كشف تحقيق دولي واسع النطاق تورط "كريدي سويس"، أحد البنوك الأكثر شهرة في العالم، باستقبال مئات الملايين من الدولارات لرؤساء دول ومسؤولي مخابرات ورجال أعمال خاضعين لعقوبات بسبب انتهاكاتهم لحقوق الإنسان.
وسربت بيانات أكثر من 18 ألف حساب مصرفي تمتلك مجتمعة أكثر من 100 مليار دولار إلى صحيفة "زود دويتشه تسايتونج" الألمانية التي تشاركت المعلومات مع مجموعة من 46 مؤسسة صحفية أخرى حول العالم.
وكشفت "نيويورك تايمز" في تقرير طويل أسماء عدد من الشخصيات المدرجة في قائمة حسابات "كريدي سويس" بملايين الدولارات وبينها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وابنا الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك جمال وعلاء بالإضافة إلى أبناء رئيس المخابرات الباكستانية الذي ساعد في تحويل مليارات الدولارات من الولايات المتحدة ودول أخرى إلى المجاهدين في أفغانستان في الثمانينيات ومسؤولون فنزويليون متورطون في فضائح فساد.
وقالت كانديس صن، المتحدثة باسم البنك، قد قات في بيان إن "بنك كريدي سويس يرفض بشدة المزاعم والاستنتاجات حول الممارسات التجارية المزعومة له". وأضافت إن العديد من الحسابات الواردة في التسريب تعود إلى عقود من الزمن إلى "وقت كانت فيه قوانين وممارسات وتوقعات المؤسسات المالية مختلفة تماماً عما هي عليه الآن".
وتأتي التشريبات الجديدة بعد فضيحة "وثائق بنما" في عام 2016 و"وثائق بارادايز" عام 2017 و"وثائق باندورا" في عام 2020 والتي سلطت جميعها الضوء على الأعمال السرية للبنوك وشركات المحاماة ومقدمي الخدمات المالية الذين يسمحون للأثرياء وبينهم متهمون بارتكاب جرائم بإخفاء مبالغ مالية ضخمة عن أعين القانون.
وبين الحسابات المسربة واحد يخص نائب وزير الطاقة الفنزويلي السابق نيرفيس فيلالوبوس المتورط في قضايا فساد مع شركة النفط الفنزويلية المملوكة للدولة عام 2008 وأن "كريدي سويس" فتح له حساباً بـ10 ملايين دولار عام 2011 أغلق في عام 2013.
في السياق نفسه يظهر 25 حساباً أخرى تحتوي على ما مجموعه حوالي 270 مليون دولار مملوكة لأشخاص متهمين بالتورط في مؤامرة واسعة النطاق تحيط بشركة النفط الفنزويلية.
كما أبقى "كريدي سويس" حسابات مفتوحة لرجل أعمال زيمبابوي عوقب من قبل السلطات الأمريكية والأوروبية لعلاقاته بحكومة الرئيس روبرت موغابي الذي بقي في السلطة بين عامي 1987 و2017 وتوفي عام 2019.
أما الشرق الأوسط، فقد تضمنت المعلومات المصرفية المسربة العديد من الحسابات المرتبطة بمسؤولين حكوميين في أنحاء المنطقة تثير تساؤلات حول الكيفية التي راكم بها مسؤولون حكوميون وأقاربهم ثروات طائلة في منطقة ينتشر فيها الفساد.
كان نجلا الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، علاء وجمال، يمتلكان ستة حسابات أحدها في عام 2003 بقيمة 196 مليون دولار، بينما يرفض الرجلان هذه الاتهامات ويعتبران الأموال التي يملكانها قادمة من "الأنشطة التجارية الناجحة".
الملك الأردني عبد الله الثاني يملك أيضاً ستة حسابات بما في ذلك حساب تجاوز رصيده 224 مليون دولار. الديوان الملكي الأردني رد في بيان إنه لم يكن هناك "سلوك غير قانوني" فيما يتعلق بالحسابات المصرفية. واعتبر الديوان أن التسريبات عن أموال مودعة في حسابات ببنوك سويسرية تخص الملك عبد الله "معلومات غير دقيقة ومضللة".
كما أن كبار مسؤولي المخابرات وأبنائهم من عدة دول تعاونوا مع الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب لديهم أموال مخبأة في بنك "كريدي سويس".
بصفته رئيس وكالة المخابرات الباكستانية، ساعد الجنرال أختر عبد الرحمن خان في تحويل مليارات الدولارات نقداً ومساعدات أخرى من الولايات المتحدة ودول أخرى إلى المجاهدين في أفغانستان لدعم قتالهم ضد الاتحاد السوفيتي.
في عام 1985، وهو نفس العام الذي دعا فيه الرئيس رونالد ريغان إلى مزيد من الإشراف على المساعدات المتجهة إلى أفغانستان، تم فتح حساب باسم ثلاثة من أبناء الجنرال خان. وبعد سنوات، سينمو الحساب ليحتوي 3.7 مليون دولار كما تظهر السجلات المسربة.
وصف الابن الثالث للجنرال، غازي خان، المعلومات المتعلقة بالحسابات بأنها "غير صحيحة" وأضاف ان محتواها "تخميني".
في عام 2003، وهو العام الذي غزت فيه الولايات المتحدة العراق للإطاحة بصدام حسين، فتح سعد خير، رئيس المخابرات الأردنية، حساباً كان يحتوي في النهاية على 21.6 مليون دولار. تم إغلاق الحساب بعد وفاة خير في عام 2009.
كان لعائلة عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية من عهد حسني مبارك حساب في البنك
المصدر : مونت كارلو و فرانس 24