نصر القفاص يكتب : "عيلة مدبولى افندى"!!


قبل "ثورة 25 يناير" بشهور.. كنت أقف فى بهو "فندق فلسطين" واقترب منى المدير.. وطلب منى أن أذهب معه إلى الدكتور "أحمد نظيف" رئيس الوزراء.. أوضح لى أنه: "شاهدك وطلب أن يتعرف عليك".. إتجهت بنظرى نحوه وجدته يبتسم, لحظة أن تحركت فى اتجاهه.. صافحته وأحسن استقبالى فى هدوء.. ثم سألنى "إيه حكاية عيلة نظيف أفندى"؟! أدركت ما يقصد لأننى كنت أتناول حكومته بهذا الوصف مرارا فى مقالاتى بجريدة "المصرى اليوم".. لذلك ضحكت وقلت له أنه أسلوبى فى حدود "النقد المباح" متمنيا ألا يغضب من ذلك.. فإذا به يرد قائلا "بالعكس.. لكننى أريد أن أفهم سر هذا الوصف"!! ولما كنت قد شعرت أن الأجواء ودية, وأن الرجل يداعبنى ولا يحاسبنى.. فقد قلت له: "تقدر تقاضينى لأنى سرقت حقوق الملكية الفكرية لمسلسل إذاعى قصير كان اسمه.. عيلة مرزوق افندى" لينفجر الرجل ضاحكا.. وراح يداعبنى أكثر ويحدثنى عن وزارته وإنجازاتها, مع تكرار لذكر اسم الرئيس – مبارك – وتسجيل تقديره لدور ابنه – جمال مبارك – وتمنى لى أجازة سعيدة, وانصرفت!!

عدت لأكتب مقالا أنتقد فيه "عيلة نظيف افندرى" مطمئنا!!

تذكرت الواقعة لأننى عشت سنوات أصبح فيها "النقد" جريمة.. بل خيانة.. تستوجب "شرشحة" كل من يحاول أن يمارس هذا الحق.. عشت لأتابع "الكلاب المسعورة" تنهش لحم وعرض كل من لا يرضى عنه الرئيس وحكومته.. والذين لا تروعهم "الكلاب المسعورة" يتم تأديبهم بطرق أخرى!! فنحن سمعنا أن "صفوان ثابت" رجل الأعمال إرهابى.. قالوا لنا أنه أحد قيادات "الجماعة المحظورة" وسجنوه.. ثم فوجئنا بالإفراج عنه مع ابنه.. لم نعرف لماذا سجنوه؟! ولا سر الإفراج عنه!! تابعنا عزل المستشار "هشام جنينة" ثم الاعتداء عليه قبل سجنه.. ثم شهدنا الإفراج عنه, وليالى الاحتفال بخروجه من السجن.. دون تعليق من الذين "شرشحوه" وتولوا تشويه سمعته!! حدث ذلك فى لحظة عودة المهندس "ممدوح حمزة" لأرض الوطن وسط حفاوة مدهشة.. دون أدنى تفسير لأسباب فرض الغياب عليه, ولا سبب الصمت على عودته مرفوع الرأس!!

فى زمن "عيلة نظيف افندى" كنا ننتقد ويداعبنا الذين ننتقدهم!!

أصبحنا فى زمن "حكومة هز الرأس" نخشى أن نسأل عن سبب الجحيم الذى يعيشه الشعب.. فهذه حكومة جلدت شعبا بأكمله "بكرباج" الضرائب والرسوم.. حرقت أحلامهم بنيران أسعار, يتم إضافة المزيد من "البنزين" عليها.. غير مسموح لنا أن نعرف من الحكومة ما حدث ويحدث فى ملف "سد النهضة" الذى قد لا تكون هى نفسها تعرف عنه شيئا!! تتجاهل الحكومة أسئلة الناس عن "الديون" وتفاقمها ربما لثقتها فى أن الشعب يدرك خطورة هذه الأسئلة.. تستمتع الحكومة بأن برلمانا لا يستطيع أن يسألها.. وإعلاما لا يقدر على تناولها بغير تقديس لوزرائها وكبيرهم.. فهى حكومة تملك "أجهزة إرسال" فقط ولا تعترف بأنه هناك "أجهزة استقبال" بعد أن أصبحت رجس من عمل الشيطان!!

فى زمن "حكومة هز الرأس" علينا بين الحين والآخر أن نسمع "كبيرهم" يحاضرنا فيما أنجزته من مشروعات تسميها "قومية كبرى" حتى لو كان الثمن أن يأكل الناس "أرجل الفراخ".. وتتجاهل صراخ الفقراء والأكثر فقرا, مع أنهم أصبحوا أغلبية ساحقة.. لأن الحكومة لا يهمها غير رضى الرئيس, وهو راض عنها.. وعلى الشعب تجويد الصبر والصمت, مقابل الأمن والاستقرار.. وإذا عرفت الحكومة حكاية سرقة مكتب بريد دمياط.. أو "اللص الشريف" الذى سرق ليوزع على الفقراء, فهى تمتعض أو تضحك!!

كنا نرى فى "عيلة نظيف افندى" عنوانا للفساد.. كانت كذلك!!

إعتقدت "حكومة هز الرأس" أن الشعب هو الرئيس.. وطالما أن الرئيس راض عنها, فالشعب يباركها وينحنى لها تقديرا واحتراما.. وكم كان مفزعا أن "كبيرهم" أعلن قبل أيام أنه لا سبيل أمامنا غير "تحلية مياه البحر" فى إشارة لصرف النظر عن حكاية "سد النهضة".. ثم جاء بعدها الرئيس ليعلن إضافة 600 أو 700 ألف فدان للرقعة الزراعية فى سيناء.. كيف؟! لا تسأل ولا تجادل, إذا لم تكن قد عرفت شيئا عن المعالجة الثلاثية لمصرف "بحر البقر" الذى أصبح عنوانا لمستقبل غامض.. بعد أن كان عنوانا لجريمة قتل ارتكبتها إسرائيل ضد أطفالنا!!

عشرات.. بل مئات الأسئلة التى يمكن أن نطرحها على "حكومة هز الرأس" التى لا تملك غير إجابات سابقة التجهيز يجيد "كبيرهم" قراءتها علينا.. وخلف الحكومة مئات من "حضرات السادة النواب" الذين يقدمون أحيانا فقرات كوميدية من المحاسبة لوزراء يبدعون فى آداء أدوارهم!! وإذا كنت قد انزلقت إلى وصف "حكومة هز الرأس" بما أصبح معلوما بالضرورة.. أرجو أن يغفروا لى معصيتى, ويقبلوا توبتى وأننى ذهبت إلى ذلك حتى لا أقول "عيلة مدبولى افندى"!!

تعليقات