إذا قلت لمريض تعرفه: ربنا يشفيك، فهذه دعوة حلوة إن شاء الله تستجيب لها السماء!!
وصدق أو لا تصدق هناك من يرفض هذه الدعوة وهذا بالطبع يدخل في دنيا العجائب، ومن حقك أن تسأل: ولماذا يرفضها؟
لا شك أن صاحبنا هذا مريض، لكن مرضه في عقله!!
وأقول لك أنه ليس مريضاً بل "يتفلسف"!!
فهو من أنصار الفلسفة الكدابة!!
وإذا قلت لي: خليه يتفلسف!! لكن ما دخل هذا الأمر في دعوتين حلوين تقولها لكل مريض: ربنا يشفيك!!
والإجابة مفاجأة قاسية بل صدمة شديدة لحضرتك!!
فصاحب الفلسفة الكدابة هذا يقول: لا علاقة للسماء بالطب ولا بشفاء المريض!!
فالأدوية التي يتناولها هي التي تشفيه أو يموت إذا لم تكن لها فائدة!!
وأراهن أنك رأيت هذا الرأي غريب جداً وشاذ كمان، لكن إيه رأيك يا صديقي أنه موجود وأصحابه يقولون: نحن نرفض الغيبيات ونؤمن فقط بكل ما هو مادي وواقعي!!
وفي الرد على هؤلاء أوعى تدخل في منطقة الكفر والإيمان، بل تعالى نناقشهم بالعقل والمنطق الذي هو في صفنا!!
وبداية أقول بل أؤكد أنه إذا لم يأخذ المريض الأدوية المطلوبة فلن يبرأ من مرضه أبدا ولو دعى الله مليون دعوة! لأن الكون ليس فوضى بل يقوم على الأخذ بالأسباب، وليس دعوة الله "عمياني"!!
فهذا بلغة الفقه أسمه "التواكل" وليس "التوكل"، ولاحظ شدة التشابه فلا يفرق بينهما إلا حرف "الأف"، ومع ذلك فالفارق بينهما شاسع!!
وعندما يبذل المريض أقصى ما في وسعه في العلاج، فهنا فقط يتطلع إلى رحمة ربنا، والأدوية التي يتناولها هي الأخذ بالأسباب، وأكثر من مرة تلاحظ حضرتك مرضى عندهم ذات الأعراض ويأخذون نفس الأدوية المقررة، ولكن واحد يستجيب للعلاج بفضل ربنا ويشفيه، والثاني حالته "محلك سر" وربما تتدهور، فالشفاء النهائي من عند الله.
وصدق سيدنا "إبراهيم" وهو يقول في القرآن الكريم: "وإذا مرضت فهو يشفين"
وهكذا في كل أمورك: أبذل جهدك وبعدها أدعو ربك، لكن أوعى تقول: الباقي على ربنا، فهو الأصل والشافي، ومش ممكن يكون الباقي!!
ربنا توكلنا عليك في كل أحوالنا.