أنا لم أشتم يومًا حمارًا ، ولم أثقل عليه أو أحمله فوق طاقته ، ولم أنجرف مع أطفال القرية في رجم أو الضرب المبرح بالعصي والشوم وكل ماتطاله الأيدي الآثمة لكلبين قررا بمحض إرادتهما ممارسة العلاقة الحميمية في عرض الشارع ، وكنت لا أفهم ، و أتعجب من تحمل الكلبة لكل ذلك العنف غير المبرر والذي كان يفضي أحيانًا للموت ، لكني لاحقًا فهمت أن لحظات المتعة ؛ تستحق عدم الإفلات .
وأنا أيضًا أتفهم معاناة قطة منزل حبيسة بإرادتها ، أتفهم أصوات تشبه بل هي " الغنج " حينما تلبي نداء الطبيعة وتستسلم للغريزة ، وتطلب التزاوج ، أتفهم حركاتها اللاإرادية في مواربة فخذيها ، وتمرغها الدائم على الأرض ، وحكها في كل شيء ، أتفهم حينما لا تستطيع جر نصفها السفلي ، حينما تلح عليها رغبتها في البقاء والحفاظ على نوعها ، وأتفهم مؤخرًا وأنا سعيد بفهمي المتأخر ، لماذا ينتظرها ذكور قطط شوارع على الباب وكأنهم ينتظرون تجليها عليهم ،من أين عرفوا وما الشفرة ؟ إنها تطلق رائحة تستدعي إليها أي ذكر عابر أيًا كان نوعه .
أنا أحترم منذ صغري رغبات وحريات الآخرين ، سواء كانوا " آدميين " أو " حيوانات " لم أفرض يومًا نفسي أو رأيي على أحد ، فلماذا هم يفعلون ؟ لماذا يهدرون حريتي وأحيانًا كرامتي في دوائرهم الحكومية أو أقسام شرطتهم أو شوارعهم أو كمائنهم أو مدارسهم أو مجالسهم أو قنواتهم أو مدنهم المحمية ... ؟ .
لماذا لايفهمون أن العقد بيني وبينهم ملزم وأنا لا أنتهكه على الإطلاق ، فلماذا هم ينتهكونه ، بل ويعبثون به ، وبلغ بهم العبث منتهاه بالتطاول عليه و تغييره دون أخذ رأيي ؟ أو قل بالتزوير الفج لإرادتي الحرة ، أوليس " الدستور " عقدًا بيننا ؟ فلماذا يعتبرونه حقًا مكتسبًا لهم ؟ ويغيرونه دون الرجوع إلي ؟ لماذا يطبقونه من جانب واحد ؟ ويصدرون قوانين جائرة في معظمها تتنافى مع روح الدستور الذي يحكم بيننا ، لماذا أصبحت لديهم مصدرًا للجباية يمولون به خرافاتهم الخزعبلية ، ويبيعون ممتلكاتي دون إذني أو علمي ، لماذا أدفع ضرائب ثم يأخذون مني رسومًا على الخدمات ؟ أوليس الدفع يكون لمرة واحدة في الدول التي تحترم نفسها ودستورها ومواطنيها ؟ .
لماذا أولوياتهم دائمًا تتعارض مع أولوياتي ورغباتي ؟ لماذا يبنون عاصمة إدارية جديدة وينفقون عليها مليارات الدولارات ويتركوني جاهل بلا تعليم ، ومريض بلا صحة ، وأمي بلا ثقافة ، وجائع بلا طعام ، وبائس دون ترفيه ، ومكتئب بلا أمل ، لماذا ولمن ملءوا البلاد بالطرق والكباري المريبة العجيبة ، دون التخطيط لخطوط إنتاج ومصانع تشغل تلك الطرق وتزحمها بالمنتجات ؟ لماذا ولمن تنازلوا عن أرضي التي ورثتها عن أجدادي كابرًا عن كابر ، لماذا ولمن يبيعون فقط شركات رابحة لدول يفترض أنها شقيقة ، ويحرموني وأولادي من عائدها ، ويتركوني فريسة لأهواء الغربان ، أقصد " العربان " .
لماذا بورصتي تنهار ؟ وعملتي تهان ؟ ومياه نيلي تقل وتتقلص بفعل الغباء ، لماذا إعتمدوا على الأموال الساخنة في تحديد مصير البلاد ؟ حتى أشعلت النار النار وألهبت إقتصادهم الريعي السلفي الهش ، لماذا يكذبون ويكذبون ومازالوا يكذبون ؟
إن مايحدث لي ولبلادي مثلما يحدث تمامًا الآن على كوبري الساحل الشمالي أو كوبري ملاوي ؟ لا أحد يعرف إلى أين يذهب ومن أين أتى !!! .
إنني أطالب من تسلطوا علينا أن يعاملوني مثلما أعامل الكلاب أو الحمير أو القطط ولا يعاملوني كنملة ، أود أن يحترموا عقلي ورغباتي ويراعوا شعوري ومشاعري ويرحلوا، فلم تعد الكلاب ولا القطط نلبي نداءات الطبيعة.
المبدع دائما
ردحذف