يصادف ٢٠ فبراير الاحتفال باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، وذلك إيمانا بالحاجة إلى تعزيز العدالة الاجتماعية، والتي تشمل الجهود المبذولة لمعالجة قضايا مثل الفقر والاستبعاد والمساواة بين الجنسين والبطالة وحقوق الإنسان والحماية الاجتماعية.
وبالتالي تتحقق العدالة الاجتماعية عندما يتوفر لكل فرد في المجتمع نفس الفرصة للارتقاء وإلى شريحة اقتصادية أو اجتماعية أعلى على أساس الجدارة.
هذا المفهوم يضعنا أمام تساؤل هل الفرص تأتي للأغنى أم الأصلح؟
ويعد المفهوم الشامل لتوزيع الثروة: هو الأصول أو رأس المال، مثل العقارات وأوراق مالية في البورصة وشهادات استثمار وأموال سائلة في البنوك، زادت حجم الثروات الخاصة، كما زاد تركز الثروة في يد شريحة أصغر من المصريين، خلال القرن الواحد والعشرين
بحسب آخر تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، ارتفعت معدلات الفقر في البلاد لتصل إلى 32.5% من عدد السكان بنهاية العام المالي 2017-2018، مقابل 27.8% لعام 2015-2016، مما يعني وجود أكثر من 32 مليون فقير في مصر.
وأرجعت وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات الفقر بنسبة 4.7%، إلى تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي خلال الفترة بين عامي 2016 و2018، وهو ما تطلب تكلفة على المجتمع والدولة.
وفي مايو 2019، ذكر البنك الدولي أن "حوالي 60% من سكان مصر إما فقراء أو أكثر احتياجا".ويصف البنك الدولي بالفقر كل من عاش بأقل من 3.20 دولارات في اليوم (96 دولارا في الشهر) في البلدان المتوسطة الدخل، أما صفة الفقر المدقع، فتطلق على من يعيش بأقل من 1.90 دولار للفرد في اليوم الواحد (57 دولارا في الشهر).
في المقابل كشف تقرير صادر حديثا عن مؤسسة نايت فرانك للاستشارات العقارية، أن مصر تحتل المركز الثاني بين الدول التي تشهد أعلى نمو في عدد الأثرياء بحلول عام 2024، حيث كان فيها 740 شخصا يمتلكون أكثر من 30 مليون دولار (469 مليون جنيه) عام 2014، وارتفع هذا الرقم إلى 764 شخصا في 2019، ومن المتوقع أن يصل إلى 1269 شخصا في 2024.
كما زاد عدد من يمتلكون أكثر من مليون دولار (15.6 مليون جنيه) من نحو 45 ألف شخصا سنة 2014، ليصل إلى أكثر من 57 ألفا في 2019، ومن المتوقع أن يصبح العدد 96 ألفا في 2024.
الحق في التعليم والصحة لتحقيق العدالة الاجتماعية:
بحس بما أقرت المفوضية الخاصة بالمحددات الاجتماعية للصحة التابعة لمنظمة الصحة العالمية بأن غياب العدالة الاجتماعية تؤثر بشكل ملحوظ على عدالة التوزيع للصحة. فالأعراف والعادات والتقاليد والثقافات المختلفة تسمح بتقبل عدم العدالة في توزيع الخدمات الصحية بل وفي بعض الأحيان، تدعو إلى عدم الإنصاف. وانتهت تلك المفوضية إلى التأكيد على أن غياب العدالة الصحية لم يعد مقبولًا أخلاقيًّا وأن مفهوم الأنشطة الانتقالية والتدرج في التنفيذ لا يعني التأثير على حق المواطنين في عدالة الحصول على الفرص الصحية.
فالإنصاف في الصحة يجب أن يتقاطع مع الاهتمامات السياسية المختلفة حيث أن تطوير القطاع الصحي لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن السياسات العامة الأخرى. فالصحة هي شرط مسبق وأساسي، مُخرج ومؤشر هام لاستدامة المجتمع ويمكن وصفها كقيمة شاملة وكمعطًى تكاملي اجتماعي وسياسي للجميع.
وفي مصر، تتحمل الأسر المصرية أكثر من 59% من إجمالي المصروفات على الصحة من الجيب. يتسبب هذا في إفقار خمس الأسر المصرية سنويًا ووصول 6%منهم إلى فقر مدقع مما يساهم بشكل أساسي في تزايد فجوة العدالة الاجتماعية.بحسب المبادر المصرية للحقوق الشخصية.
