محمود الشيوي يكتب : خذ الكارتونة وأرقص


كل عام وانتم بخير بحلول شهر الصيام.. شهر الكرم والفضيلة.. شهر المغفرة والرحمة والعتق من النار..
واسمحوا لي إن أتقدم بتهنئة خاصة وحارة جدا أشبه بحرارة ظهر ايام أغسطس لكل إللي فازوا بكارتونة رمضان ورقصوا وأبدعوا في ستاد القاهرة المحرم علي جماهير مايطلقون عليها بكرة القدم..لقد عبروا ازمتهم الاقتصادية الطاحنة بسلام دون غيرهم أو بالأحرى لقد نجوا بكارتونة تكفيهم طوال الشهر الكريم لينعموا بالسعادة والدفء وراحة البال.. أما الذين لم يحالفهم الحظ في الرقص فلهم موائد الرحمن التي ستكون حافلة ولأول مرة بأرجل الفراخ..وكنت اتمني إن تضم الكارتونة كيسا مغلفا به عشر أرجل دجاج من أجل البروتين الذي يحتاجه الصائم إذا كان الفائزون بها أساسا سبق لهم الصوم..

والحقيقة موضوع الكارتونة مش جديد.. ولا اقصد بالطبع فيلم أبو كارتونة لإنه ليس كما يظن البعض إنه كوميدي وهلس ومجرد مضيعة للوقت.. لكنها كانت دراما اعتبرها من دراما التنبؤات.. فما أكثر الأعمال الدرامية التي كانت علي سبيل الفانتازيا ومع الأقدار والندوات تحولت إلي واقع مثلما حدث مع نكات الأمس جميعا والتي باتت أيضا واقعا.. ولكن إنها ليست المرة الأولي التي يتكالب فيها المصريون علي الكارتونة حتي تحولت إلي طقس من طقوسهم الحديثة علامة من علامات العصر..فاذا قررت إن تسعدهم عليك بالكرتونه ولك منهم كل الحب والرقص والتطبيل بل والسجود حاشا لله وشاهدنا ذلك كثيرا في الوقت الذي  يدعي فيه مثقفون المصطبة دائما إن المصريون متدينون بطبعهم.. ولا أعرف ماالمقصود من هذة المقولة وتفسيرها وكيف يمكن أن نراها في الواقع والحياة.. ما علينا.. إنت عليك بالكارتونة وسيب الباقي علينا..!!

طيب.. هل مسموح للعبد لله إن اسأل دعاة السلطان سؤال بريئا والله أعلم بما في داخلي..سؤال يزعجني بالفعل.. هل الكارتونة تعتبر صدقة..؟!؟

طيب..فرضا إن أحدهم قال وبعصبية لا طبعا إنها منحة..لا أحد يتصدق علي الراقصين من هذا الشعب العريق..انا مصدقك يا فضيلة الشيخ بس قولي مصدر المنحة..مجرد العلم فقط وليس الشك إطلاقا.. هل هي من رجال الأعمال ومن أولاد الحلال ومن صناديق مثلا مجهولة..؟..طيب لو هنعتبرها لامؤاخذة من رجال الأعمال تبقي من باب التبرعات اللي تخصم من الضرائب اللي هي من المفروض للشعب كله.. ؟.. طيب هنعتبرها تبرعات... أو مشيها تبرعات..هل التبرعات توزع بهذا الشكل وعلي طائفة المحظوظين بالحفل الراقص..؟!

واذا كنا نتحدث عن خمسة ملايين كارتونة واعتبرنا إن الكارتونة بحوالي 150 جنيه بعدما أصبحت زجاجة الزيت 700 جرام ب 58جنيها في ظل انتعاش إقتصادى غير مسبوق.. فنحن نتحدث عن قرابة المليار جنية تقريبا بغض النظر عن تكاليف حفل توزيع التبرعات علي الرعية والذي تردد إنه وصل إلي 100 مليون جنية..ولا أعلم هل هذا المبلغ أيضا من التبرعات وشامل الحفل من الألف للياء وما ادراك ماحرف الياء.. إذا كانت هذة الأرقام أقرب إلي الحد الأدنى من الصح فعليه العوض ومنه العوض..وسيسجل التاريخ إن هذا اليوم كان الرقص فيه باكثر من مليار ملطوش..

طيب.. 5 مليون كارتونة..والاستاد على حد علمي عندما كان لدينا دوري عام وكرة قدم وجماهير سعته لاتزيد عن 400 ألف مشاهد..يعني تقريبا حضر الحفل ما يقرب من 400 الف راقص وراقصة ومطبلاتي ومطبلاتيه.. طيب بقية الكاراتين فين؟.. مؤكد سيتم توزيعها علي بقية المحافظات أو استغلالها خلال الشهر الكريم لغرض راقص جديد.. ولكن مين اشتراها ومين اللي هيوزعها..ومين يقولنا إنها بالفعل 5 مليون كارتونة.. وهنا تكمن الحدوته الحقيقية..مين اللي عمل الكاراتين والبضاعة منين وهتتوزع إزاي.. يعني فيه تاجر في صفقة واحدة باع كراتين بمليار جنية.. آيوه.. وقبض فلوسها.. آيوه.. والفلوس دى تبرعات.. آيوه.. يعني التاجر هو اللي عمل الحفلة.. ربما.. أو وسيط للتاجر.. ولو مفهمتش حاجة يبقي نرجع من الأول وأنصحك تتفرج علي محمود عبد العزيز الشهير بأبو كارتونة.. واللي بين السطور للناس الشاطرة فقط.. اما اللي علي السطور.. أشكرك إنك قرأته..

وكل عام وانتم بخير ورمضان كريم وندعو الله أن يتم عليهم الشهر بالكارتون

تعليقات