ليس هو عاشور نجيب محفوظ، ولا يمت له بأي صلة أو أي تشابه، فقط هو مجدر تشابه أسماء.
عاشورنا فني سكينة محله المختار بمحطة الكهرباء العمومية التي تتبعها كل مناطق وأراضي مصر المحروسة، تجلجل ضحكته طول الليل فيسمع صداها فوق جبل المقطم، وفوق سماء الاتحادية وفي الأراضي الواقعة خلف مدن ومنتجعات الجيل الرابع والخامس عشر.
عاشور هو رجل المقادير الذي توافق عليه المختلفون المتنازعون على كرسي السلطنة، قرروا جميعً أن يحملوه أوزارهم وأوزار من سبقوهم، وكانوا يتضاحكون وهم يحتفلون وسط الأضواء المبهرة بأنهم وجدوا "اللي يشيلوه الشيلة".
صار عاشور هو المسئول الأول والأخير عن أي انقطاع للكهرباء في أي بقعة من البلاد المصرية.
وصار عاشور هو السبب الذي جعل انجازنا الذي نفاخر به الأمم ونتيه به على كل قرى ونجوع الشرق الأدنى التي تنام في ظلماء حالكة، بينما ننعم نحن بنور الإله الساكن في كرسي السلطنة.
عاشورنا هو الناجي الوحيد من انقطاع الكهرباء، هو الذي يتحكم في السكينة، يرفعها فتنخفض الأنوار عند أقوام الدرجة الثانية والثالثة وما تحت الربع وبالقرب من مصنع الكراسي.
ويخفضها فتنعم حدائق الجولف وسهرات العلمين والأبراج الأيقونية لسطوع النور في كل جنباتها.
حين داهمته القوة المسئولة عن إنفاذ القانون، ومراقبة ساعات الانقطاع وجدوا حجرته القرمزية يتزين بأضخم نجفة في المنطقة، لا ينقطع عنها تور الشمس ولا يغيب عنها ضوء الكهرباء في أي ساعة من نهار أو ليل.
تم القبض عليه وايداعه السجن المركزي بصحارى سيتي المبني على آخر الطرز المعمارية التي تراعي حقوق الانسان والحيوان والنبات وحتى الجماد.
في التحقيق جاءه صوت لا يعرف هل من خلفه أم من أمامه صوب عينيه كشاف كهرائي بقوة ألف ألف وات وسمع السائل يصرخ فيه :
- كيف تقطع الكهرباء على الناس في هذه الأجواء التي تشبه جهنم بينما تظل أنت قس ساحة النور وراحة التكييف الذي تمرح فيه كيف تشاء؟
شعر أنه فقد نور عينيه حين عرضوا عليه برنامجًا بالتوقيتات المحددة لتنظيم انقطاع الكهرباء على راس كل ساعة قبلها بعشر وبعدها بعشر.
ساعتها قرر عاشور أن يرمي نفسه من شباك حجرة التحقيق لينزع منهم حجة إلقاء التهمة عليه، وتبرأة ساحتهم أمام الناس.
سقط عاشور على الأرض فتحطمت عظامه وظل ينظر إلى الأعلى وهو يتمتم بكلماته الأخيرة.
من يومها أطلق عليه الغلابة اسم عاشور الناجي اسم الله عليه..
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق