فكرت فأقدمت ..
ثم فكرت فأدبرت ..
ثم لم يكن بد من كل بد ، وعلي الله قصد السببل ..
هل يمكن للكلمة أن تكون دواء ؟ ، أم أنها بيت الداء خاصة في زمن الأوبئة المتفشية ؟ .
كالهشيم العائم علي سطح مائج ، تكسرت الآراء والأفكار ، بلا بوصلة حقيقية ، أو مجرد " ريح طيبة " تنفخ في الأشرعة ما يكفي كي ترسو السفينة علي اليابسة ، سواء أكانت أرضاً بحجم وطن ، أو مجرد جزيرة مؤقتة للراحة واستجماع القوة والإستعداد للإبجار في ظروف أكثر مناسبة ..
وبعد ....
لم يعلن الرئيس الحالي موقفه من الإنتخابات القادمة ، وإن كانت كل الشواهد تدل علي أنه سوف يكون أحد المرشحين – وإن لم يكن أولهم في توقيت الإعلان - ..
أعلن النائب السابق / أحمد طنطاوي عن نيته في الترشح وفق محددات معينة ...
أعلن السيد عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد أن الهيئة العليا في الوفد طالبته بالترشح ..دون أن يخفي دعمه الكامل للرئيس الحالي ( والمرشح المحتمل أيضاً ) ..
وربما سيعلن آخرون عن نيتهم قريباً ، وذلك علي كل حال ربما ارتهن أيضاً بما قد يشير إليه " الحوار السياسي " المنعقد حالياً من توجهات في إطار تعديلات لقانون مباشرة الحياة السياسية ، أو كيفية التعامل مع القواعد الدستورية الحاكمة ( خاصة تلك التي شهدت تعديلات مؤخراً ) .
ببدو من ظاهر الأمور أن الرئيس القادم هو الرئيس الحالي، إذا لم تطرأ متغيرات جذرية،ذلك يعني – في الظاهر أيضاً – أن أي ترشيحات منافسة لن تكون سوي زركشات تجميلية لصورة تم طبعها بالفعل ! ..
لا شك أن تلك النتيجة ترضي قطاعاً من الرأي العام المصري ، يجد أن مصالحه متحققة مع إستمرار النهج الحالي للحكم لمدة ست سنوات أخري .
قد يجد البعض في ذلك تأكيداً لمفهوم الإستقرار الأمني ، الذي يتحقق بسيادة مبدأ إستمرار الأمر الواقع ..
قد يكون ذلك غير مرضي لآخرين :
فهناك من يري أن نظام الحكم الحالي قد أخفق في تحقيق الحد الأدني من متطلبات العدالة الإجتماعية ، والإستقرار بمفهومه الإقتصادي والنفسي ،
هناك من لا يزال يري أن التعديلات الدستورية التي طرأت خاصة علي مد فترات الرئاسة ، قد اغتالت جوهر الإرادة الشعبية حول أهمية تداول السلطة في تعبيرها الأسمي في 25 يناير و 30 يونيو ،
هناك من يعتقد في النظرية الشعبية الخاصة بـ " تغيير العتبة " ، كوسيلة لتغيير الحظوظ إلي الأفضل ، دون أن يعني ذلك إنتقاص " العتبة القديمة " ، وإنما مجرد حدس شعبي بأن ما مر لا يجب أن يستمر ..
وهناك من لا يزال يصر علي أهمية حلول دولة مدنية ديمقراطية حديثة كي تنتقل مصر بضع خطوات إلي الأمام علي مثال دول أخري مرت بنفس ظروفنا ( مثل ماليزيا أو البرازيل ) ..
إذا افترضنا سلامة ونزاهة العملية الإنتخابية ( وهي مسألة نقاشية وعملياتية بإمتياز ) ، فأن التنافس سوي يجري في الواقع بين فكرة " المعتاد والمستقر والمألوف " وبين فكرة " التغير غير المحدد حتي الآن " ، وسوف يتحمل الرئيس الحالي ( إذا ترشح ) نتائج سياساته التي يعرف هو بوضوح – كما كرر أكثر من مرة – أنها لم تكن شعبية ، وبالتالي سوف يفقد عدداً كبيراً من الأصوات لصالح منافسيه ، وهو ما يطلق عليه " التصويت العقابي " ، ولكن يظل له مساحة تصويتية كبيرة بين أنصار فكرة المألوف والمستقر ( أو حزب الكنبة ) ، وأغلبهم من كبار السن أو المستفيدين من الوضع الحالي ، وهؤلاء قد لا يمثلون سوي 30 % من إجمالي الأصوات المؤهلة للتصويت ، ويمكن أن يضاف إليها حوالي 10% من أصوات لها صبغة دينية أو بمعني آخر تخشي من عودة حكم ذي صبغة دينية .
في هذه الحالة ، سوف يؤدي تعدد المرشحين الآخرين إلي توزع الأصوات " العقابية " أو حتي تلك التي تسعي بجدية إلي التغيير لأسباب موضوعية ، ولكنها في النهاية سوف تسفر عن وجود مرشح من بينها يدخل الإعادة مع المرشح السابق .
وإذا تدرجنا مع السياق السابق ، وبإفتراض صحته ، فأن فرص المرشح الآخر ( طنطاوي ، يمامة ، أو غيرهما ) الذي سيخوض الإعادة قد تكون كبيرة في إحراز المقعد الرئاسي ، لأن الأول لن تتغير نسبة التصويت لصالحه كثيراً ، بينما سيستفيد الآخر من كل الأصوات المعارضة والتي ستتجاوز في هذه الحالة نصف القوة التصويتية .
وقد يقول قائل أن ما تقدم لا يزيد عن بحث نظري لا يطابقه الواقع ، خاصة فيما يتعلق بنزاهة وحيدة العملية الإنتخابية ، وأن جهة الإدارة التي تضم قطاع واسع من المستفيدين ، سوف تتدخل بشكل خشن لفرض المرشح الذي تريده ، وأن ذلك من طبائع الأمور في مصر .
ويبقي بعد كل ذلك أن يكون لدينا جميعاً الإيمان بأن هذا الوطن يحتاج من كل مواطنيه أن يسهموا بإيجابية في أي فعل ديمقراطي ، وعلي كل حال علينا السعي أما النتائج فعلي الله ! .
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق