JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Startseite

حصريا النص الكامل عبد الخالق فاروق يكتب : المخاطر الاستراتيجية لقانون إنشاء صندوق لقناة السويس


أعدت الحكومة التى يترأسها المهندس مصطفى مدبولى  والتى تأتمر بأوامر مباشرة وتوجيهات يومية من الجنرال عبد الفتاح السيسى ومعاونه الرئيسى اللواء عباس كامل ، مشروع قانون يقضى بإنشاء صندوق خاص مستقل من داخل هيئة قناة السويس ، مما أثار المخاوف والقلق من جانب عدد كبير من المصريين على قناة السويس وإمكانية زحف الخصخصة وبيع الأصول العامة لهذا المرفق الحيوى . 

والحقيقة انه لا يمكن فهم وتحليل أهداف هذا الصندوق الجديد ألا بعد قراءة متأنية ودقيقة لنص قانون إنشاء الصندوق السيادى المصرى الصادر بالقانون رقم ( 177) لسنة 2018 وتعديلاته بالقانون ( 197) لسنة 2020 .  و كذلك قراءة لطبيعة السياق السياسى الذى يحكم التشريعات فى مصر خلال السنوات الثمانى الماضية والتى يسيطر عليها عقل " جبائى " للحصول على الأموال بكافة السبل من أجل استكمال تلك المشروعات المتعثرة وغير ذات الجدوى ( مثل العاصمة الإدارية الجديدة والأفراط فى بناء الطرق والكبارى ) ، أو لتسديد الديون المتفاقمة وخصوصا الدين المحلى ، وقد سبق ونشرت تحليلا مفصلا قانونيا واقتصاديا وسياسيا لهذا القانون فى حينه ، وسوف أعود لتناوله بالشرح رابطا أياه بالتعديلات المطروحة على قانون هيئة قناة السويس هذا .

وينص مشروع القانون الجديد على أن يجرى تعديل بأضافة المواد: (15مكرر ) و (15 مكرر 1) ، و (15 مكرر2) ، و(15) مكرر3 ، والمادة (15) مكرر 4 ، والمادة (15) مكرر 5 ، والمادة (15) مكرر 6 . 

( أى أن مشروع القانون  يكاد ينحصر فى أضافة أربعة فقرات جديدة على أصل المادة (15) الواردة فى القانون الأصلى لقناة السويس رقم ( 30)  لسنة 1975 .

فما هو مضمون هذه الفقرات الأضافية ، وما هى الخطورة المتمثلة فيها ؟

شرح أبعاد ومخاطر مشروع قانون الصندوق المقترح فى هيئة قناة السويس 

المادة (15 ) مكرر تنص على : ( ينشأ صندوق يسمى ( صندوق هيئة قناة السويس ) تكون له شخصية أعتبارية مستقلة ، ويكون مقره الرئيسى  محافظة الإسماعيلية ، ويجوز لمجلس إدارة الصندوق أن ينشىء له فروعا أو مكاتب داخل جمهورية مصر العربية ، ويشار إليه فى تطبيق أحكام هذا القانون بالصندوق ) . 

أذن نحن فى هذه المادة المستحدثة بصدد كيان اقتصادى ومالى سوف يمتد ليؤسس له فروعا فى كل محافظات البلاد ، وقد يجرى تعديلا لاحقا ليمتد بفروعه إلى خارج مصر مستقبلا . 

فى المادة (15) مكرر 1 : ( يهدف الصندوق إلى المساهم فى التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق قناة السويس وتطويره من خلال الاستغلال المثل لأمواله وفقا لأفضل المعايير المعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها ، ومجابهة الأزمات والحالات الطارئة التى تحدث نتيجة أية ظروف إستثنائية أو قوة قاهرة ، أو سوء فى الأحوال الاقتصادية ) 

وهذا النص يفتح عمل الشيطان ، تماما كما جاء فى قانون الصندوق السيادى المصرى الصادر بالقانون رقم (177) لسنة 2018 ، وتعديله بالقانون رقم (197) لسنة 2020 ، حيث الجمل المكرة بشأن المساهمة فى التنمية الاقتصادية .. الخ ، ولكنه هنا أضاف فقرات موحية ودالة على مقاصده وأهدافه الحقيقية ، حيث يقوم هذا الصندوق بمجابهة الأزمات والحالات الطارئة التى تحدث نتيجة أية ظروف إستثنائية أو قوة قاهرة ، أو سوء فى الأحوال الاقتصادية ، فكيف سيواجه هذا الصندوق هذه الظروف الطارئة والقاهرة والاستثنائية ، ألا بالتنازل عن بعض أصوله سواء أصوله النقدية ، أو اصوله العينية بالبيع والخصخصة لمن هو قادر على الشراء ، فنحن إزاء ظروف قد يضطر فيها الصندوق – كما رب المنزل تماما – إلى بيع مصوغات زوجته ، أو حتى عفش البيت لمواجهة هذه الحالة القاهرة ، وفى السياق المصرى المعتاد فى ظل حكم الجنرال السيسى ومن قبله الفريق حسنى مبارك طوال ثلاثين عاما من حكمه ، فأن الحل المتاح فى مواجهة مثل هذه الظروف القاهرة والاستثنائية هى بيع الصول سواء كان شركات قطاع عام ، أو أراضى مملوكة للدولة أو غيرها . 

أما المادة (15) مكرر 2 : ( يكون للصندوق فى سبيل تحقيق أهدافه المشار إليها بالمادة (15) مكرر 1 ، القيام بجميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية بما فى ذلك : 

1-المساهمة بمفرده أو مع الغير فى تأسيس الشركات أو فى زيادة رؤوس أموالها . 

2-الاستثمار فى الأوراق المالية . 

3-شراء وبيع وتأجير وإستئجار وإستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها . 

هنا كان العقل المشبوه وراء هذا القانون اللقيط واضحا ، ولم يتوارى خلف الكلمات حمالة الأوجه ، حيث نص على أنشطة الصندوق الاقتصادية والاستثمارية ، والتى تقوم على تأسيس الشركات بمفرده أو مع الغير ، وغالبا فى ظل المعزوفة المستمرة بشأن جذب الاستثمار والمستثمرين الأجانب والخلايجة ، فأن المدخل لتفكيك الأصول الموروثة من هيئة قناة السويس إلى هذا الصندوق سوف تكون بإدخال شريك أجنبى لجذب امواله بالعملة الدولارية ، وبعدها قد يتم التخارج لصالح الشريك الجنبى تماما كما حدث فى كثير من حالات الخصخصة وبيع الأصول والشركات العامة ، والخطر هو النص صراحة على إستثمار الصندوق فى الأوراق المالية مثل السهم والسندات وأذون الخزانة وغيرها ، وهكذا ندخل أموال عامة مملوكة للصندوق اللقيط إلى دهاليز البورصات وعالم المال الغامض الذى يجيده البورصجية الذين يحكمون الشأن الاقتصادى طوال خمسين عاما ماضية . 

وبعدها يأتى مجال ثالث من مجالات الأنشطة وهو (شراء وبيع وتأجير وإستئجار وإستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها) ، وهنا جوهر النشاط كله ، ومناط عمل الصندوق ، تماما كما جرى فى الصندوق السيادى المصرى الذى يديره ويشرف عليه عمليا وواقعيا الجنرال عبد الفتاح السيسى ، ومن يقرأ القانون رقم (177) لسنة 2018 وتعديله بالقانون (197) لسنة 2020 ، سوف يكتشف حقيقة واحدة هى أننا بصدد خطة جهنمية لبيع كل الأصول المتاحة والمقدرات الباقية لمصر كدولة ومجتمع إلى سماسرة خلايجة ومستثمرين أجانب ، شكلوا معا تحالف شيطانى لتدمير هذا البلد . 

وجاء فى  نص المادة (15) مكرر3 : ( يكون رأس مال الصندوق المرخص به مائة مليار جنيه مصرى وراسماله المصدر والمدفوع عشرة مليارات جنيه تسدد من هيئة قناة السويس . ويجوز زيادة رأس مال الصندوق نقدا أو عينا بموافقة الجمعية العمومية للصندوق وفقا للضوابط والإجراءات الواردة بالنظام الأساسى للصندوق . وتعد أموال الصندوق من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة ) .

وهنا علينا أن نتوقف عند حقائق أساسية : 

الأولى : أن رأس مال الصندوق المرخص به والمقدر بمائة مليار جنيه ( ما يعادل أربعة مليارات دولار أمريكى بسعر الصرف السائد فى حينه أى 25 جنيه / للدولار ) ، يعنى أن جزء كبيرا من أصول هيئة قناة السويس قد أصبحت مشمولة برأس مال الصندوق المزمع إنشائه ، سواء ذكرنا ذلك مباشرة أم ظل فى طى وخفايا ونوايا من صاغوا القانون . 

الثانية : أما أن يكون رأس المال المدفوع عشرة مليارات جنيه تسدد من هيئة قناة السويس ، فهذا يعنى بوضوح أن  هيئة قناة السويس سوف تختصم هذا المبلغ من إيراداتها وأموالها المخزنة والمدفونة فى بنود وخفايا هنا وهناك لصالح هذا الصندوق ، الذى سوف تؤول أمواله وأصوله بعد قليل إلى جهة أخرى ، وبالقطع إلى الصندوق السيادى المصرى الذى يشرف عليه ويديره فعليا رئيس الجمهورية الحالى دون معقب عليه أو مراجع له ، ولا حتى القضاء المصرى . 

الثالثة : أن النص على زيادة رأس مال الصندوق نقدا أو عينا، يفتح الباب لمزيد من ضم أصول وممتلكات من هيئة قناة السويس لصالح هذا الصندوق ، وبعد موافقة جمعية عمومية هى مجموعة من الأشخاص يتراوح عددهم بين أحدى عشرة شخصا إلى ثلاثة عشرة شخصا مختارين بعناية ووفقا لأعتبارات أمنية وسياسية مناسبة للنظام والحكم الذى يتبنى الخصخصة وبيع مقدرات الدولة ، تماما كما كانت الجمعيات العمومية للشركات القابضة والشركات التابعة لقطاع الأعمال العام وفقا للقانون البشع لقطاع الأعمال رقم( 203)  لسنة 1991 الذى صاغه طباخ السم كله ومهندس عملية الخصخصة وبيع أصول مصر الدكتور عاطف عبيد ، والذى أنتهى ببيع مغموس بالفساد والغبن لشركات القطاع العام الذى بناه الشعب المصرى طوال عقدى الخمسينات والستينات وسط معركة وطنية وملحمة وطنية كبرى للتنمية والتصنيع . 

أما المادة (15) مكرر 4 : فتنص على ( تتكون موارد الصندوق مما يأتى : 

1-رأس مال الصندوق . 

2-نسبة من إيرادات هيئة قناة السويس . أو تخصيص جزء من فائض أموال  هيئة قناة السويس لصالح الصندوق بعد الاتفاق مع وزير المالية فى بداية العام المالى ، وفى حالة عدم الاتفاق يتم العرض على مجلس الوزراء لإقرار ما يراه مناسبا فى هذه الحالة . 

3-عائد وإيرادات استثمار أموال الصندوق . 

4-الموارد الأخرى التى تحقق أهداف الصندوق ويقرها مجل الإدارة ويصدر بقبولها قرار من رئيس مجلس الوزراء . 

هذه المادة تتضمن مبادىء خطيرة وضارة ، وهى إلزام هيئة قناة السويس بتخصيص نسبة من إيراداتها لصالح هذا الصندوق ، ومن ثم تحرم الخزينة العامة والمالية العامة للدولة من جزء من الفائض المتحقق من أنشطة قناة السويس ، صحيح أنه ومنذ سنوات بعيدة ، وفى ظل نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك ، كان يجرى إختصام بعض فوائض هيئة قناة السويس لتمويل بعض الصناديق الخاصة فى رئاسة الجمهورية ، بطلب مباشر من رئيس ديوان رئيس الجمهورية الدكتور زكريا عزمى ، وكان يجرى إخفاء هذه المبالغ التى قدرتها فى بعض السنوات بأربعمائة مليون جنيه ، من خلال تعظيم بند الاستثمارات فى القوائم المالية للهيئة ، فلم يكن هناك جهة رقابية قادرة على مراجعة حقيقية لأموال هيئة قناة السويس التى ظلت شأنا رئاسيا طوال حكم الرئيسين أنور السادات وحسنى مبارك . والأن يأتى هذا القانون ليلزم الهيئة بنسبة من فوائضه ، ولن يكون فى مستطاع أى رئيس للهيئة أن يعترض أو يرفض طلب الجهة الرئاسية التى توجه  وتدير كل هذا المسرح ، وهى جهة أعلى من رئيس الوزراء حيث  تملك تعيين أو عزل كل هؤلاء من مناصبهم  وتعيين بديلا لهم بدءا من رئيس الوزراء إنتهاء برئيس هيئة القناة . 

أما المصدر الثالث لموارد هذا الصندوق فهو عائد وإيرادات استثمار أموال الصندوق ، والسؤال من أين تأتى إيرادات وعوائد استثمار هذا الصندوق فى سنواته الأولى ألا من الأصول والممتلكات التى سوف تؤول إليه من أصول وممتلكات وشركات تابعة لهيئة قناة السويس ، وأنتقلت إليه فور نشأة هذا الصندوق ، تمهيدا لعمليات البيع والتأجير وغيرها من التصرفات فى ظل حكم فلسفته فى العمل الاقتصادى هو البيع والخصخصة وخصوصا للإماراتيين والسعوديين الذين يتولون فورا بيعها ونقلها لمستثمرين وسماسرة أجانب . 

أما الموراد الأخرى فهو تعبير مطاط أعتدنا عليه فى القوانين والتشريعات واللوائح المصرية ، وهى بمثابة مغارة غامضة تضم كل شىء ، وتسمح بكل شىء . 

فى المادة (15) مكرر5 :  التى تنص على ( يكون للصندوق موازنة مستقلة ، يتبع فى وضعها وإعداد القوائم المالية لها معايير المحاسبة المصرية ، وتبدأ السنة المالية للصندوق وتنتهى فى الموعد المقرر بنظامه الأساسى ، ويرحل فائض الصندوق من عام إلى أخر ، كما يكون للصندوق حساب خاص ضمن حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزى ، وتمنح  الخزانة العامة للدولة أموال الصندوق المودعة بالحساب نفس العائد الذى تمنحه البنوك التجارية  ، ويجوز فتح حساب بأحد البنوك التجارية بعد موافقة وزير المالية ، وتخضع كافة حسابات الصندوق والحسابات الختامية له لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات . 

ويتولى مراجعة حسابات الصندوق مراقب حسابات أو أكثر ، ويقوم بمراجعة القوائم المالية السنوية ، تمهيدا لعرضها على مجلس إدارة الصندوق . 

ويحدد النظام الأساسى للصندوق كيفية اختيار مراقب الحسابات ، والبيانات التى يتضمنها التقرير السنوى وخطط العام التالى للصندوق ) . 

الحقيقة نحن هنا أمام عملية نهب وسلب من أموال الخزينة العامة لصالح هذا الصندوق اللقيط كما  حدث  من قبل فى شركة العاصمة الإدارية الجديدة التى نشأت من ضم أراضى بمساحة سبعمائة مليون متر مربع دون تسديد جنيه واحد للخزانة العامة للدولة ، فأذا تأملنا النصوص بدقة نجد المصائب التالية : 

الأولى : بالنص على كون الصندوق ذو موازنة مستقلة أصبح كيانا يدار ذاتيا وبعيدا عن كل اللوائح المالية الحكومية والموازنة العامة للدولة ، وهو بترحيل الفائض المتحقق سواء ببيع الأصول التى أنتقلت إليه غالبا أو الأصول والمشروعات التى أنشأها نادرا ، يعنى حرمان قناة السويس من هذه الأموال وحرمان الخزانة العامة والميزانية المصرية بالتالى من هذه الأموال . 

الثانية : لم يكتف العقل  الغامض والمشبوه وراء هذا القانون بحرمان الهيئة والخزانة العامة من هذه الفوائض ، بل زاد عليها أن قام بإجبار الخزانة العامة بمنح أموال هذا الصندوق نفس العائد والفائدة المقررة فى البنوك التجارية ، أى أن تكون تكلفة هذه الصندوق وأمواله أعلى على الخزينة العامة من غيره من الأموال . 

الثالثة : ولم يكتفى بذلك بل سمح لهذا الصندوق بنقل امواله وأيداعها فى البنوك التجارية بعد الموافقة المضمونة والملزمة  لوزير المالية ، وهى النص الذى أدخله وزير المالية الهارب يوسف بطرس غالى عام 2006 على القانون ليسمح للجهات والوزارات الغنية والسيادية ( رئاسة الجمهورية – وزارة البترول وهيئاتها – وزارة الخارجية –  وزارة الدفاع – وزارة الداخلية – هيئة قناة السويس – البنك المركزى ..وغيرها ) من الجهات ذات النفوذ فى النظام الإدارى والسياسى المصرى ، بإخراج أموالها من الرقابة المباشرة للبنك المركزى فى الحساب الموحد إلى بنوك تجارية مصرية أو أجنبية ، ومنها خارج نطاق رقابة صارمة وحقيقية لهذه الأموال . 

الرابعة : يعرف جميع من يعمل فى الأجهزة المحاسبية والرقابية ، بل ولدى جل العاملين بالجهاز الإدارى المصرى ، أن فكرة وأمكانية رقابة وخضوع  حسابات الصندوق والحسابات الختامية له لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات هى مجرد لغو إنشائى ، فقد كشفت ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 ، أن الأجهزة الرقابية والمحاسبية عموما والجهاز المركزى للمحاسبات خصوصا لم يكن يجرأ على الرقابة الحقيقية وكشف الأخطاء  المالية والفساد القائم فى الحسابات مثل هذه الصناديق الخاصة  والحسابات الخاصة فى هذه الجهات القوية فى الدولة المصرية . ومن ثم فأن هذه الرقابة الشكلية لن تكون مانعا أو حائلا أو مقاوما لبعض الممارسات التى قد تكون مخالفة للقوانين ، وخصوصا إذا كان هذا الصندوق محمى  ومدرع من أعلى سلطة سياسية فى البلاد .وتذكرنا فكرة الصندوق السيادى فى مصر ، بما جرى فى صناديق مشابهة كانت مصحوبة بالفساد مثل " لجنة إدارة أملاك الدولة " فى روسيا فى فترة إنحطاطها فى عهد الرئيس المخمور بوريس يلتسن وجماعته عام 1992 ، وكذلك صندوق ماليزيا السيادى IMOB الذى شهد أكبر عملية فساد ونهب فى تاريخ ماليزيا فى عهد رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق عام 2014 ، وإختفاء 4.3 مليار دولار من حساباته .

فى المادة (15؟) مكرر 6 : ( يكون للصندوق مجلس إدارة برئاسة رئيس هيئة قناة السويس وعضوية كل من : 

1-أربعة من أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين بهيئة قناة السويس يحددهم النظام الأساسى للصندوق . 

2-ثلاثة أعضاء من ذوى الخبرة فى المجالات الاقتصادية والقانونية والاستثمارية أو غيرها من المجالات ذات الصلة بأغراض الصندوق يختارهم رئيس مجلس الوزراء ، وتكون مدة عضويتهم أربع سنوات قابلة للتجديد  لمدة مماثلة . ويصدر بتشكيل مجلس الإدارة ونظام عمله قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض رئيس هيئة قناة السويس ، ويحدد القرار من يحل محل الرئيس عند غيابه . 

ويجتمع مجلس إدارة  الصندوق بناء على دعوة من رئيسه مرة كل شهر على الأقل ، أو كلما دعت الحاجة إلى ذلك ، ولا يكون انعقاد مجلس  إدارة الصندوق صحيحا إلا بحضور أغلبية أعضائه على أن يكون من بينهم رئيس مجلس إدارة الصندوق ، أو من ينوب عنه ، وتصدر قرارات مجلس إدارة  الصندوق بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين ، وفى حالة التساوى يرجح الجانب الذى منه رئيس مجلس إدارة الصندوق . 

ويكون للصندوق مدير تنفيذى من ذوى الخبرة العملية فى مجال الاستثمار متفرغ لإدارته ، ويكون تعيينه لمدة عامين قابلة للتجديد ، ويمثل الصندوق فى صلاته مع الغير وأمام القضاء ، ويصدر بتعيينه وتحديد إختصاصاته ومعاملته المالية قرار من مجلس إدارة الصندوق ) . 

وفى هذه المادة يتبين الأتى : 

1-أن  تشكيل الهيئة الإدارية والتنفيذية لهذا الصندوق - الذى يضم ويدير أصول عينية ونقدية تقدر بعشرات المليارات من الجنيهات  - مكون من سبعة أشخاص فقط ثلاثة منهم معينون بمعرفة رئيس الوزراء  ورئيس هيئة قناة السويس تماما كما جرى فى الصندوق السيادى المصرى الصادر بالقانون (177) لسنة 2018 والمعدل بالقانون (197) لسنة 2020 ، الذى أستحوذ وأستولى على كل الأصول المملوكة للدولة المصرية ، فجاءوا بشخصيات ليس لها تاريخ وطنى ، وهم أقرب إلى بورصجية وسماسرة بورصة تحت مسمى مستثمرين ، وأنتهى الأمر فى هذا الصندوق السيادى ببيع كل ما أستحوذ عليه من أصول بأبخس الأثمان فى عمليات كلها مصحوبة بالفساد وإهدار المال العام . 

2-والمدهش أن النصاب المطلوب لصحة أنعقاد المجلس هو أغلبية أعضائه ، أى يكفى أربعة فقط من بين الأعضاء السبعة ، ويكفى لصحة قراراته نصاب الأغلبية من بين الحاضرين أى ثلاثة أعضاء فقط  من بينهم رئيس مجلس إدارة الصندوق ، وهؤلاء قد يتخذون قرارات تقدر بمئات الملايين من الجنيهات ، أو حتى بعشرات المليارات من الجنيهات ، سواء بالبيع أو الشراء أو غيرها من التصرفات مما يحيل المسألة كلها إلى مهزلة قانونية بالمعنى الحرفى للكلمة ، وإستهزاءا بالمصالح الوطنية وبالعقول المصرية . 

3-أما المدير التنفيذى المقترح للصندوق الذى يفترض أنه من ذوى الخبرة ، تماما كما حدث فى الصندوق السيادى المصرى والذى يديره السيد " أيمن سليمان " منذ أكثر من ثلاث سنوات ، فكل خبراته ومهاراته تعلمها فى دوائر البورصات الأمريكية ، ولم يعرف عنه صلة بخبرات التنمية الاقتصادية والتخطيط الاقتصادى ، ومنذ إنشاء هذا الصندوق السيادى ، وعمليات البيع البخس للأصول المصرية تتم على قدم وساق دون مراجعة من أى جهة نيابية أو قضائية مصرية عملا بنص المادة (6 مكرر أ )  من القانون الشاذ رقم (197) لسنة  2020 حيث نصت على:  ( أنه مع عدم الإخلال بحق التقاضي، يكون الطعن في قرار رئيس الجمهورية بنقل ملكية الأصول، أو الإجراءات أو التي اتخذت بناء على هذا القرار، من الجهة المالكة أو الصندوق المنقول له ملكية ذلك الأصل دون غيرهما، ولا ترفع الدعاوي ببطلان العقود التي يبرمها الصندوق، أو التصرفات التي يتخذها لتحقيق أهدافه، أو الإجراءات التي اتخذت استناداً لتلك العقود، أو التصرفات إلا من أطراف التعاقد، دون غيرهم، وذلك ما لم يكن قد صدر حكم بات بإدانة أحد أطراف التعاقد،  أو التصرف في إحدى الجرائم المنصوص عليها في البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وكان العقد أو التصرف قد تم إبرامه بناء على تلك الجريمة) .
كما نصت المادة (6 مكرر ب ) على :  ( أنه مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية الباتة، تقضي المحكمة، من تلقاء نفسها، بعدم قبول الطعون، أو الدعاوى المتعلقة بالمنازعات المنصوص عليها في المادة(6 مكررا أ) من هذا القانون المقامة من غير الأطراف المذكورين فيها ) . 

وهكذا حصن رئيس الجمهورية قراراته – بالمخالفة لنصوص الدستور المصرى وكل الدساتير فى الدول المتحضرة – من دعاوى الإلغاء ورغبة أطراف وطنية فى حماية الموارد والقدرات والأصول المملوكة للدولة والمجتمع المصرى .

وإذا أضفنا إلى ذلك الأنشطة الجديدة المناطة لهذا الصندوق بما فى ذلك طرح اوراق مالية فى البورصة المصرية والبورصات العالمية ، والتعاون مع شركاء أجانب وخليجيين ، والأن نحن  فى مشروع القانون الجديد لصندوق قناة السويس أمام صيغة أخرى من القانون الشاذ للصندوق السيادى المصرى ، والمؤكد أن الخطوة القادمة سوف تكون إصدار تشريع ثانى معدل يلحق بمقتضاه  هذا الصندوق  بالصندوق السيادى المصرى ،  أو يسير فى ركابه لكى تستكمل العملية التاريخية الرامية لبيع كافة الأصول والممتلكات المملوكة للدولة المصرية لسماسرة ومستثمرين أجانب وخلايجة ، ولا يستبعد أطلاقا لمن باع جزء من أراضى الدولة الحيوية فى جزيرتى تيران وصنافير وصرخ غاضبا فى شعبه بأن يصمت ويخرس ولا يتكلم فى هذا البيع المخالف للدستور والقانون  ، أن يأتى يوما لبيع قناة السويس كما فعل الخديوى سعيد ومن بعده الخديوى إسماعيل . والمصير فى النهاية كانت وضع مصر تحت الوصاية ثم أنتهى بالإحتلال الأجنبى للبلاد . 

NameE-MailNachricht