احيانا لما بيكون ربنا ميسرها اتسحر من خيرات الله مالذ وماطاب خاصة الفول ابو طحينة الذي لا أستطيع مقاومته ومن بعده الزبادي.. والأخير ده أصبح احيانا بعدما أصبحت العبوة الصغيرة منه بخمسة جنيهات وبالشكل ده عاوزين زبادي بس على السحور بعشرين جنية يعني ٦٠٠ جنية في الشهر زبادي.. يعني ربع الحد الأدنى للأجور.. لذلك الفول اساسي وأحيانا حاجة تسنده علشان الشهر الكريم يعدي على خير لأننا لسه ماتكلمناش عن الإفطار.. وده كلام كبير ومش وقته.. المهم اتسحرت تمام وصليت الفجر وفصلت من التفكير وذهبت في سبات عميق فعلا.. ولما صحيت الظهر قلت اتابع أخبار القمح في أوكرانيا ونشوف مأساة هتلر الجديد علشان احدد موقفنا المالي..والاقتصادي لأننا تقريبا بندفع ثمن الحرب بالكامل وكمان العقوبات اللي المفروض على روسيا بس مسمعه عندنا زي وجع الأسنان كده لما يسمع في القفا..
المهم لقيت فاصل اعلامي وليس اعلاني كل ربع ساعة يتكرر على شاشات قنوات اتبرع بجنية واشتري شقة فرصة ٧٠ متر بخمسة مليون.. ورغم اني لا اتعاطي تلك القنوات على الإطلاق لكن استوقفني هذا الفاصل الذي تم إخراجه على طريقة المخرج المبدع اياه.. وتصوير الكباري..والفاصل باختصار شديد يناشد كل مواطن له مشكلة أو طلب عند ومن الدولة أن يتوجه لمجمع التحرير في مدة أقصاها اسبوعين حيث سيتم حصر وبحث كل الطلبات وفقا لنوعيتها.. يعني عندك تظلم لأنك مدرس ومرتبك ١٨٠٠ جنية تتوجه إلى الإدارة التعليمية هناك وتقوم بتقديم الطلب مصحوب بالمستندات.. ولو محتاج شقة وحالتك الاقتصادية أنهكتها الضرائب والرسوم، عليك بالتقدم لمديرية الإسكان في الدور ال١٢ وتقديم طلب ومرفق معه حالتك الاجتماعية و دخلك الشهري حتى يتم تقييمك بشكل مدروس وتحصل على شقة مناسبة لوضعك المنيل.. وهكذا ناشد الفاصل كل صاحب مظلمه أو مطلبه كيف يمكن التقديم والأوراق المطلوبة علما بأن الطلب سيتم تحصيل رسوم عليه قدرها ١٥٠ جنية فقط لاغير مع مراعاة استلام الطلبات من باكر منذ الثامنة صباحا وحتى الثامنة مساء تيسيرا على السادة المنكوبين..
لم أصدق في البداية.. اخيرا سيتم الاستجابة لقبيلة المظاليم والمنسيين والمتنيلين.. والله حاجة عظيمة.. هو ده الكلام.. وكان يجب أن يحدث منذ أن تم إلغاء بورسعيد منطقة حرة لأنها كانت بتفرج عن الشعب من اسكندرية حتى أسوان سواء فرص عمل وتجارة ومكاسب أو شراء كل شئ من الياميش حتى جهاز العروسين للفقير والغنى أيضا..
المهم في اليوم التالي يا صديقي الحشود كانت من ميدان التحرير حتى شبرا.. إعداد غفيرة وكل طابور خاص بإدارة معينة مثلما شرح الفاصل.. ملايين من البشر.. معقول كل هؤلاء عايشين ومحدش عارف مصيبة كل واحد فيهم.. معقول الناس دي كلها قافلة على نفسها.. طيب وازاي عايشين.. وازاي متواصلين مع بعضهم البعض.. بيمثلوا مثلا انهم زي الفل وأنهم رايحين الشغل وراجعين..؟!.. مؤكد الموضوع بالشكل ده أكبر من اللي بنتخيله.. بس الحمدلله الملايين دي لما تحصل على مطالبها اكيد شكل الحياة هيختلف.. هتكون أكثر ودية وحميمية ومش هنشوف محاكم متكدسة والقضية تقعد عشر سنين.. والأقسام اكيد هتبحث عن زبون.
