علي محمد علي يكتب : آن يارب آن


من قال أن رسائل الله وإشاراته توقفت عند آخر المرسلين ، أو بتوقف الوحي ، وأن الله لا يكترث بنا ، أقول له حسبك ، بل ويحك ، إن رسائل الله أزلية وبعمر الكون ، إن رسائل الله وإشاراته مستمرة إسنمرار البشر ، فهم المقصودون بالرسائل ، هم المكلفون دون غيرهم ، وإن الله يصطفي الطيبين ، ويختار بعنايته الربانية من يفهمها ويستقبلها ، هم أهل الله ، هم أحباب الله ، هم أولياء الله ، سمهم كما شئت ، أشهد يارب أنك موجود ، أشهد يارب أنك أنذرتني وأخصصتني برسالة شخصية ، منك يا عظيم  إلي أنا الذليل إليك  ، ياله من تكريم إلهي ، وتشريف لشخصي المتمرد الذي كاد أن يهوى في الضلال الفكري إلى الأبد ، كاد أن يسقط في هاوية العقل الظلامي حتى الهلاك كما ادعى وكان يعتقد ، شكرًا يارب ، شكرًا يا إلهي حتى الملتقى ، وصلتني يارب رسالتك وأعاهدك وأجدد معك عهدي على الإيمان المطلق بوحدانيتك ، وبكتبك ورسلك وملائكتك ، إني يارب ممنون لك ، الرسالة كانت قوية و واضحة وضوح الشمس ، الله كان يسألني أنا العبد الضال  ، أتدرون ماذا سألني ؟ الله قال لي : " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق}

وأنا قلت : ( آن يارب آن ) 

وقمت لتوي وقطعت كتابة ذلك المقال لما سمعت صوت آذان الفجر ، وكأني لأول مرة في عمري الخمسيني أتوضأ ، وكأني لأول مرة في عمري الخمسيني أصلي بهذا الخوف والخشوع ، رغم أني كنت يومًا ملتزمًا  ولا أقطع فريضة ، ولا أفوت سنة ، إلا أنني أعياني الفكر ، وإنحرف بي العقل بما رأيت وبما سمعت وبما قرأت من كتب وكتابات ، كنت هائمًا على وجهي كالبهيمة ، أغتر بعقلي المنمق والمنظم ، تاركًا روحي للهوى ، متنصلًا من أصلي المؤمن الطيب ، إن ما بين الفتنة واليقين لشعرة ، أوقعني حظي السيء فيها ، تكعبلت في تلك الشعرة ، إلى أن جاءني من الله ما جاءني ، جاءني المدد ، 

