JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Startseite

مقتل جوليو ريجيني يعبر عن حقيقة مصر وأوربا أيضا : نعم أروبا تتقبل الحكام الديكتاتوريين


ترجمة : ممدوح قليد

هل فرنسا  وإيطاليا تعززان الديمقراطية وحقوق الإنسان بينما تبيعان المزيد والمزيد من الأسلحة لمصر، حيث اغتيل الطالب قبل ست سنوات؟    

إليزابيتا بريجي هي أستاذ محاضر في العلاقات الدولية في جامعة وستمنستر. اهتماماتها البحثية الرئيسية هي نظريات العنف و كتبت على نطاق واسع عن قضية ريجيني


 في ٢٥ يناير٢٠١٦، اختفى جوليو ريجيني، طالب الدكتوراه في جامعة كامبريدج، أثناء قيامه بعمل بحث ميداني في القاهرة، مصر وعثر على جثته التى تظهر آثار تعذيب وحشي في حفرة بعد تسعة أيام، في ٣ شباط/فبراير

وبعد ست سنوات، لا تزال مصر تنفي أي مسؤولية لها في هذه القضية ، ولا يزال مرتكبو هذه الجريمة أحرارا مطلقي السراح. ومع ذلك، فإن المعركة الآن من أجل الحقيقة حول مقتل ريجيني لم تكن أكثر أهمية من أي وقت مضى

لم يكن مقتل جوليو ريجيني هجوما غير مسبوق وغير مقبول على مبدأ حرية البحث العلمي والأكاديمي فحسب. لقد كانت جريمة كشفت عن حجم ووحشية القمع الذي تتصف به الثورة المضادة-عودة الحكم العسكري- في مصر، فضلا عن شعور النظام الحاكم في  مصر بقدرته على الإفلات من العقاب مهما ارتكب من جرائم

وعلى الرغم من توجيه الاتهام رسميا إلى أربعة ضباط معروفين (محددين) من جهاز الأمن الوطني المصري في المحاكمة الجارية في روما، إلا أن الإجراءات متوقفة حاليا بعد إصرار مصر على نفيها لأي تورط لها في هذا الملف الشائك ورفضها السماح للضباط المنتسبين للأمن الوطني بالمحاكمة في دولة أجنبية

إلا أن إفلات مصر من العقاب ليس سوى جانب واحد من القصة أما الجانب الآخر فيتعلق بنفاق الحكومات الأوروبية وتواطئها مع نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي.  أصبحت مصر مؤخرا ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم، بعد المملكة العربية السعودية والهند فقط 

زادت الواردات العسكرية بأكثر من الضعف في السنوات الخمس الماضية، مقارنة بالفترة بين عامي ٢٠١٠ و ٢٠١٥. كما إن مصر الآن في طريقها إلى اكتساب أكبر قوة بحرية في منطقة الشرق الأوسط ولهذا السبب فإنها مدينة بالشكر ل حلفاءها الأوروبيين، وخاصة فرنسا وإيطاليا

التحالف مع فرنسا

 تجاوزت فرنسا بين عامي٢٠١٣و٢٠١٧ الولايات المتحدة لتصبح ثاني أكبر مورد للأسلحة لمصر بعد روسيا. -يبقى أن نرى ما إذا كانت صفقات الأسلحة الأخيرة بين الولايات المتحدة ومصر-بقيمة ٢.٥٥ مليار دولار- ستغير هذا الترتيب  

تأني ثلث واردات مصر من الأسلحة حاليا من فرنسا، في حين يذهب ربع مجموع الصادرات العسكرية الفرنسية إلى مصر 

فقد سجلت صادرات الأسلحة الفرنسية زيادة بنسبة ٤٠٪؜ في السنوات الخمس الماضية وهي زيادة  ناتجة مباشرة عن ارتفاع المشتريات من الشرق الأوسط، وخاصة من مصر

إن حجم وعمق التعاون بين مصر وفرنسا يتجاوز الإحصاءات. قبل عيد الميلاد مباشرة، تم تسريب وثائق تسمى "أوراق مصر" من قبل موقع الصحافة الاستقصائية الفرنسي الكشف. وتثبت المذكرات أن فرنسا شاركت بين عامي ٢٠١٦-٢٠١٨ في سلسلة من عمليات القتل المستهدف -العملية سيرلي التي نفذتها القوات المسلحة المصرية على الحدود الليبية مع مصر- 