لازم الحياة هتكون أكثر هدوء ومافيش خناقات ومشاكل في الشوارع ويختفي مشهد التربص والتنمر والحالة الاجتماعية اللي بنقول عليها بالعامية"ماحدش طايق حد".. وسيبك من ده كله كفاية أن الدولة هتنعم بحالة سلام اجتماعي وتستقر وكل واحد هيشتغل مش بضمير لكن بحب وإخلاص.. مؤكد بعد الوفاء بالوعود دي هتختفي الرشوة.. والمحسوبية.. والابتزاز.. فعلا هننطلق شكلا وموضوعا.. هو فيه أروع من راحة المواطن..
ماعلينا استمر الحال اسبوعين وكل يوم الطوابير من شبرا للتحرير.. ومن الجيزة للتحرير.. والتصوير من فوق مرعب.. أمواج من البشر تتحرك ببطئ ولكن بفرحة وسعادة بعدما وصل الأمل بسلامة الله اخيرا.. وعلشان ماطولش عليك انتهت فترة المهلة وتم حصر الطلبات التي وصلت مايقرب من ٣٢مليون و٤٦٥ألف و٢١٩ طلب ومظلمه.. ماشاء الله..وبديهي أن هؤلاء الذين فلحوا في الوصول لشبابيك التقديم فضلا عن أن هناك نوعية من البشر كرامتها بتوجعها وبترفض الظهور في مثل هذة المناسبات القومية مهما كان العائد.. وأعلنوا أن كل من تقدم بطلب ودفع الرسوم عليه بالتوجه بعد يومين في الكيلو ٧٠ طريق مصر إسكندرية الصحراوي حيث سيقام سرداق ضخم لاستيعابهم وهناك سيتم تسليم كل مواطن الرد الإيجابي على طلبه..
انا بصراحة لم أتخيل إطلاقا أن ربنا سيكتب لي العمر حتى أشاهد هذا اليوم العظيم.. اليوم الذي ستتخلص فيه مصر من مشاكل أولادها.. وهي مشاكلها..لابد أن يكون هو العيد القومي للوطن ويجب إلغاء كل الأعياد الأخرى فليس هناك مناسبة قومية أسمى وأعظم من نهاية مشاكل مصر..وفي اليوم المحدد كانت جحافل من البشر تزحف إلى هناك.. وعاد التصوير من أعلى بطريقة المبدع اياه.. يالها من فرحة.. ولادك يامصر اخيرا في حضنك..وطبعا مع التصوير تعليق مذيعة صوتها رنان ومبتسم جدا مع خلفية عبارة عن اغاني وطنية.. لقد فرت الدمعة من عيوني رغم أن رصيدي من الدموع بات صفرا من سنوات..وكان موعد بداية الاحتفال والتسليم في الرابعة عصرا ومع انهار البشر تم التأجيل حتى السادسة.. وبعدما استوعب السرادق الممتد نحو٤ كيلومتر هؤلاء المهمومين الذين أثقلوا كاهل الوطن كثيرا وطويلا وكانوا سببا في تخلفه حانت لحظة تحرير الوطن منهم.. وتفجر المكان بكل مافيه وتم الإعلان عن أن هناك مؤامرة خارجية كانت وراء هذا التفجير يتبناها أعداء مصر والذين لايريدون لها الخير.. وهكذا انتهت مشاكل مصر واصبح الأحياء بلا مشاكل وهموم وبيستخدموا جيل للشعر..
وفجأة سمعت صوت جرس الباب انتفضت فزعا وإذا بمحصل الغاز يطلب ٣٨٠ جنية من العبد لله.. وقفت صامتا وهو ينظر لي ولايعرف لماذا هذا الصمت.. لايعلم ان السبب عدم استكمال الأحداث وليس الفاتورة..!! ربنا يسامحه..