لم يكن هذا مقالا للنشر، كان دردشة وجع، فيها صراحة ممزوجة بالمرارة. طلب من ادردش معه نشرها. ترددت، وخشيت ان يتهمنى بالجبن، ونقد السلطة ومجاملة من هم فى صفوف المعارضة التى يعتقد أننى واحد فيها. وافقت. اعتذر إن بدا لفظا خارجا منى رغما عنى، لكننى لا اعتذر عن رأى لم أشا إعلانه حفاظا على وحدة معارضة هم اول من يمزقونها.
الدردشة:
مش عارف الواحد يعمل ايه!
يبدو انه ولد هنا ليشقى، بالتعبير الدارج اقصد دماغه تضرب.
الظرف بدأ فيه معقولية؛ حركة بسبب الانتخابات الرئاسية المستحقة فى 2024، وبدلا من ان يتجمع الناس نفاجأ بعمل " التيار الحر" وهو نفسه فى الحركة المدنية التى دخلت الحوار الوطنى، ولم يفعلوا شيئا، وهذا خصما من حركة مدنية هى اصلا مخصومة من الواقع المعاش؟ طبعا لايمكن ان ينتصر اصحاب هذه التصرفات على سلطة مستبدة. ثم انهم قيادات بلا جنود. يعنى لو طلبت منهم حشد جماهيرهم لما وجدت ضعف عدد القيادات. انما هم أوضحوا هدفهم، انه تجمع يضم رجال اعمال يهتمون بالوضع الاقتصادى، اذن نحن امام تجمع رأسمالى بحت، يبحث عن حصته مع النظام فهى نفس السياسات الاقتصادية.. ربما يكون لوبى لهم يستخدمون اموالهم كوسيلة ضغط. نخب تتاجر بهموم الشعب البسيط، وتبحث عن مصالح خاصة لها.
ومع هذا يملكون جراة الحديث باسم الظرف الاقتصادى السيء، ونحن لانملك حق الرد عليهم وتفنيد مايقومون به لأن الظرف غير مناسب. غير مناسب لنا، ومناسب لهم. يبحثون عن مصالح اقتصادية لهم ونحن نصمت، لأننا لانريد فرقة.
انهم يدركون ان المعركة سياسية فى الأساس، لكن يغلفونها باقتصادية. من لا يجرؤ على الحديث بوضوح عن سوء السياسات ومصائبها فلا يجب ان يتحدث عن الاقتصاد. ساء الاقتصاد عندما ساءت السياسة.
الفرد منا يحرج ان بخوض فى هذا الحديث علنا حفاظا على وحدة صف هم لا يحافظون عليها، يستثمرونها لصالحهم. سيف الحياء من نقد المعارضة أشد قسوة واكثر حدة على رقابنا من سيف السلطة فى نقدها. يدعون انه تجمع سياسى فكرى ورجال اعمال.. حاجة غريبة.. إلى متى هذا العبث. مايردونه من اقتصاد حر هو نفس مايفعله النظام، فلماذا لايعلنون توافقهم مع النظام بوضوح. لقد تعبنا واتعبنا من يعملون بالسياسة. لذلك لم يعد الشعب يصدق احدا من العاملين بحقل السياسة. التيار الحر هل هو خصم من الحركة الوطنية أم إضافة؟! ومافائدته الآن؟! ولماذا يتشكل؟! أنا لا اهاجمه والله لكننى احاول ان افهم!!! يؤسفنى ان اقول ان غالبية احزاب المعارضة هم قيادات بلا جنود.
كيف يكون لدينا تيارات، ولا تيار يستطيع أن يوقف نزيف الوطن! هى أكلشيهات للبريق، وخطف الابصار، والحصول على حصة من قوت هذا الشعب. لماذا لاتدعو تلك الاحزاب قواعدها لنرى قوتها فى مواجهة السلطة؟! انه تيار الاقتصاد الحر.. تيار المال الذى لا يمكن ان يعمل بعيدا عن أمن السلطة ورضاها.
