JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Accueil

حسام الغمري يكتب : تعيين رئيس الدستورية وزيارة رئيس الأركان الأمريكي


قرار تعيين المستشار بولس فهمي رئيسا للدستورية بالتزامن مع زيارة قائد المنطقة المركزية الأمريكية صدفة أم رتب القرار بميعاد 

 نجح السيسي في إثارة الجدل بقرار تعيين المستشار بولس فهمي إسكندر رئيسا للمحكمة الدستورية العليا ، ليس فقط لأنه رابع أقدم القضاة داخل المحكمة حالياً بما يخالف أعراف وتقاليد هذه المؤسسة العريقة ، ولكن لأنه أول مسيحي يترأسها منذ أسسها الرئيس السادات في سبعينيات القرن المنصرم مما دفع البعض لوصف هذا التعيين بعدم الدستورية استناداً إلى المادة الثانية من الدستور المصري التي تقر بان الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع فكيف يفهم الشريعة غير المسلم من وجهة نظرهم ؟ 

البعض يعتقد أن السيسي يغازل المسيحيين داخل مصر الذين اعتادوا على تقديم الدعم له سواء في الانتخابات أو عبر الحشد الكنسي أثناء رحلاته الخارجية ، خاصة بعد جريمة قتل الشاب المسيحي مينا عبد السيد على يد عناصر من الشرطة والقائه في بالوعة مجاري حيث ظهرت على جثته علامات التعذيب والحرق ، كما انتشرت تسريبات تفيد أن والدة الضحية تعرضت لتهديدات قاسية من أجهزة أمنية حتى تلتزم الصمت !!

والبعض يرى أن الرسالة موجهة بالأساس للغرب الذي ما عاد يخفي استياءه من ملف السيسي السيء في مجال حقوق الانسان مما دفع 174 برلماني أوروبي إلى توقيع بيان يقتضى ضرورة البحث عن آلية لمراقبة انتهاكات النظام الحقوقية ، رسالة السيسي للغرب مفادها أنه يأتي بما لم يأت به الأوائلُ ، وهي تأكيداً لما صرح به أثناء كلماته في مؤتمر الشباب الأخير في شرم الشيخ مناشداً الغرب بعدم خسارة الأصوات العاقلة ، حيث يعتبر السيسي نفسه صوتا عاقلا داخل مصر !! أو هكذا يريد تسويق نفسه !! 

المسيحيون والمسلمون باتوا على قناعة تامة أن الاستبداد هو عنوان كل المشكلات الرئيسية في مصر ، الاستبداد الذي ضرب الجميع دون تفرقة بين عنصري الأمة ، الاستبداد الذي شرعن لأثيوبيا بناء سد النهضة ثم أمسى يتسول طوق النجاة من دولة صغيرة كجيبوتي ، فالجفاف والعطش ان ضربا مصر لا قدر الله سيعاني منه المسلم والمسيحي على حد السواء ، هذا ما بات يدركه الجميع وتعكسه تقارير الأجهزة الأمنية التي تؤكد للسيسي انهيار شعبيته وليس أدل على ذلك من استعانته بمن يهتف له داخل الكاتدرائية أثناء احتفالات عيد الميلاد المجيد قبل أكثر من شهر ، وهو الذي كانت تطربه الهتافات القادمة من القلب والتصفيق الحار احتفاءً به قبل أعوام ، كانت في الماضي هتافات أبناء الكنيسة الحقيقيين وليست هتافات مستـأجرة كالتي شهدناها الشهر الماضي ، المسلمون والمسيحيون يدركون الآن أنه ليس المهم صفة من يترأس المحكمة الدستورية العليا بل الأهم هو أن تطبق أحكام الدستور في مصر التي تحكم وفق هوى شخص واحد اعتاد مخالفة كل أحكام الدستور والقانون والأعراف والشرائع !! 

الأبرز أن هذا التعيين تزامن مع زيارة الجنرال فرانك ماكينزي قائد القيادة المركزية الأمريكية لمصر ولقائه مع الفريق أول محمد زكي وزير الدفاع والفريق أحمد خالد قائد القيادة الاستراتيجية وجنرالات من القيادة العامة للقوات المسلحة !

هذه الزيارة جاءت في أعقاب توبيخ نادر من الحليف الأمريكي بسبب فشل السيسي في معالجة ملف حقوق الإنسان ، مما دفع إدارة الرئيس بايدن لحجب 130 مليون دولار من المعونة كإشارة للداخل والخارج بأن هناك ما يقلق الحليف الاستراتيجي داخل مصر . 

الجنرال فرانك ماكنزي أكد لصحفيين قبل وقت قصير من هبوط طائرته وجود مخاوف بالفعل تتعلق بحقوق الإنسان ، ولكن تبقى أهمية مصر للقيادة المركزية الأمريكية أكبر من الجزء الصغير المستقطع من المعونة لا سيما بعد تعقيدات وتحديات يشهدها الاقليم والعالم وابرزها التحدي الإيراني والروسي على خلفية تحدٍ إمبراطوري عظيم يتمثل في الصين ، وقد أقرت أمريكا بايدن أنها تعتبره التحدي الرئيسي لها ! 

لا يُعَتقد أن قرار السيسي سيوقظ نار الفتنة الطائفية البغيضة ، فالمسلمون والمسيحيون في مصر يجمعهم إرث حضاري عظيم وتاريخ نضالي كبير ، وليس أدل على ذلك مما يذكره التاريخ أبان ثورة 1919 ، فضلا عن الصورة الرائعة التي ظهر عليها عنصري الأمة في ميدان التحرير عام 2011 . 

كما لا يُعتقد أن أمريكا والغرب بصفة عامة سوف يتأثر إيجابيا لصالح السيسي بسبب قرار تعيين بولس ، بل ربما يعتقدون أنها خطوة عبثية جديدة باتجاه مخالفة القوانين والأعراف والأقدمية داخل المحكمة الدستورية ، وتكريساً لصورة السيسي كفرعون مسيطر على جميع المؤسسات داخل مصر !! 

وأتوقع أن تتعالى الأصوات في الأيام القادمة تستدعي الجيش المصري ، أو ربما تطالبه بتفعيل مواد معدلة من الدستور تحوله التدخل لإنقاذ مصر من كل هذا العبث الذي بات خطراً على أمنها القومي . 

من يدري ؟

NomE-mailMessage