اهتمامى باسباب الزلازل يفوق اهتمامى بقوتها. قوتها حدث وقع دمر كثيرا ام لم يدمر هو مخرج صعب الاحتياط والتعامل معه، اما الاسباب فهى محاولة لمعرفة كيفية التعامل والاحتياط قبل الحدوث، ومصر حتى الآن مازالت فى آمان من خطورة الزلازل، لكن ابعد الأشياء عن الظن يكاد يكون اقربها للوقوع.
سجلت محطات الشبكة القومية لرصد الزلازل والتابعة للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر فى الساعة الواحدة ودقيقتين اليوم الاربعاء الموافق 22 مارس 2023 هزة ارضية بقوة 4 درجات على مقياس ريختر على عمق 10 كيلومتر، على بعد 17 كم شمال شرق أسوان، ونفى البيان حدوث اى خسائر فى الارواح والممتلكات، بينما ذكر المركز الأورومتوسطي لرصد الزلازل إن مصر تعرضت لزلزال على عمق واحد كيلو مترًا. لا اعرف سبب الفرق فى عمق الزلزال ومدى الدقة بين معهد مصر والمركز الأورومتوسطى، العمق له اهمية ودلالة.
الزلازل كالأمراض لها اعراض وأسباب. اعراضها الهزة واسبابها حركة مفاجئة نتيجة ضغوط تؤدى الى إطلاق الطاقة على شكل موجات زلزالية يمكن ان تحدث في أي مكان، لكنها أكثر شيوعاً على حواف الصفائح التكتونية؛ تباعدية يمثلها البحر الاحمر حيث تتباعد الصفيحة العربية عن الصفيحة الافريقية، وتصادمية بين اللوح الهندى مع اللوح اليوراسى (لوح اوربا واسيا) عند سلسلة جبال الهيمالايا، وانزلاقية كما فى صدع سان اندرياس بكالفورنيا بغرب امريكا الشمالية. وهى حواف مسجلة ومعروفة وموثقة على الخرائط الجيولوجية وتقع عليها احزمة الزلازل.
للزلازل طريقتان مرتبطتان عضويا للتعامل معها، الاولى وهى العرض: قياس شدة الزلزال لما له من آثار مدمرة على المجتمع فى الممتلكات والارواح. الثانية معرفة الأسباب. وهى فى العموم معروفة، أسباب طبيعية نتيجة لحركات الصفائح التكتونية (هى صفائح صلبة كبيرة وصغيرة تتكون من الطبقة الخارجية لسطح الأرض المسماة بالغلاف الصخري الذى يعلو الغلاف المائع "الأسينوسفير"، وفيه طبقة من الصخور المنصهرة التي تسبب حركة انصهارها تحرك الصفائح التكتونية)، وتسبب حركتها فوق الصخور المنصهرة الزلازل وتشكل معالم سطح الأرض). وأسباب صناعية نتيجة للنشاط البشرى، وهى من صنع الإنسان مثل التفجيرات وانشاء بحيرات صناعية والتوسع في عمليات الحفر، ضخ سائل الحفر بقوة يؤثر على الصدوع التحتية يؤدى إلى الإخلال بتوازن القوى الضاغطة على القشرة الأرضية فتحدث هزات أرضية محسوسة.
نظرا لخطورة الزلازل بغض النظر عن صعفها او قوتها- تسارع الهيئات المتخصصة بدراسة الأسباب فهى اساس العلة. وفى مصر نصدر بيانات عن قوة الزلزال وتاثيره على الأرواح والممتلكات فقط. ولا يتعرضون للأسباب. والاسباب هى المهمة للحيطة والاحتياط والحذر وكيفية التعامل مع الزلازل، ولا يجب الاستهانة بالزلازل مهما كانت ضعيغة. نحن لا ندعو للخوف وانما للحذر وكيفية الوقاية وتقليل الخسائر لاقدر الله. هذا عمل يحتاج الى جيولوجيين متخصصبن بالإضافة إلى الجيوفيزيقين. لكن المشكلة فى بلادنا ان الجهات والمراكز والمعاهد البحثية هى جزر منعزلة، تعمل منفردة ولا تتكامل مع غيرها فى تخصصات تنقصها. ولا اعرف ان كان معهد العلوم الجيوفيزيقية بمصر به جيولوجيين متخصصين ام كله جيوفيزيقين. مصر بحاجة لعمل خريطة جيولوجية تركيبية تفصيلية كما فى كل دول العالم. كان هذا العمل من صميم هيئة المساحة الجيولوجية التى ألغى دورها فى التخريط فى 2004 وغيروا اسمها واصبحت خاوية على عروشها. أكرر معرفة اسباب زلازل مصر مهمة جدا لنحتاط لها ونعرف كيف نتعامل معها. اخطر شيء ان نتعامل مع عرض المرض ونترك أسبابه.
يحضرنى هنا وقوع زلزال "بوهانج" بكوريا الجنوبية بقوة 5.4 على مقياس ريختر في 2017 لم يكتفوا بإعلان قوته، لكنهم بحثوا أسبابه، واتضح أنه نتيجة نشاط بشرى بالتوسع في عمليات الحفر بمشروع توليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الجوفية، وكان لضخ سائل الحفر بقوة تأثير على الصدوع التحتية أدى إلى الإخلال بتوازن القوى الضاغطة على القشرة الأرضية فحدث الزلزال. هذا يعنى التعامل بحذر مع الصدوع لاستخراج الثروات الطبيعية.
مازالت لدينا مشكلة جوهرية فى مصر فى عدم معرفة أسباب الزلازل، ويعزوها معهد الزلازل إلى تأثير تتابع زلازل بعيدة أو يكتفى بذكر قوة الزلزال دون معرفة سببه او احتمالية سببه. لكى تتمكن المعاهد البحثية من أداء دورها فهى بحاجة إلى ميزانيات تؤدى إلى بحث علمى جيد. لدينا كوادر علمية ممتازة ينقصها الإمكانيات العملية لنقص التمويل. البحث العلمى هو غذاء الوطن ليقف على قدميه شابا فتيا كما يحتاج الإنسان إلى الطعام والشراب ليعيش بصحة جيدة.
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق