د. يحيى القزاز يكتب : إلى متى هذا البطش؟


تهون على المواطن حياته عندما تهدر كرامته، ويرى نفسه لا قيمة له في وطنه، على يد سلطة تهينه وتسجنه بل وتقتله، والمفترض أن تحميه وتدافع عنه أمام الخارجين على القانون، والمستقويين بالسلاح وبالسلطة. مآسينا اليومية صارت متكررة، والكتابة عنها مملة، ولا جديد فيها سوى اجترار الألم. غنى عن القول والتذكرة ما يفعله السادة ضباط الشرطة والجيش من إهانة للمواطنين، ومصادرة حقوقهم ومنعهم من السفر والتنقل، كما حدث ولغوا حجز السفر في القطارات، والإقامة في الفنادق للمواطن أحمد الطنطاوى (أتحدث عن حق المواطن الدستورى في حرية السفر والتنقل، وليس عن حق المرشح المحتمل للرئاسة). قبل المنع وبعده.

 مسلسل السادة الضباط مستمرا في اجهاض الحوامل ضربا، وترويع المواطنين، وقتلهم عنوة بلا سبب.. أخرها قتل مواطنة دهسا بالسيارة عن عمد أمام زوجها وأطفالها في مدينة "مدينتي"، وقتل شاب في مرسى مطروح بالرصاص. كل هذا يتم بفعل الضباط.. والمفترض أنهم أبناؤنا.. لا أعرف لماذا؟! مطلوب علماء من علم النفس وعلم الاجتماع يحللوا تلك الظاهرة؛ ظاهرة الاستقواء والتعالى والقتل. ويبقى ظهور مومياء الفنان إيمان البحر درويش بعد عامين من اختفائه لغزا يتطلب حلا.

 ظهور فيديو لأحد وجهاء مطروح يحذر السيسى من تكرار ظهور الإرهاب فى مطروح، لسوء تعامل الأجهزة الأمنية مع الأهالى كما حدث فى سيناء. تحذير مهم وأمين وفى وقته، أتمنى أن يؤخذ فى الحسبان، فالوقاية خير من العلاج، إن كان فى السلطة عقلاء حريصون على وحدة الشعب واستقلال الوطن. الإهمال يعنى الخيانة وضياع الدولة. مطروح مجتمع قبلى على الحدود الغربية. وصاحب الفيديو ركز على أنها محافظة حدودية وحذر من نشأة إرهاب الثأر مع الأمن. تأمين الحدود يعنى تأمين الوطن كله، الحدود منافذ الغزو ومصدر القلاقل.. فاحذروا. الوطن صار مكلوما بطيش أبنائه العسكريين وعدم تقديرهم للأمور.

حقوقنا مصادرة بلا ريب، وشبابنا في السجون، فما جدوى حياتنا؟!! السلطة ليست وحدها المسئولة عن ذلك بل كل من يشاركها، ويمشى فى دربها، ويقنن لها السوء بالصواب، ويروج الأكاذيب في الإعلام. السلطة لديها الجرأة والشجاعة في فعل ما تريد صراحة، ليتها تريحنا وتعلن الغاء الانتخابات الرئاسية لعدم القدرة المالية على الانفاق، والتجديد للرئيس لعدم وجود مواطنين فى قدراته وكفاءته يحبون الدولة ويخافون عليها.. بدأ البعض يروج لذلك. لا أظن أن أحدا منا يرفض بعدما رأى القتل بالرصاص لكل من يقلق ضابطا أو يحاوره أو يجاوره.

نحن (اقصد أنا) لا نعرف ما نريد، أو بالدقة لا نستطيع أن نحقق ما نريد، وفوهة البندقية مصوبة للقلب وللرأس، لكننا نعرف مالا نريد ولا مزيد، لا نريد حكم هذه السلطة الظالمة، لا نريد أن يحكمنا السيسى أكثر من مدتين. مدتين كفاية.

قد يظن البعض أن خطابى هذا يائس، كلا.. فاليأس موت إكلينيكى، وأنا مازلت حيا فاعلا، إنه الحزن على ما آلت إليه الأمور، والخوف على الدولة، ومحاولة تنبيه السلطة قبل فوات الآوان ..وقد فات، إن لم تستطع أن تنقذ الوطن –ولم تستطع- فلترحل بهدوء. لقد كنت من أوائل أنصار رأس هذه السلطة، فوجب على مواجهتها ومصارحتها عند الانحراف، فلست عبدا ولا بوقا لأحد، ولا أحزن عندما تنكل بى، ولو وضعتنى على حد المقصلة. هذا كان اختيارى، ولكل اختيار ثمن. التغيير واجب وقادم. أمامنا خياران -وليس في الوقت متسع-  إما الدولة أو السلطة.. فاختاروا.

#المقاومةهىالحل

تعليقات