ولكنها تفسر بالتفصيل  أيضا عروض الشراء المطرد لبرامج المراقبة و التجسس و التنصت التي تتلقاها أربع شركات تقنية فرنسية  (منتجات شركة نكسا على سبيل المثال) وهي أنظمة برمجيات كانت تستخدمها مصر بانتظام لمراقبة المعارضة الداخلية واستهدافها.. إن حقيقة أن فرنسا قد تكون قامت - حرفيا - بتسليح قمع السيسي لم تغب عن بال القضاء الفرنسي، الذي قام بمحاكمة  أربعة مديرين تنفيذيين من شركات التكنولوجيا الفرنسية المتورطة مؤخرا  ووجدهم مذنبين ب "التواطؤ في التعذيب والاختفاء القسري  في مصر بين عامي ٢٠١٤-٢٠٢١ "

صادرات الأسلحة الإيطالية

وفي عام ٢٠١٩ ، أصبحت مصر رسميا أكبر عميل لصادرات الأسلحة الإيطالية. وظلت تحتل مرتبة  العميل رقم واحد في إيطاليا في عام ٢٠٢٠ أيضا، زاد حجم التحويلات (التعاملات) بشكل كبير تضاعف بين عامي ٢٠١٦-٢٠٢٠ من ٧ ملايين يورو في عام  ٢٠١٦ إلى ٦٠ مليون يورو في عام ٢٠١٧، ثم ٨٠٠ مليون في عام ٢٠١٩، وحوالي 1 مليار يورو في عام ٢٠٢٠

وهذا النمو المذهل لا يعزى إلى كمية الأسلحة المباعة لمصر فحسب، بل أيضا إلى نوع الأسلحة المعنية. بدأ الاتجاه التصاعدي في عام ٢٠١٥، في ظل حكومة ماتيو رينزي، مع زيادة كبيرة في تصدير الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وبرامج المراقبة 

تعتبر هذه الصفقات بالفعل خرقا لقوانين إيطاليا التي تحظر نقل الأسلحة إلى البلدان التي تنتهك حقوق الإنسان، أو التي تخوض صراعات مسلحة

مما يدعو للدهشة أنه مع تصاعد القمع من قبل نظام السيسي بعد مقتل جوليو ريجيني، زاد التعاون العسكري بين مصر وشركائها الأوروبيين بشكل كبير 

ولكن تدفق عمليات نقل الأسلحة تغير بشكل كبير في عام ٢٠١٩، عندما أبرمت إيطاليا ومصر صفقة تاريخية غير مسبوقة لكلا البلدين لبيع أنظمة أسلحة معقدة. وإلى جانب الفرقاطتين  اللتين تم تسليمها بالفعل، تشمل تلك الصفقة أربع فرقاطات أخرى، و ٢٤ طائرة يوروفايتر، و قمرا صناعيا عسكريا، و ٢٤ طائرة مقاتلة خفيفة. وسيتم إنتاج معظم هذه المعدات من قبل الشركات المملوكة جزئيا من قبل الدولة الإيطالية، مثل فينكانتيري

نعم  أوروبا تتقبل الحكام الديكتاتوريين

وهكذا، فبين عامي ٢٠١٦ و ٢٠٢٠، وبينما كان القمع الذي يمارسه نظام السيسي يتصاعد في أعقاب مقتل جوليو ريجيني، زاد التعاون العسكري بين مصر وشركائها الأوروبيين بشكل كبير وغير مسبوق.  تعتبر الحرب ضد الإرهاب الإسلامي - و هي شعار محبوب جدا على جانبي البحر الأبيض المتوسط (أوروبا و شمال أفريقيا و الشرق الأوسط) - بمثابة الذريعة المثالية (السبب الوجيه ظاهريا) لعملية إعادة التسلح التي استفاد منها نظام السيسي على وجه الخصوص، ووكلاء ووسطاء شركات الدفاع الخاصة والنخب الحكومية في مصر وأوروبا