أتدرون أكتب لكم وأنا في حالة من الفرح لم أشعر بها منذ زمن ، أكتب أليكم وأنا راضٍ على ربي كل الرضا ، وأنا مستسلم لقضائه كل الاستسلام ، ومنذ قليل كنت أتحدث عنه بشكل غير لائق ، تعالى الله عما يصفون ، أنزهك ربي من كل نقص ، وأتوب إليك ، كنت أنا وصديق لي نتحدث عن أمور ، نسميها أنا وهو " إستنارة " وبعد رسالة ربي لي وتأكدي أنني المقصود ، أقولها بملئ في : ما كانت إستنارة ، كانت منتهى الظلامية ، منتهى الجحود والنكران ، كنا نغوص سويًا في الوحل واللاأخلاقية ، كنا  لا نقر بالمعلوم ، وبينما نحن في إستنارتنا المزعومة ، أرسل الله لي وأقول لي وليس لنا ، ومن يدري لعله لنا ، قطة سوداء ، نعم هي قطة سوداء شديدة السواد ،بعينان متوهجتان براقتان ، نعم والله العظيم هكذا رأيتها ، ثابتة في مكانها ، جاثية كجلسة الأسد ، تنظر إلي بوضوح لا أخطئه ، ولا يخطئني ، لقد إنخلع مني قلبي بمجرد رؤيتها ، لقد شل عقلي وتوقف عن التفكير  ، وارتعدت فرائسي ، لا يهمها صوت دراجتي البخارية العالي ، لا يهمها ضوء دراجتي المتوهج ، هي فقط واقفة لم تتحرك ولم تجري كسائر القطط ، في مكان مظلم شديد الظلام والسواد ، مكان سيء السمعة يتداول الناس عنه بعض حكايات الجن والعفاريت ، والتي لم نكن نؤمن بها كثيرًا ، أو نلتفت إليها ، وإنتظرت حتى أخذ صديقي متعلقات الصيد الخاصة به من على دراجتي ، كانت لحظات ثقيلة مرت علي أنا وصديقي ، تمنيت لو انشقت الأرض وابتلعتنا ، والله كان أهون علينا من حالة الفزع والرعب التي عشناها ، وبمجرد أن رأيتها وعيني وقعت على عينها ، حدث لي شيء غريب ، انتفض كل جسدي وإرتعد ، كما وقف كل شعر جسدي ، وأنا يحدث لي ذلك عندما أرى حدثًا جلل ، الغريب أنها إنتظرتني أنا ، قلت لصديقي إنتظر حتى أعبر وأمر بعيدًا عنها ، لكن صديقي نفسه خاف ورحل بمجرد أن أعطيته ظهري ، هكذا لن يحمل غيرك أوزارك ، لا إبن ولا صاحبة ولا صديق ، صدقت يارسول الله ، واجهت مصيري ، لكني وأنا عابر عليها وهي لم تحرك ساكنًا ، للمرة الثانية ، وجدت نفسي لا إراديًا أرفع قدمي اليسري تجاهها ، ولا إراديًا أقول؛  " الله " " الله " ما هذا ؟ ماذا حدث لي ؟ ماهذه القشعريرة من كائن ضعيف ، لكني مازلت على غروري وكبري , تحدثت بعدما فارقتها بمسافة وهدأ روعي قليلًا مع صديقي وسألته ، ما هذا ؟ ولماذا حدث معنا هذا ؟ ما هذه القطة ؟ وكانت المفاجأة !!! قال لي : إنها ليست قطة ، فنحن نعرف القطط ، قلت : ماذا إذن ؟ قال تلك رسالة ، ألا نتحدث فيما كنا نخوض فيه مرة ثانية , قلت : وفقًا للعقل هذا هراء , وسوف أثبت لك هذا في تحدي جديد ، قال كيف ؟ وما التحدي ؟ قلت : إن الموضوع مجرد صدفة ، كائن عادي مصاب ببعض التغيرات الجينية أو الفسيولوجية جعلته لا ينتبه للصوت والضوء , جعلته بليد التفاعل مع المؤثرات ، قال : لا أعتقد ، قلت :  سأثبت لك ، خذ هذا التحدي مني ، إن كانت رسالة كما تدعي فليظهرها لي من أرسلها ثانية ، حتى أخشع وأهتدي ، قال : كما تحب ، لكنه أيضًا قال شيئًا غريبًا ، قال : " سوف تظهر لك مرة أخرى " ، فقلت : لنرى أيها الدجال الخرف ، وبينما أنا سائر إلى حيث أقيم ، لا شيء طوال الطريق وهو معي على الهاتف ، حتى أني قابلت صديقًا مشترك وتحدثنا وهو مازال معي على الهاتف ، قلت له بعد أن ودعت الصديق الثالث : أين من أرسل القطة ؟ قال : لا أدري ، لا أدري ، لا أدري , وبينما أنا بيني وبين مقصدي أمتار ظهرت لي في منتصف الطريق بنفس اللون ونفس الجلسة ، ونفس الحجم ، ونفس العينان ، يالا الهول يالا هول المفاجأة ووقعها على نفسي ، كدت أنقلب بدراجتي وأنا أنظر للمرة الثالثة في عينها ، إلى أن تمالكت نفسي وأوقفت دراجتي بصعوبة ، أنا هنا أيقنت أن شيئًا غريبًا في قلبي قد حدث  ، ونظرت للخلف تجاهها ، أود التحدث معها وسؤالها ، لكني خشيت أن يتهمني بعض المارة بالجنون ، قلت ياإلهي  ، هل أنا في حلم أم علم ، سحقًا للعلم هنا ، وجدت نفسي رغمًا عني  أردد " آن يارب آن " ، إنها ليست جن كما ادعى صديقي ، أكاد أجزم أنها " ملك " ،  مشيت وأنا أطأطأ رأسي خجلًا من ربي ، وانتابني حالة من الفزع والخوف الشديد ، لازمتني حتى ذهبت بيتي وفتحت ياب شقتي والخوف يملأ قلبي ، أنا كنت خائفًا أن أراها داخل شقتي، وذهبت كالمجنون أبحث عنها في كل مكان داخل الشقة ، لكني لم أجدها ، الآن خسرت التحدي وكسبه الله ، الآن فهمت  ، فتوضأت وصليت ، وعاهدت ربي على الإخلاص ، الآن أعود لسيرتي الأولى ، الآن أعود إلى نفسي المطمئنة ، الآن أشهد أن لا إله إلا الله ، الآن أعلن أني أحبك يارب كما تحبني .

تعليقات