وأشارت المبادرة أيضًا إلى أنه بينما شهدت موازنة الدولة للعام المالي الجديد 2021\2022 التي بدأ تطبيقها في مطلع يوليو الماضي، زيادة في العديد من بنود الإنفاق العام، لكن هذه الزيادة لا تلائم التحديات التي فرضها وباء كورونا على الاقتصاد والخدمات الأساسية، وعلى رأسها الصحة، كما أن جانبًا كبيرًا منها يوجه إلى سداد الديون وفوائدها بما يحرم المواطنين من الاستفادة بأموالهم في تحسين أحوالهم خلال الأزمة التي يمرون بها.
فمع استمرار الجائحة وتداعياتها، ظل قطاع الصحة في المرتبة الخامسة في أولويات الإنفاق الحكومي، ورغم زيادة مخصصاته بنحو 15 مليار جنيه عن العام السابق، فإنها ما زالت لا تتجاوز نصف ما حدده الدستور، على خلاف التأكيدات الحكومية حول التزامها بالنسبة المستهدفة.
وبالتالي الاستثمار في التعليم والصحة فيأتي في مراتب تالية، رغم النقص الحاد في أعداد المدارس والفصول، ورغم نقص المستشفيات وأزمة فيروس كورونا، وما تتطلبه من توفير أماكن للعزل واللقاحات، وغيرها.
الحماية الاجتماعية
كما انخفض الإنفاق على قطاع الحماية الاجتماعية مقارنة بالعام المالي 2020/2021، رغم تزايد الحاجة إلى تلك الحماية في ظل الظروف الاقتصادية التي فرضها وباء كورونا، خاصة وأن نحو نصف مصروفات هذا البند تستخدم في سداد مديونية أموال التأمينات الاجتماعية لدى الخزانة العامة.
أما قطاع الخدمات العامة، الذي تستحوذ فوائد الدين العام على جزء كبير من مخصصاته بجانب مخصصات رئاسة الجمهورية والمجالس التشريعية والتنفيذية، فهو صاحب النصيب الأكبر من إنفاق الحكومة على أنشطتها المختلفة، ومن ثم حصل على أكبر زيادة في النفقات، بلغت نحو 80.7 مليار جنيه، معظمها يوجه لسداد فوائد الديون، وأجور كبار مسئولي الدولة.
بينما حصل قطاع الأمن العام وشئون السلامة العامة على ثاني أكبر زيادة مقارنة بالعام المالي السابق، حيث زادت مخصصاته بحوالي 36.6 مليار جنيه، وهو القطاع الذى يضم القضاء والمحاكم ووزارة الداخلية.
واحتفظ التعليم بترتيبه الثالث في أولويات الإنفاق، وزادت مخصصاته بنحو 15 مليار جنيه، إلا أنها لم تصل إلى نصف الحد الأدنى الذي نصَّ عليه الدستور، ونتيجة لضعف الإنفاق الحكومي وقلة كفاءته، هناك تفاوت كبير في حجم الإنفاق على التعليم بين العشير الأدنى والعشير الأعلى من الإنفاق.
في حين ارتفع الدعم التموينى بشكل طفيف، بلغ نحو 87.2 مليار جنيه مقابل 84 مليار في العام السابق، فى الوقت الذى تسجل فيه أسعار السلع عالميا ارتفاعا كبيرا ويحذر عدد كبير من الخبراء من موجة تضخم كبيرة خلال العام المالى 2021/2022.
بينما انخفض دعم المواد البترولية الموجه إلى القطاع العائلى بشكل ملحوظ، من 5.6 مليار جنيه إلى 3.7 مليار جنيه. ويمثل هذا البند نحو 20% من جملة مخصصات دعم المواد البترولية (وفقا لحسابات ودراسة للبنك الدولى).
الحق في السكن:
زادت المزايا الاجتماعية التي يستفيد بها المواطنون بشكل غير مباشر، عبر البنوك، وذلك من خلال القروض ذات الفائدة المدعومة: مثل ارتفاع الدعم المخصص للإسكان الاجتماعى من 5.7 مليار جنيه إلى 7.6 مليار جنيه مقارنة بالعام المالي السابق، ودعم المزارعين الذى زاد من 400 مليون جنيه إلى نحو 665 مليون جنيه.
المصدر : صفحة " الدفاع عن المظلومين "