تحل اليوم الذكرى الثانية عشرة لثورة 25 يناير بينما تتصارع عليها رؤيتان متناقضتان، الأولى متعجلة ومغرضة تريد أن تهيل ركاما ثقيلا على إرادة التغيير إلى الأفضل التي انعقدت للأمة المصرية في لحظة فارقة. وراح أصحاب هذه الرؤية ينعتون الثورة بالمؤامرة، مستغلين مشهداً جانبياً معزولاً، سمح لهم بتوظيفه في دعاية سوداء مسمومة بغية أن يفقد الشعب الثقة في نفسه، ويتخلى عن رغبته في الانتقال إلى وضع يليق به، ويرضي من الغنيمة بالإياب، وينسى ما قدمه من تضحيات.
الرابع هو قوى إقليمية رأت أن التغيير الجذري في مصر يهدد نظمها واستقرار بلدانها، من منطلق اقتناع أوجدته حكمة التاريخ ومعطياته يقول إن مصر إن تغيرت تغير العالم العربي، بل الشرق الأوسط برمته.
الخامس هي القوى الدولية، ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، التي اعترفت على لسان كبار مسئوليها بأن الثورة المصرية قد فاجأتها وسارعت إلى بناء شبكة علاقات وأنماط تحالف تحافظ على مصالحها، ولم يكن هذا التوجه في جوهرة إلا المساعدة في استعادة النظام الذي كان تتعامل معه كصديق أو حليف، أو البحث عن بديل آمن للمصالح الأمريكية، وهنا ظهر التقارب مع الإخوان والتعويل عليهم.
الطرف السادس فيتمثل في الانتهازيين من الثوار أو ثوار ما بعد الثورة، أولئك الذين سارعوا إلى تكوين ائتلافات لا يجمع بينها ناظم حقيقي، وبعض القائمين عليها كان همهم الأساسي هو استغلال المد الثوري في اقتناص المنافع الشخصية، وكان من بينهم أناس على علاقة قوية بالنظام الذي قامت ضده الثورة، بل إن بعضهم كان يقع في قلبه، لكنه قفز من السفينة في الوقت المناسب.
الطرف السابع هو القوى السياسية الحزبية التقليدية التي كانت تعيش على الفتات المتاح من نظام مبارك، وترضى بالهامش البارد الذي تم رسمه لها، ووجدت في الثورة ما يهدد وجودها ومصالحها، فجارتها ونافقتها في العلن، مظهرة تأييدها لها، ولعنها في السر، ثم سعت إلى إجهاضها، بالتواطؤ مع كل الأطراف التي عملت في هذا الاتجاه.
أعتقد أن الثورة المصرية، التي انفتح قوسها الأول في 25 يناير 2011 ولم ينغلق بعد، تمتلك قوة دفع داخلية كامنة، تتمثل في رغبة شعبية متسعة في تحسن الأوضاع، وتغير الأحوال إلى الأفضل في المجالات كافة، وستكون لها الكلمة العليا في نهاية المطاف، ولو بعد زمن