١-كنت رجحت أن يكتفي بوتين بالاعتراف باستقلال الانفصاليين الروس في شرق أوكرانيا. ويتعايش مع العقوبات الغربية الأخف قطعا من التي فرضت بعد غزوه الأراضي الأوكرانية والتي ستتصاعد بالضرورة
كانت ترجيحاتي تستند الي ان هذه الخطوة تحقق مكسبا مهما دون أثمان كبيرة فهي تقنين روسي لأمر واقع بالفعل يسلم به حتي بايدن نفسه وذلك عندما ألمح في بداية الأزمة الي أن المتوقع هو توغل روسي محدو د في أوكرانيا
٢- كان هذا الوضع سيقاس علي حالة جمهورية شمال قبرص التركية التي أقيمت كأمر واقع عام ١٩٧٥ نتيجة لغزو تركي جاء ردا علي انقلاب عسكري لضباط قبارصة مغامرين أعلنوا الوحدة الفورية مع اليونان. دون اعتبار للأقلية التركية ولم يعترف بتلك الجمهورية بعد اعلان استقلالها سوي تركيا حتي يومنا هذا وبقي الوضع مجمدا. أي لم يؤد الي توسع النزاع الي حرب شاملة لا في قبرص ولا بين تركيا واليونان ،وقد كان ولايزال بمقدور الجيش التركي اجتياح قبرص كلها وفرض حكومة موالية. ولكن ذلك كان سيؤدي الي حرب شاملة مع اليونان وسيجبر شركاء حلف الأطلنطي علي نبذ تركيا االعضو في الحلف مع اليونان الي الأبد ومن ثم تترك وحدها تحت رحمة الدب الروسي (الاتحاد السوفيتي ) آنذاك وإما علي تركيعها بعديد الوسائل فتخسر هيبتها ويخسر الأتراك القبارصة استقلالهم الفعلي بل ويتحولون الي أقلية مضطهدة
وهذا طبعا درس في استراتيجية المكسب القريب الصغير أفضل من الخسارة الضخمة بعد مكسب كبير مؤقت
٣- من المبكر جدا التنبؤ بالنتائج متوسطة الأجل وطويلة الأجل لخطوة بوتين فالحرب والصراعات الدولية ليست مباراة كرة قدم تنتهي بصافرة الحكم وتحسب النقاط في التو واللحظة لمصلحة الفائز اذ يتعين الانتظار في المدي المتوسط حتي نري مإذا كانت توجد قوي سياسية مقبولة شعبيا في أوكرانيا مستعدة للتفاهم مع روسيا او بالأحري الخضوع لها و يتعين ايضا في هذا المدي المتوسط انتظار نتائج العقوبات الغربية علي روسيا خاصة في ظل تنامي طبقة روسية كبيرة مندمجة في حركة ومضاربات المال الدولية بكل مغانمها وسرقاتها. وهؤلاء أبدوا بالفعل قلقا واضحا من مغامرة بوتين لدرجة إنه اجتمع بممثليهم أمس (ثاني أيام الحرب ) لاقناعهم بأن الغرب لم يترك له بديلا سوي الحرب
وهناك في روسيا مصادر أخري لمعارضة الاجتياح الروسي ممثلة في المعارضة السياسية الليبرالية وبالطبع سوف تتسع هذه المعارضة ويزداد مؤيدوها إذا أدت العقوبات الغربية الي صعوبات للمواطنين. واذا تعرض الجيش الروسي لحرب استنزاف في اوكرانيا كما سنري في النقطة التالية. ولن يكون نظام بوتين مهما تبلغ قوته وضراوته بأمنع من النظام السوفيتي الذي كان استنزافه في افغانستان من أهم أسباب سقوطه
٤- علي المدي الأطول هل تتفجر حرب تحرير شعبية ضد الاحتلال الروسي والحكومة الأوكرانية العميلة ؟ الاحتمال كبير لأن الأوكرانيين غير الروس ليسوا مستعدين للخضوع المهين علي هذا النحو. ويساعدهم أن بلادهم لها حدود مع بولندا وسلوفاكيا والمجر ورومانيا ومولدافيا. مما يتيح تدفق السلاح والمتطوعين إن لزم الأمر. وكذلك يسهل هروب المقاومين. ومن المتوقع إن يجدد السلوك البوتيني روح مقاتلي الحرية العتيدة لدي الشباب الأوروبي كما تجلت مثلا في الحرب الأهلية الاسبانية
٥- بغزو اوكرانيا باتت القوات الروسية نفسها ومباشرة علي حدود حلف الاطلنطى التي لن تتواني دوله عن دعم المقاومة الأوكرانية فإذا تحرشت بها روسيا فهذا لعب بالنار النووية حرفيا
٦-لامبرر لاتهام الاطلنطى بالتقاعس فهو يفعل كل شئ لمساندة أوكرانيا سوي اعلان الحرب وهذا موقف يتسم بالمسئولية لإنه يجنب العالم حربا عالمية نووية وفي الوقت نفسه فأوكرانيا ليست أصلا عضوا فيه يشملها ميثاقه الدفاعي
٧- الخطأ في الحسابات ينبغي أن يتحمل الادانه عنه من أخطأ وليس من توقع الرشد و تجنب الخطأ
٨- هتلر استولي علي كل أوروبا تقريبا لأربعة سنوات. وصدام قال المعجبون به ان الكويت استقرت في بطنه بالهنا والشفا ولكن لا أحد يستطيع أن يحارب العالم كله وقد رأينا النتائج وأمريكا خسرت في فيتنام وأفغانستان والسوفيات خسروا في أفغانستان ومصر خسرت في اليمن واسرائيل خسرت في جنوب لبنان والدرس هو أن اعتي جيوش العالم لا تستطيع هزيمة مقاومة شعبية مصممة ولها حلفاء ملتزمون خارج الحدود وخطوط امداد مفتوحة وسريعة
٩-النزعة القومية المسلحة أكرر المسلحة كما يمثلها بوتين ليست علي مزاج العصر، مهما يبدو من تجليات قومية يمينية أو فاشية في كل مكان في العالم حتي في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. وطبعا تتذكرون ان ترامب تراجع عن مهاجمة ايران قبل عشر دقائق من انطلاق الطائرات كما أن مشروع المحافظين الجدد الفاشيست في إدارة بوش الابن مني باللعنة و بفشل مخز وغير قابل للتكرار بعد غزو العراق. اما سياسات الهوية الفاشية الحالية فهي في حقيقتها موجهة ضد التعدد الثقافي و العرقي في داخل الدول المعنية وليست متجهة الي العدوان المسلح في الخارج
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق