى هذا المضمار
( لكن ) وبعد لكن كلام مهم يقال
فأظننى على وجه خاص أستطيع أن أتفهم فضلا عن أن أتقبل تفاصيل الكارثة التى قضي بها الرئيس الإيرانى ووزير خارجيته النابه وعدد من أبرز المسئولين الإيرانيين
نعم إنهم قضوا فى مروحية متواضعة ضيقة جلسوا فيها يتاخم أحدهم الآخر وهى طائرة تخلو من اى عنصر من عناصر الرفاهية ولا ترافقها طائرات حراسة أو معاونة ولا يصاحب هؤلاء جميعا فى رحلتهم أو حركتهم هذه المرة وكل مرة أى مظهر من مظاهر الإهاب التى اعتدناها تصاحب الوزراء والرؤساء
فقد
عشت فى طهران سنتين وعملت فى قناة العالم وقدمت أهم برامجها حينئذ برنامج ( من طهران ) وقابلت كبار الوزراء الإيرانيين وكان يأتى الوزير منهم إلى الاستوديو بلا حراسة وبلا طنطنة وبلا أية زخارف سلوكية متكلفة بل أذكر جيدا أننى قابلت اثنين من الوزراء ولاحظت كيف أن ياقة القميص الذى يرتدونه قد تهتكت على نحو بارز - ولما كثرت ملاحظاتى على هؤلاء المسئولين الكبار. سألت كيف ولماذا ؟ فكانت الإجابة إنه منهج الإمام الخمينى استمده من سيرة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم ومن فترة خلافة الإمام على عليه السلام ( هكذا قالوا ). والمنهج باختصار أنه لا يمكن أن يتولى واحد منهم منصبا رفيعا دون أن يعيش تفاصيل حياة المساكين حتى يفهم الجميع أن المناصب بحق تكليف تام يخلو من أى تشريف ( إلا النجاح فى آداء المهمة والرسالة )
والخمينى نفسه ورث من الشاه أعظم القصور ولكنه لم يسكن إلا فى حجرة ونصف فى واحد من أفقر الأحياء فى جنوب طهران ( منطقة الفقراء )
صدقونى أنا لا أسوق للحكومة الإسلامية فى إيران بل كان لى ملاحظات وتحفظات كثيرة عليها.ذكرتها فى كتابى (طهران الحقيقة ) لكننى أرى من واجبى أن أحكى تفاصيل عن واقعهم الذى يتحدث عنه الكثيرون دون أى علم أو معايشة فيجاوزون الحقيقة ظلما وكذبا
الرئيس الإيرانى ومن كانوا معه على متن المروحية قضوا بهذه السهولة لإنهم أبسط مما تتوقعون
لكن ( وكما كنت أتحدث هاتفيا مع صديقى العزيز محمود عبد السلام ) فإنهم فى المقابل آمنوا كثيرا بكينونة بلادهم وماضيها العريق وتاريخها الحافل واستطاعوا أن يروا أنفسهم كبارا فى العالم بحجم حضارتهم الفارسية والأكثر بحجم مساهماتهم العظيمة فى تاريخ الحضارة الإسلامية ومن ثم لم يروا الآخر الغربى أفضل منهم بل رأوه دائما أقل وأدنى وقرروا أن يجعلوا من بلادهم دولة قوية يهابها العالم الظالم
أعود وأكرر. بإننى لا أقوم بتسويق تجربتهم لكنها بالمقارنة ببلادنا العربية تبدو شامخة تبدو كريمة. تبدو واثقة
طهران قاب قوسين أو أدنى من القنبلة الذرية
طهران رابع دولة فى العالم فى أسطول الصواريخ
وطهران أيضا يضج قطاع عريض من شعبها إذ يرون أن حكامهم فرضوا عليهم ملفات إسلامية بامتياز هم لا يأبهون بها
لذا كان قدر حكامها منذ ١٩٧٩ أن يعيشوا فى تحديات عديدة فى الداخل والخارج وربما تختلف معهم بل وتناقضهم فى كثير من الخطط والأفكار لكن هذا لا ينبغى أبدا أن يجعلك تنسي أو بالأحرى تتناسى (( احترامهم الواجب ))