JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Accueil

ترجمة : هدف السيسي : يحصل الأغنياء على منازل فاخرة وتنقلات سريعة يخشى الفقراء النزوح


ترجمة
د. ممدوح قليد 

مقال : مجلةً الايكونوميست


للحكم عليه من خلال ما نراه على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر  عبد الفتاح السيسي كما لو كان رئيسا لعمال (بناء)

ويقضي الجنرال المصري الذي تحول إلى رئيس، والذي استولى على السلطة في انقلاب عام ٢٠١٣  وقتا لا بأس به في مواقع البناء، ويبحث في (الرسومات) و المخططات ويتحدث دائما  مع رجالا يرتدون خوذ صلبة للحماية.

في ٢٨ فبراير استقل السيسي طائرة لإلقاء نظرة شاملة على العاصمة الجديدة الشاسعة التي ترتفع (مبانيها) في الصحراء الشرقية. لا يزال المشروع الذي تبلغ تكلفته  ٥٨ مليار دولار موقعا للبناء. لكن بعد سنوات من التأخير، تأمل الحكومة في البدء في نقل موظفي الخدمة المدنية هذا الشهر.

السيسي ليس أول زعيم حديث يبني عاصمة جديدة. وقد انتقلت الحكومات في ميانمار والبرازيل وباكستان، من بين دول أخرى، إلى مواقع جديدة.

 كان أسلافه من الفراعنة مغرمين بنقل عواصمهم أيضا. لكن طموحاته تتجاوز إنشاء مجرد مركز إداري جديد. إنه يبني مدنا جديدة على الساحل الشمالي ويدمر أجزاء (بعضها تاريخية) من القاهرة القديمة لاتاحة حيز للطرق السريعة والمجتمعات المبنية لهذا الغرض. تم نقل الآلاف من المصريين من منازلهم لاماكن اخرى وقد يتبعهم ملايين آخرون قريبا.

إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، تأمل الحكومة في إعادة تشكيل النسيج الحضري للبلاد. لكنها تفعل ذلك بطريقة تعبر عن فهم الرجل العسكري للمدن: ليس كأماكن طبيعية فوضوية عضوية حيث يعيش الناس ولكن كمساحات منظمة وعملية تسكنها مجموعات متشابهة في التفكير ومزدهرة في الغالب (الاصطفاف !!).

لا أحد يشك بالطبع  أن القاهرة بحاجة ملحة إلى إصلاح شامل حيث يعيش حوالي ثلثي القاهريين في مساكن عشوائية رديئة. قدر البنك الدولي في عام ٢٠١٢ أن حركة المرور المستمرة في القاهرة تكلف فقد يصل ل ٤٪؜ في صورة انتاجية ضائعة او مفقودة و وقود مهدر. وجدت دراسة أجرتها جامعة القاهرة في عام ٢٠١٦ أن مستويات الضوضاء في بعض الأحياء السكنية بلغت حوالي ٨٠ ديسيبل كما لو كنت تعيش في مصنع!.

تم تصميم العاصمة الجديدة ل ٦.٥ مليون شخص ، و من المفترض أنها ستخلو من المشاكل (التي تعاني منها المدن المزدحمة مثل القاهرة). بدلا من الجسور المسدودة (المختنقة بالكثافة المرورية)  والأزقة الضيقة ، ستتمتع بل وتفتخر العاصمة الجديدة بشوارع واسعة تصطف على جانبيها الأشجار. ويأمل المسؤولون أن تنقل الشركات الكبرى مكاتبها إلى المنطقة التجارية مخطط لها.

مشروعات مماثلة تحدث ايضا على الساحل الشمالي. يطلق السكان المحليون على الإسكندرية اسم "عروس البحر الأبيض المتوسط" ، لكن عقودا من النمو العشوائي و التنمية الجامحة أفسدت مكانتها. يريد نظام السيسي جذب طبقة معينة (ترغب في مساكن ومكاتب ترى البحر). 

يمكن أن تكون المباني الشاهقة المخطط لها في العلمين الجديدة غرب الإسكندرية بمثابة عاصمة صيفية. إلى الشرق يمكنك تخيل مدينة المنصورة الجديدة التي تبلغ  تكلفتها ٤ مليارات دولار و هى عبارة عن نمط من الجزر الاصطناعية تمتد (تنحني) في البحر.

 يهدف مشروع آخر بالقرب من بورسعيد إلى  جذب مليون شاب و بعض رجال الأعمال.