وعلاوة على ذلك، كانت مبيعات الأسلحة تلك، التي غالبا ما تمول من قروض ترعاها البلدان المصدرة للأسلحة، مفيدة في خلق المزيد من الترابط (التجاري و المالي)، بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، لدرجة أن الحكومات الأوروبية لديها الآن مصلحة مباشرة في بقاء السيسى على سدة الحكم

بعد عشر سنوات من ثورات الربيع العربي (الانتفاضات العربية)، وعلى الرغم من دعم أوروبا المبكر لها و تأييدها للمطالب العادلة  المطروحة في تلك الاحتجاجات الجماهيرية، يبدو الآن أن أوروبا قد أعادت اكتشاف تفضيلها و تقبلها و ربما حبها للدكتاتوريين. بالطبع يمكن لأوروبا تبرير سياساتها المتناقضة الغريبة بالتبرير التقليدي من حيث تغليب  المصالح على القيم

مع الأسف تتصرف الحكومات الأوروبية  كأعداء للقيم   الديمقراطية 

أولا: أظهرت الانتفاضات العربية أنه لا يوجد استقرار حقيقي طويل الأمد، ناهيك عن الأمن، بدون عدالة اجتماعية، والاعتراف ببعض الحقوق الأساسية الديمقراطية مع ضمان الحريات المتعارف عليها.

 ثانيا: إن "المصالح الوطنية العليا" التي يزعم الحكام الديكتاتوريين أن سياساتهم تهدف لوضعها في المقام لا تكون كذلك في كثير من الأحيان - ….مصالح للنظام وليس للوطن

من الواضح أنه في حالة التعاون العسكري الأوروبي مع مصر، فإن المصالح الوطنية العليا (مصر) تتطابق مع مصالح صناعة الدفاع والنخب الحكومية على جانبي البحر الأبيض المتوسط. وهذه لا تمثل مصالح الدول المعنية (هي في حقيقتها مصالح الأنظمة الديكتاتورية) وفي الواقع، غالبا ما ينتهي الأمر بالدول إلى أن تكون ضحية لمثل هذه السياسات التى تنتهجها النخب الفاسدة و شركات إنتاج السلاح

ثالثا، تتسع فجوة المصداقية في أوروبا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى حقيقة أن الحكومات الأوروبية، كما قال محام مصري مختص بحقوق الإنسان مؤخرا، "أوروبا تتصرف كأعداء للديمقراطية"، بدلا من أن تتصرف مثل الدول الديمقراطية الحريصة على مساعدة البلدان الأخرى على التحول نحو الديمقراطية

إن الضرر الذي يلحق بالسمعة في الخارج كبير، ولكن الخطر يكمن أيضا في أن المعايير الديمقراطية سوف تبدأ في التآكل في الداخل (في أوروبا) أيضا وهي عملية تحدث بالفعل في واقع الأمر

هناك قول مأثور: "الحقيقة لها أعداء كثيرون، الأكاذيب لها أصدقاء كثيرون". الحقيقة حول ما حدث لجوليو ريجيني هي حقيقة مزعجة للغاية للجميع. إنه أمر محرج للحكومة المصرية ولكنه غير مريح للحكومات الأوروبية أيضا وخاصة الدولة الإيطالية، التي فشلت حتى الآن استراتيجيتها التي تهدف لضمان تحمل مصر المسؤولية عن مقتل ريجيني فشلا ذريعا

في عام ١٩١٩ كتب أنطونيو غرامشي أن "قول الحقيقة، والتوصل معا إلى الحقيقة، هو عمل ثوري". إن كشف  الحقيقة حول مقتل جوليو ريجيني يعني كشف وفضح الحقيقة عن الوضع في مصر، و يعني أيضا إظهار الحقيقة عنا نحن الأوروبيين وحكوماتنا وأفعالنا ومسؤوليتنا وهذا هو السبب في أن ما حدث لجوليو ريجيني يعتبر أمرًا بالغ الخطورة من 

الناحية السياسية مما يجعل كشف  الحقيقة و نشرها حول هذه الجريمة عملا سياسيا ثوريا رائعا

نسخة منقحة من المحاضرة 

https://www.opendemocracy.net/en/north-africa-west-asia/giulio-regenis-murder-speaks-the-truth-about-egypt-and-europe-too/



NameE-MailNachricht