JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Accueil

محمد فهيم يكتب : بيع ياحسانين

حفر قناة السويس 
بينما كان يفك حسرة خلف دوار العمدة متخفيا من أن تطاله العيون، سمع صوت جرس يهدر قادما من حجرة التليفون. قطع حسرته وركض سريعا تاركا البول يغطي لباسه الدمور، ويصل إلى بلغته المهترئة فيملأ إحداها ويُغرق الأخرى.

التقط الغفير حسانين السماعة، بينما شنبه المتدلي يكاد يطير من شدة زفيره المتقطع، قائلا: أيوة يا فندم، حاضر، حاضر يافندم، باكتب أهو يابيه، كدة 7 يا فندم، فاهم يابيه هبلّغ العمدة.. وأغلق الهاتف سريعا، ثم عاود التقاط السماعة ليتأكد من أنه لا يوجد أحد على خط الهاتف.

جرى سريعا نحو شيخ الغفر، لكنه تذكر ما أصابه من بلل وما يحمله من رائحة، ومع ذلك قرر أن ينفذ الأمر الميري بإبلاغ العمدة فورا بأسماء المطلوبين من مديرية الشرقية لترحيلهم إلى أرض بورسعيد، هناك قرب البحر الأبيض لحفر قناة السويس.

جرى مجددا نحو الباب، فانزلقت قدماه من البلغة المبتلة فانكفأ على وجهه، الذي علاه الطين المخلوط بالتراب والدم المتدفق من أنفه وفمه.

قال لنفسه: ليلتك سودة يا حسانين، اخلص بسرعة وبلغ الإشارة ياولا، وشوية وتخلص خدمتك وتجري على خمارة سكران، وتقضي ليلة هنية مع رقص المهلبية، أم سامي.

نهض سريعا، جرى نحو شباك الغرفة البحري حيث يوجد إبريق وردي اللون يحمل من الماء البارد يروى عطشه، ويغسل وجهه، ثم أراق ما تبقى من الإبريق فوق ملابسه.

همّ خارجا من حجرة التلفون، فعاودته صورة المهلبية كما كان يطلق على أم سامي، قائلا لنفسه: آه يا مهلبية يا، مين يديني منها طبق.

هنا واتته فكرة شيطانية ملعونة، وقرر أن يكتب اسم سكران من بين من شملهم الأمر الميري، ليلحقه بالسخرة في حفر القناة وتبقى أم سامي وحيدة لعله يظفر بها يوما.

نفذ فكرته قبل أن يعود إليه ما تبقى من ضمير، وجرى مسرعا نحو شيخ الغفر صبحي، يعطيه الإشارة.

بالطبع نهره صبحي، لرائحته النتنة وملابسه المبللة.

- غور في ستين داهية يابهيم لاجلدك وأحبسك في الزريبة مع البهايم.

- وماله، يشتم زي ما هو عاوز المهم المهلبية تبقى ليا لوحدي، قالها حسانين في نفسه، وفر هاربا نحو الترعة يضرب فيها بلنص يزيل الطين والرائحة استعدادا للقاء المهلبية.

أمسك شيخ الغفر بالورقة راح يقرأ منها الأسماء بصعوبة اسما اسما ويراجعهم بأسماء أمهاتهم.. 8 من شباب المنسية التي توارث والعمدة منصب مشيخة الغفر والعمودية فيها عن أجدادهما.

- خطك مهبب يا زفت الطين يا حسانين، بس مفيش مشكلة.

حفر قناة السويس 
وضع شيخ الغفر الورقة المبللة من أبريق حسانين وبوله، في جيب الصديري الأيسر، فأعاق دخولها قلمه الكوبيا، فأخرجه سريعا، فسقط منه أرضا لكن كرشه المتدلي قرب ركبتيه منعه للوصول إليه، فاضطر للهبوط على الأرض ككومة من حطب القطن المتشابك سقطت من سطح دراه فانفرطت على الأرض، في موطئ قدمي حسانين، وبقايا قطر بوله.

أمسك صبحي، بالقلم، والورقة، حاول وضعهما ثانية في جيب الصديري الأيمن، لكن يده حملت من الطين ما كفى لاتساخ جلابيته الكشمير المخططة والصديري المصنوع في البندر عند عكاشة الخياط، بعدما مسح يده فيهما.

جاءه ذات الشيطان الذي واتى حسانين، قبل دقائق، ليجد نفسه يعيد فتح الورقة ويكتب اسما تاسعا.

إنه ماهر، ذلك الذي يقف له في كل خرابة وكل نهيبة أو سريقة يشترك فيها شيخ الغفر مع أولاد الليل أو يسهلها لقطاع الطرق، ويقتسم الغنيمة، ويشتري حشيشا وأفيونا، وخمرا من خمارة سكران.

جرى شيخ الغفر، نحو منزل العمدة، بهيئته وطينه.

دخل على عمدة قريته عامر، ذلك الرجل الذي تعلم من الدنيا وورث عن عائلته الضاربة في تاريخ الظلم أن يأخذ أجمل فيها ولا يترك حتى التراب تتمرغ فيه الكلاب لو منه فائدة.

- إشارة يا عمدة، عاوزين 9 بهايم من البلد يحفروا القناة.

- رد عامر، قائلا: وماله يا هباب البرك، مين همّا البهايم دول.

أعطاه الورقة، واختفى بحجة تنظيف ملابسه، لكن اختفاءه كان خوفا من اكتشاف جريمته فخطه يختلف عن خط حسانين.

راح العمدة يقرأ الأسماء اسما اسما، ويصنفهم من كل عائلة ذاكرا كما فعل شيخ الغفر اسم أم كل واحد منهم، قائلا: أمه حلوة ابن الكلب، ده وأمه شينة ابن الكلب ده.

وقبل أن يكمل قراءة الأسماء ويكتشف مؤامرة شيخ الغفر، جمع عامر، الغفراء، وأمرهم بالاستعداد.

نادي زوجته صبحية، كالعادة يستشيرها في كل واردة وراح يقرأ لها الأسماء كما فعل في المرة الأولى.

- وانت يا عامر يا منيّل هتاخد حد من عيلتي إزاي؟ نهارك ملوش سمس، أنت اتهبلت يا راجل؟، بادرته صلحية، دون أن يكمل باقي الأسماء.

نفذ عامر أمرها على الفور، فأمر الغفراء بالمكوث خارج المنزل، وصال وجال في المندرة كريشة في مهب الريح، فأحضر ورقة وحبرا وريشة، وراح يخط أسماءا جديدة بدلا من أقارب زوجته ومن تحب وتعرف.

أكمل العمدة الأسماء التسعة، وبينهم أسماء سكران وماهر، لينفذ دون أن يدري خطة الغفير حسانين ومؤامرة شيخ الغفر صبحي.

رضيت، صبحية عن ماهر وقضيا ليلة هنية.

أرسلت خادمتها لأقاربها وأحبابها تعلمهم بجميلها منتظرة رد الجميل.

غاصت عيون حسانين في جسد المهلبية وظل يشرب طوال الليل حتى انهي ما تبقى من ملاليمه.

قرر صبحي استدعاء ولاد الليل، لبدء نهيبة جديدة، بعد خلاصه من ماهر.

وما زالت الخطة قائمة بحق شعب مسكين وتتطور، وما زالت المؤامرة سارية لا تنتهي بحق بلد منهوب، ووصلت حتى شط القناة.

#لالبيعقناة_السويس


NomE-mailMessage