أصدر المخرج خالد يوسف تصريحاً يحمل كل دلائل الاستسهال والسلق والاستهتار أيضاً أنه أنفق وقتاً طويلاً في التحضير لمسسله سره الباتع الذي يعرض في موسمه الرمضاني الحالي وقال أن الوقت الذي قدمه للمسلسل كان يكفي لصنع خمسة أفلام!!!!!!!
فالمسلسل المستوحى من قصة قصيرة تحمل نفس الإسم للقاص المصري يوسف إدريس وقد عزم خالد متحدياً القواعد والأعراف والأصول أن يعالجها ويموضعها فيما يقارب العشرة ثيمات وخطوط درامية متأثراً بالمسوح الأسطوري والبطولي الذي يغطي شخصية حامد في القصة الادريسية كأن يضرب حامد بالعشرة انفار مع بعض مستريح دون أن يجد أي عائق أو مشكلة . فهل يا ترى نجح خالد أن يكون حامدا بسر جامد أو باتع كما نقرأ ونسمع ؟
الخط الفرنجاوي الشطانوفاوي
هو أكثر الخطوط تماسكاً وقوة رغم مواطن الضعف العديدة الظاهرة في الديكور والملابس واختيار الممثلين وتذبذب أدائهم واضطرابه حيث لا يصعد إلا مرات نادرة ثم سرعان ما يهبط إلى الحضيض لأسباب ترجع إلى غياب الثقافة العامة وعدم إدراكهم لما يقولون وكذلك عجزهم الواضح عن نطق اللهجة الريفية وكذلك أخطاء فادحة تتعلق بحشر مصطلحات لم تكن موجود على اللسان المصري منذ خمسينيات القرن الماضي فما بالك بنهايات القرن التاسع العشر !!!!!!
أفضل ممثل في هذا الخط هو أحمد السعدني وهو أفضل ممثل في المسلسل كله على الإطلاق
اسوأ ممثل هو الذي يقوم بدور حاكم الدلتا لا لأنه يحمل تقاسيم وملامح هندية تقريباً لكن لأسباب كثيرة أخرى واهمها عدم إحساسه أو فهمه لابعاد الشخصية.. كيف تنطق كيف تغضب وكذلك حركة الجسد ورياكشنات الوجه .. هذه شخصية عمدة وليس شخصية حاكم الدلتا الذي حمله نابليون أمانة الحكم في هذا الإقليم وعلى كل حال كل هذه الأمور مسؤولية المخرج .
الخط الاسطوري. سيدنا الحسين . ايزيس واوزوريس . أدهم الشرقاوي . وأخيراً حامد أبو سر جامد
حامد لا يضرب بالعشرة فقط بل له صولات وجولات يعجز الواحد عن عدها وذكرها فلقد قطع الفرنجة جسده بعدما عجزوا عن تقليم أظافره وخلع أنيابه وبتر أوصاله حيث قاموا بتوزيعه على بلاد كثيرة فلم يكن أمام أهل الدلتا إلا بتقمص شخصية ايزيس ودفنوا كل قطعة في بلد حسب الأسطورة الحامدية أو الاوزورية حيث جمعت ايزيس أشلاء زوجها اوزير من القطر المصري كله ثم دست طفلها حور أو حورس في أحراش البرلس إلى نهاية الأسطورة المصرية البديعة .
لم يكتف يوسف بتعميد حامد بطلاً على الغرار الاوزيري فكان من الضروري أن يجمله بالصبغة الصوفية ولم يكن أمامه طبعاً سوى الإمام الحسين رضي الله عنه الذي حارب جيشاً كامله بعدد صغير من الأطفال والنساء وبعض أهل بيته فكثيراً ما نسمع على لسان حامد أنه مستعد لحرب الفرنجة الكفرة لوحده وقام شيخ مجذوب بابلاغنا كما يفعل مذيع الاخبار أن حامد مات على نفس طريقة الحسين رضي الله عنه بتقطيع جسده أثناء القتال ورميه باكثر من سهم " طلقة رصاص " على يد أكثر من شخص . وهكذا !!!
على طريقة ادهم الشرقاوي وأثناء التقاء جيوش المماليك الظلمة بجيش الفرنجة قرر حامد أبو قلب جامد أن يسرق خيول تاجر شديد الثراء بحيث يمتطيها هو ونفر من أقرانه ليحولوا بين أهلهم الذين جندهم المماليك غصباً وبالقوة وبالفعل قام حامد بتنفيذ خطته وذهب إلى ذيل جيش المماليك أثناء اشتباكه مع الفرنجة وأمر بعودتهم إلى بلدتهم لأن هذه ليست عركتهم وهنا يظهر حامد برداء المخلص والمنقذ الذي أعاد خيول التاجر مرة أخرى إلى الاسطبل دون أن يفهم التاجر الاهبل !!! أن حامد هو الذي سرقها .. فيجب أن يكون الجميع عبيطاً حتى ينتهى حامد من بطولته كما سنرى في الخط القادم
الخط العمرو عبد الجليلي ورمي الافيهات عمال على بطال !
لم أر عصابة عبيطة في حياتي مثلما رأيت عصابة عمرو عبد الجليل التي تعمل لحساب مافيا فرنسية تهتم بمقام السلطان حامد أبو سر جامد لأنها تبحث عن كنر مدفون في مقام من مقاماته فلقد فشلت حتى نهاية نصف المسلسل تقريباً دون أن تعرف من الذي يقوم بالحفر في مقامات السلطان وكيف تجرؤ العصابة الهبلة على الإمساك بحامد الجديد ابن القرن الحادي والعشرين الذي يهتم بحكاية حامد القديم والحقيقة أن هذا هو الخط الأضعف في هذا المسلسل .. لا أجد سبباً وجيهاً في الاستعانة بأحمد فهمي في هذا الدور ولا أفهم عمرو عبد الجليل عندما يرمي افيهات كف أهل الفايسبوك عن قولها أو الإقدام عليها مثل التنكيت على الشعب المنوفي والبنهاوي أو رمي افيهات جنسية بين عمرو والمذيعة ذات التضاريس الاخناتونية التي اعتمدها الفنانون المصريون في زمن تل العمارنة .
ربما تكون الفكرة ممتازة وهي فعلا فكرة جميلة لكن يوسف لم يعالجها المعالجة الأمثل وبخل عليها بالوقت والجهد والأشخاص المتخصصين في مجالهم ولا أجد سببا لفشل هذا المسلسل أكثر من حشر كل هذا العدد من الثيمات والخيوط الدرامية لرجل قرر الكتابة لأول مرة و بمفرده على الطريقة الحامدية قرر أن يعالج ويكتب القصة والسيناريو والحوار . وطبعاً الإخراج الذي أردف يوسف في تصريحه إذا كان صحيحا أنه نفذه على الطريقة السينمائية والحقيقة أنه فعلاً نشعر في بعض من السينما في الحلقات الأولى لكن بعد الحلقة الثالثة حتى حلقة الأمس لم نجد أية سينما ولا حتى مسارح الهواة لأن الثيمات المحشورة كما قلت ضيعت المسلسل .