JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
الصفحة الرئيسية

" الغربان " .. نص قصصي بقلم : مجدي أبو السعود



زجاج النافذة خلف رأسي

 يهتز برتابة اعتدتها صباح كل يوم وأنا مابين خدر النعاس وتململ اليقظة، لكن ثمة من ينقر برتابة أخرى على الزجاج، ليس نقر أصابع إنسان، وهل يتصور أن يتسلق أحدهم الطابق الثالث لينقر على زجاج نافذتي؟! ثم إنني لم أر عصافير منذ زمن تحلق في الفضاء، فقط اعتدت على رؤية الغربان بريشها الأسود الداكن تنعق من الصباح إلى المساء وأتسلى برؤيتها خلسة من خلف زجاج النافذة دون أن ترانى - أو بالأحرى متوهما أنها لاتراني - وهي تحط على أسطح البنايات المجاورة وتضع ما بمناقيرها الطويلة على السطح وتقلب ماحصلت عليه قبل أن تدفعه إلى داخل رقابها الطويلة، ثم تعود للتحليق وشق الفضاء بفرد ريش أجنحتها السوداء العريضة والنعيق مرة أخرى.

هل كانت الغربان تعلم أنني أتلصص عليها وأراقبها لتجرؤ على نقر زجاج نافذتي هذا الصباح بمناقيرها الحادة الطويلة بهذه البجاحة ودون أن تضع فى حسبانها رد فعلي ككائن عملاق، أضخم منها، وأنني ربما أمد يدي العملاقتين فى الهواء وأتصيدها جميعا وأتسلى ببتر مناقيرها قبل أن أذبحها وألقى بجثثها فى العراء لأستريح منها؟!، ثم إن ما أدهشني أنها لا تنقر زجاج هذا السمين الذي يغط فى نوم عميق على السرير المقابل بشخير غير منتظم وتجمعت فقط حول زجاج نافذتي وتنقر بغضب عليه وتكاد تكسر الزجاج، بعد أن أفقت جيدا وقعدت على السرير فى مواجهتها تماما رأيتها تتلمظ نحوي بأعين شرسة ضيقة محتقنة.

 ولاحظت أن زجاج النافذة بدأت تظهر فيه شروخ رقيقة وربما يتهشم في أية لحظة وتهجم تلك الأعداء باتجاهي مباشرة وتفتك بي ثم تنقل جثتي بمناقيرها الحادة عبر النافذة المهشمة إلى سطح البناية المجاورة وأكون وليمتها تكفيها لأيام قادمات لا تحلق للطيران فيها ولا تنعق طلبا لطعام، جال هاجس بداخلي أنها كانت تخطط لهذه الوليمة منذ أن أتيت إلى هنا، فهل تفعلها حقا؟! ولم لا وأنا الذى بدأت بكرهها ومعاداتها بينى وبين نفسي متوهما أنها لا تعرف وهي قطعا كانت تعرف منذ أول لحظة كرهتها وعاديتها فيها وإلا ما جرأت الآن على دق طبول الحرب ومحاولة اصطيادي هذا الصباح الغائم، أيها السمين الذي لا يكف عن الشخير لماذا لا تنهض لتقف إلى جواري فى هذه الحرب، أنا الذي احتملت شخيرك دون أن أصدمك بأنك تزعجني تماما مثل هذه الغربان الناعقة فى الفضاء ولماذا لا تضع فى يقينك أنها ربما تطمع فيك أنت الآخر حتى وإن لم تكن تنقر زجاج نافذتك وحتى إن لم تكن تكرهها أو تعاديها فمن يدري ما يدور بدواخلها الآن؟!

author-img

أخبار التاسعه

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    الاسمبريد إلكترونيرسالة