سعيد تمساح يكتب : عُنق الزجاجة المُغلقة


لايختلف إثنان علي أن ثورة ٢٥ يناير بصرف النظر عن تقييمها من حيث الاداء والنتائج ، انها ازاحت الستار عن تراكمات ثقافية وعقائدية تكونت وتراكمت خلال أكثر من مائة عام داخل المجتمع المصرى ، نجح كل من نظام جمال عبد الناصر والسادات ومبارك في التعامل مع وتطويع هذه الهياكل والكيانات الاجتماعية التى تشكلت واخضاعها بكل الطرق والوسائل الأمنية والدينية تحت سيطرة وإدارة العسكر ، 

نجحت ثورة ٢٥ يناير في تهوية هذه التربة العفنة التى لم ترى الشمس والهواء علي مدى أكثر من سبعين عاما ، وأظهرت بوضوح أن الشعب المصرى ليس شعباً واحداً ولا تحكمه ثقافة أو قيم واحدة ولم يجتمع علي مر التاريخ علي ترتيب أولويات يمكن الاتفاق عليها والعمل من أجل تحقيقها والتضحية من أجلها ، وعودة لمشاهدة مسرح الاحداث بعد ثورة يناير وحتى الآن ( احد عشر عاما ) لم يتفير شئ ولم يتطور فكر وعقيدة المجتمع المصرى ولم يتعلم من التجارب المريرة التى عاشها ويعيشها الآن برغم بعض الدعوات من قلة قليلة مستنيرة بالمجتمع بضرورة الاتفاق علي عقد مواطنة ( دستور ) يضمن الحقوق والواجبات لكل المواطنين بصرف النظر عن الجنس والدين والمنصب ، حتى الآن يعيش المصريون حياة التيه والهذيان ولايبرحون مواقعهم نحو الاتفاق علي انقاذ هذا الوطن الذى أوشك علي الانهيار ، 

- مجموعة من أبناء ضحايا زوار الفجر والمعتقلين والمسجونين في عصر شمس بدران وصلاح نصر وعبد الحكيم عامر ،،،، وهؤلاء قد وصلوا الي مرحلة السلبية المميتة ويرون ان اي عمل يخص المستقبل لاطائل ولا فائدة منه ، فمصر هكذا ، وستظل هكذا ( قهر وصل الي درجة اليأس ) 

- مجموعة دينية ظهرت تحت بير السلم وظلت تنتشر وتتوغل وتتوغل وتنتشر عبر المساعدات الانسانية وتحفيظ القرآن والكتاتيب في القرى إنتظارا للحظة الانقضاض علي السلطة وتكوين دولة تمتد شرقا وغربا عبر تنظيم سرى يزعم انه سيحكم باسم الاسلام وبشرع الله ، ( هذه مجموعة مازالت موجودة من خلال اتباعها المنتشرين ، والذين تشكلت ثقافتهم وافكارهم علي ايدى شيوخ الاخوان الذين مازالوا يرون انهم المجموعة الوحيدة التى تمتلك الحكمة والقوة لادارة هذا البلد ) 

- مجموعة النازحين من الصحراء والذين مازالوا يدعون للخلافة ومجلس شورى من أهل الحل والعقد يتولون أمر ادارة البلاد والعباد من خلال نظام يطلقون عليه زورا وبهتاناً نظام الحكم الاسلامى ( الخلافة ) 

- مجموعة أبناء عصر مبارك والذين وُلدوا وعاشوا أكثر من ثلاثون عاما لم يشهدوا انتخابات حقيقية او تداول سلطة ولم يمارسوا السياسة علي الاطلاق باستثناء بعض الاحزاب التى صُنعت بواسطة فرد من أجل تحقيق اهداف شخصية ، 

( هذه المجموعة تحديدا والتى وصل متوسط اعمارها الان الي خمسة واربعون عاما هى مجموعة الناقمين الذين لايعرفون حقاً لماذا ومتى وكيف حدث كل هذا الخراب في الوطن ) 

- مجموعة مايطلق عليهم تيار اليسار ، وهذه المجموعة علي مدى اكثر من سبعين عاما لم تخرج عن بعض الصحفيين والكتاب والادباء والفنانين الذين لديهم رؤية واقعية لمستقبل هذا الوطن ، ظلت مجموعة اليسار تتقزم شيئا فشيئا بفعل الهجوم المزدوج الذى تعرضت له من قبل المجموعات الدينية المتحجرة وانظمة الحكم المتعاقبة سواء بالترغيب او الترهيب ،، 

كل هذه المجموعات المنعزلة والتى تدافع كل منها عن صحة وسلامة فكرها ومنهجها هى شعوب منعزلة لاتمت لبعضها بصلة سوى ربما صلة القرابة أو النسب او الجيرة ،، 

الشعب المصرى اصبح جزرا منعزلة يسهل تماما السيطرة عليها بأقل مجهود وربما بغفير واتنين عساكر ، ستجد دراويش ومهاويس الدين منشغلين بلباس المرأة وضرورة العودة الي الدين لحل مشكلة الطاقة في أوروبا والاحتباس الحرارى ومعالجة ثقب الاوزون من خلال أدعية مختارة للشيخ عبد الشكور البرعى ،، 

ستجد دراويش ومهاويس آخرين  مستعدين ان يفتحوا عليك النار اذا ذكرت اسم حسن البنا او سيد قطب او محمد بديع 

ستجد مهاويس ومجانين من اليسار والناصريين مستعدين ان يقاطعوك مدى الحياة اذا حاولت التشكيك في قياداتهم ، 

الخلاصة ،،، 

لن يصلح الله حال هذه البلد الا اذا صلُح العقل وصدقت النية واجتمع كل هؤلاء الفرقاء علي كلمة وهدف وقيمة واحدة 

هى الوطن 

التخلي عن الجهل فريضة من أجل انقاذ وطن بيضيع 

لاوقت للدفاع عن ايدولوجيات وهرتلات لاطائل منها سوى ضياع وطن بحجم مصر 

عارف يعنى ايه ضياع وطن !!؟ 

يعنى عيالك واحفادك ليس لهم مستقبل ، 

ستصببنا لعنات احفادنا في قبورنا ويقولون بكل ثقة 

يامن كنتم تعتقدون انكم حماة الدين ،، 

لقد ضيعتمونا ، عندما ضاع بينكم الوطن ! 

تعليقات