JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Accueil

" تلك الورقة " قصة قصيرة بقلم مجدي أبو السعود


لو كان أحدهم في الشارع التفت نحوي وأنا في طريقي إلى مكتب الشهر العقاري لرآني أخاطب نفسي، وأرد على أسئلتها حول مدى إمكانية استخراج ورقة توكيل رسمى بأقل الخسائر الممكنة في الوقت والجهد والقدرة على التماسك العصبي والنفسي، خاصة ونحن فى أول يوم من أيام شهر رمضان، والدنيا تزأر من فظاعة الحرارة وتربص شمس تموز العالقة فى كبد السماء بالأرض ومن عليها ،،،! وفي النهاية وقبل إقدامي على دخول أتون المعركة بخطوات قلت لنفسى مطمئنا : ولماذا القلق وهناك الأستاذ : عادل والأستاذ : سعد، يعرفانك وسيقضيان مهمتك في وقت قياسي ولن تشتبك مع أحد! ،، دخلت المكتب، كان مكتظا بالبشر بشكل غير عادي، وقفت حائرا تدور عيناي على موظفي المكتب لألمح أي من الأستاذين عادل أو سعد لكني فشلت في اصطيادهما!! مجرد محاولتي للوصول لأي من الموظفين وسط الحشود مخاطرة غير محمودة العواقب، كافحت إلى أن وصلت إلى رأس موظف مسكين منكب على دفتر ضخم أمامه، سألته عن الأستاذين عادل وسعد، قال دون أن يرفع رأسه : الأستاذ عادل مات والأستاذ سعد ترقى وانتقل إلى العريش، انعقد لساني للحظات وانتبهت على ضجيج من حولي، لكني سرعان ماانتهزت فرصة وقوفي أمام الموظف وسألته : أريد عمل توكيل، زمجر الواقفون أمامه ونهرني أحدهم وقال مستنكرا : ألم تدعى أنك تريد الاستفسار عن شيء محدد فقط ؟! 

، شردت للحظات ثم أجبت : حقا، معك حق، وقفت وسط المعمعة ولست أدرى ماالحل والوقت الذي قدرته لعمل المهمة استهلك فقط في مجرد تساؤل لم يأت بفائدة!!  وسط الصالة ثمة مقاعد طويلة والجالسون عليها كأن على رؤوسهم الطير، مستسلمون لأقدارهم في صبر، سألت أحدهم عن أولى خطوات المهمة، قال : عليك أولا بشراء استمارة التوكيل من الشقة المقابلة ثم تأتي إلى الأستاذ: محمود فى الغرفة التي هناك، وأشار لي عليها وكانت تلفظ مابها من بشر زائدين عن الطابور ليؤشر عليها موجها إياك لموظف آخر، قلت : حسنا، استعنا على الشقا بالله، وقفت فى طابورطويل لشراء الاستمارة، ثم توجهت إلى غرفة الأستاذ : محمود الممتلئة عن آخرها، وكافحت حتى وصلت إلى رأسه، بدا الرجل منهكا يائسا قابضا على كمية من الأوراق في يده متوسلا إلى المتكالبين عليه بالصبر لأن "الجو حار ونحن فى نهار رمضان ونصف العاملين بالمكتب في إجازة" ،، قلت له محاولا تطييب خاطره : رمضان كريم أعانك الله علينا، ثم وضعت ابتسامة بلاستيكية على وجهي وأنا أقول له : هل يمكنني عمل هذا التوكيل ؟!،

 قال ساخرا : عاوز تعمل توكيل، ببساطة كده؟!

 قلت : وفيم المشكلة؟!،

 لم يرد، هز رأسه في يأس وكدت أسمعه يحدث نفسه مغمغما قائلا: حسبي الله ونعم الوكيل ،،،،!

،،لم تفلح شفاعتي بإعلام كل من في الغرفة بأننى طبيب وأن ثمة مرضى بانتظاري في المستشفى،

 قال أحدهم : ولماذا لم تأخذ اليوم إجازة، أنت بحاجة أصلا لثلاثة أيام، ثم أردف ساخرا : إنت فاكرها سهلة؟!!، 

استسلمت لقدري حتى نادى الأستاذ "محمود" على اسمي، كان علي التوجه إلى موظفة أخرى مزركشة تدعى : نادية، ذهبت إليها، كانت تهم بالنهوض للخروج من المكتب، قالت : انتظرني دقيقة، ثم سمعتها تقول للأستاذ " محمود " عن بعد : كفاية يامحمود بطل تبعت ناس، انتظرت مايقرب من نصف ساعة ولم تأت نادية، سألت زملاءها عنها : قالوا انتظر ياعم جايز تكون في الحمام ،،!!

 انقضت نصف ساعة ولم تأت نادية، قررت الوصول إلى كبيرهم، سألت عنه، قيل لى بالطابق الثالث، صعدت إليه، بدا مرهقا لأسباب قدرت أنها مرضية وبجواره عصا يتوكأ عليها ويهش بها على موظفيه، عرفته بنفسي، رويت له عن نادية، قال: مايمكن يادكتور تكون فى الحمام ،،!! قلت : أنا قدرت مدة الحمام ورغم ذلك لم تأت نادية، ابتسم ابتسامة مرهقة وقال : سآتي معك، تحامل الرجل على نفسه وهبط معي للطابق الثاني، كانت نادية على مكتبها، أعطى لها الورقة ولم يتكلم، شكرته وتأسفت له على تحامله على نفسه، قال مبتسما : لا عليك، فقط بعد أن تنهى مهمتك اصعد لي، أريدك، وعدته بذلك ، قالت نادية : عليك بالشقة المقابلة لتقدير الرسوم، وقفت بطابور آخر لتقدير الرسوم ..

 ذهبت لدفع الحساب فى الطابق الأعلى بعد أن أتى الدور علي، قالت موظفة الشباك حين سألتها عن إجراءات أخرى: سترجع إلى نادية وادع كي لا تنقطع الكهرباء لأنك ستكون بحاجة لتصوير التوكيل بالخارج ، ما أن انتهت من كلامها حتى انقطعت الكهرباء، ابتسمت! هبطت إلى نادية، قالت : صورتين من التوكيل ثم عد إلى، خرجت إلى الشارع، ماكينات التصوير معطلة بالخارج لانقطاع الكهرباء، سرت نحو كيلومترين تحت شمس منتصف النهار بحثا عن ماكينة تصوير في منطقة أخرى، وجدتها..

كان صاحبها يصلي ، انتظرت خروجه من الجامع المقابل ولم يخرج ، انتشلتني امرأة بالشارع بعد أن أخبرتني أن لديها ماكينة تصوير فى آخر الشارع، ذهبت معها وصورت الورقة، عدت إلى نادية، أعطتنى الاستمارة لأختمها من الأستاذ : محمود، كافحت حتى ختمتها، عدت إلى نادية، أشارت لي دون أن تنطق للتوقيع فى دفتر كبير، وقعت، أمسكت استمارة التوكيل وهى مزينة بختم النسر والتوقيعات وكأنى عثرت على كنز ثمين، سرت باتجاه الخروج وعيناي على الورقة وذهني شارد، خرجت ، انتبهت فجأة على وعدى لكبيرهم المريض بالعودة إليه عقب انتهائي من المهمة، عدت إليه،،،،،،،!!

NomE-mailMessage