الكثير من هذا يستهدف النخبة فقط إذ أسعار الشقق في العلمين الجديدة إلى ملايين الجنيهات، مما يفوق قدرة معظم المصريين. في مجمع بدر للإسكان العام في العاصمة الجديدة، يمكن لموظفي الدولة شراء شقة بأسعار مخفضة مقابل ٤٥٠.٠٠٠ جنيه (٢٨.٦٥٠ دولار)، أي ما يوازي ١٤ عاما من العمل بأجر لا يزيد عن الحد الأدنى للأجور في القطاع العام. (أولئك الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الانتقال  و شراء أو استئجار سيحصلون على بدل انتقال).

يعتقد بعض المطورين (العقاريين) أن الأثرياء قد لا يكون لديهم قريبا سبب وجيه لزيارة القاهرة على الإطلاق ، باستثناء الزيارات العائلية.  تبعد الضواحي الواقعة على الجهة الغربية من القاهرة والتي تحمل أسماء (أجنبية)  مثل بالم هيلز و دريم لاند عن وسط القاهرة حوالي ٢٥ كيلومترا، وهي مسافة يمكن أن تستغرق أكثر من ساعة حسب حالة أو  حركة المرور.

 تقع العاصمة الجديدة على بعد ٧٠ كم ، ولكن يمكن لسائقي السيارات الوصول  إليها في وقت معقول على الطرق السريعة المبنية حديثا. 

يقول أحد المديرين التنفيذيين: "إن التنقل أبعد من ناحية المسافة بثلاث مرات (من الموقع القديم)  ، لكنه قد لا يستغرق وقتا أطول".

تأتي الطرق الجديدة على حساب السكان - الأحياء والأموات. في مصر الجديدة، وهي منطقة للطبقة المتوسطة، تم اقتلاع آلاف الأشجار لتوسيع الطرق. قد تقوم السلطات أيضا بتجريف أجزاء من مدينة الموتى في القاهرة، وهي مقبرة عمرها قرون وموقع تراث عالمي لليونسكو، لإفساح المجال لطريق سريع.

إن صب الكثير من الخرسانة يساعد السيسي على ترسيخ صورته كرجل ينجز الأمور. اللوحات الإعلانية على الطرق السريعة الجديدة تمجد "ثماني سنوات من الإنجازات". لكنه يساعد أيضا في تعزيز سيطرته. وتوصف العديد من مدنه الجديدة بأنها "ذكية"، في إشارة ليس فقط إلى الخدمات ولكن إلى المراقبة. فعلى سبيل المثال، ستراقب ما يقدر بنحو ٦٠٠٠ كاميرا شوارع العاصمة الجديدة. يشبهها أحد الناشطين بالعاصمة الخيالية في مسلسل Hunger Games  "ألعاب الجوع".

وتقول الحكومة إن كل هذا سيحول مصر لبلد  ذو إسكان أفضل، وتنقل أسرع، ومدن أقل إرهاقا. لكن هذا قد يكون صحيحا فقط بالنسبة لأقلية صغيرة فقط.

يعمل حوالي ثلثي المصريين في وظائف غير رسمية غير مستقرة ومنخفضة الأجر. لا يمكنهم تحمل تكاليف السيارات للتحرك على طول الطرق السريعة الجديدة ، ناهيك عن المنازل الجديدة الفاخرة. ويخشى الكثير منهم أن يتم تهجيرهم بسبب (حمى) البناء الكثيف أو قد يتم نسيانهم بينما يستمر نزوح الأثرياء (إلى المدن الفاخرة).

تم مؤخرا نقل سكان "مثلث ماسبيرو"، وهو حي فقير (عشوائي)  يقع خلف مبنى التلفزيون الحكومي في وسط المدينة، لإفساح المجال أمام مشروع فاخر متعدد الاستخدامات. تم إرسال بعض السكان إلى منطقة جديدة قاتمة في ضواحي المدينة. وحصل آخرون على دفعات مالية و لكنهم يقولون إن ذلك لم يكن كافيا لشراء شقق في حيهم السابق (بعد إعادة بنائه).

المنطقة الآن هي موقع بناء مترامي الأطراف. في شارع مزدحم بجواره، يشير شاب يبيع قمصانا إلى اللافتة فوق بضاعته مناديا: أي شيء ب ٣٥ ( أكثر قليلا من دولار واحد) و يقول: "إذا قمت ببيع كل واحد من هذه القمصان" ، قبل أن يشير إلى المباني الشاهقة التي تنتشر خلفه ، "لا يمكنني تحمل تكلفة واحدة (يقصد شقة) من هؤلاء". 



NomE-mailMessage