للاسف هم يعلمون ويعرفون اكثر منا أنها معركة سياسية ديمقراطية بين طرفين؛ الاستبداد القوى فى مواجهة الحق الضعيف. هذا يتطلب وحدة كل اطراف الحق فى الحشد لمعركة ديمقراطية خلف مرشح واحد، تكون هذه الكتلة هى الضامن الحقيقى لنزاهة الانتخابات. اما النداءات والتوسلات بطلب الضمانات من الخصم فلن تجدى ولن تحدث.. يغنون اغنية "هاتولى حبيبى" مش قادر يجيب حبببه عاوز الناس تجيبهوله.. طيب يقدر يحميه ازاى لو جابوهوله، ولايغنون " وما نيل المطالب بالتمنى / ولكن تؤخذ الدنيا غلابا / وما استعصى على قوم منال / إذا الإقدام كان لهم ركابا"
نخب بسوء تصرفاتها وتشرذمها تطيل فى عمر الاستبداد. يتشرذمون ويدعون انهم يتحدون لصالح الوطن. نحن لسنا فى حالة ليبرالية تسمح لكل حزب ان ينزل بمرشحيه، نحن فى معركة بالفعل لكنها معركة سياسية، تتطلب وحدة كل المعارضين للدفع بواحد كقائد ميدانى وهم جيشه الداعم. نخن فى معركة تحرير كرسى الرئاسة، ولسنا فى معركة ديمقراطية فى مناخ ليبرالى. لا ضمان لأى ضعيف لينافس القوى المستبد. منذ متى كان الخصم هو الحكم؟!! يستقر الوطن أولا وتبدو ملامح ديمقراطية حقيقية، ثم بعدها نبحث عن مصالحنا الخاصة. وتعمل كل جماعة لوبى خاص بها.
مع احترامى لكل من فى التيار، لكن مادفعنى لهذا هو مادفعهم لذاك، تيار يبحث عن مصالحه الاقتصادية فغالبية من فيه اصحاب رؤس اموال، بارك لهم الله فيها، لكنه ليس الظرف المناسب للإعلان. ثم ماهى الإضافة التى اضافوها للوطن؟! هم أضافوا لأنفسهم باستغلال ظرف دفع غيرهم ثمنه فى السجون وفى القبور. من حقهم ان يكونوا تيارا يخدم مصالحهم لكن بعد تحرير الوطن. الوطن محتل ولا يستطيع اى فرد فيه ان يتحرك بحرية. لدينا فرصة انتخابات رئاسية، يمكن استغلالها بطريقين، طريق عام يفيد الجميع وهو العمل الجماعى لتحرير كرسى الرئاسة من سلطة مغتصبة، او تحقيق مصالح خاصة باسم الانتخابات على حساب الوطن.
التيار الحر هو تيار رجال اعمال فى ثوب سياسى يسعى للاقتصاد الحر (وهذا يتوافق مع وضع النظام الحالى). اخشى ان تتحول هذه التجمعات لتحقيق مصالح اقتصادية.
يبقى السؤال المعقد وهو الأهم: لماذا يتشكل التيار الحر الآن من احزاب هى من مكونات الحركة المدنية؟ ومامعنى الإعلان عن مشاركة رجال اعمال فيه؟ هل هذا تجمع سياسى أم تكتل اقتصادى يسعى لتحقيق مصالحه؟ وهل هذا فى صالح الحركة الوطنية العامة أم فى صالح مصالح خاصة؟! هذا التمزق يمزق جسد الوطن، ويطيل عمر الاستبداد.
لا اهاجم احدا لكننى اعبر عن رأيى كما هم عبروا. الظرف صعب، والوطن ينكمش خوفا وجوعا، وشعب يموت على قارعة الطريق وفى السجون.. وننسى تحرير كرسى الرئاسة من مؤسسات الدولة العميقة الذى يتطلب عملا جماعيا، ونسعى لتكتلات الاقتصاد الحر فى شعب غير حر. الاقتصاد الحر هو ما اورثنا الفقر والذل الذى نحن فيه. لاعاش ولاكان من يذلنا ولا من يخدعنا. المعركة الانتخابية يجب استغلالها كمعركة سياسية سلمية لتحرير كرسى الرئاسة بضمان الكتلة السياسة وانصارها خلفها. من يبحث عن ضمانات سلطة من نفس السلطة او من خارجها فهو يبحث عن وهم.. عن سراب.. عن مبرر لعدم المشاركة ومد أجل الاستبداد. لن يمنح القوى جزءا من ملكه لضعيف ينافسه ويزيحه. عندما يضيق الحال على الشعوب، وتغلق كل الابواب، تثور الشعوب. ولدينا فرصة لثورة سلمية فى معركة سياسية من خلال الانتخابات، ان اتفق الجميع على خوضها، بضماناتهم هم، ووقوفهم هم، ودفاعهم عن حقهم الديمقراطى.
تفسد النظم الحاكمة وتستبد عندما تضعف المعارضة وتمالئ السلطة خوفا من بطشها أو توددا لمصالحها. ويضيع الوطن، تعبنا من الكلام، نخاف الكلام من السلطة، ونخافه من المعارضة، شيء محزن والناس تموت من الجوع والظلم.
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق