تأتي موافقة الرئيس الروسي على المقترح التركي بعد حوالي 15 ساعة فقط من تسلم موسكو ردود واشنطن وحلف الناتو على مطالب روسيا بضمانات أمنية مقابل وقفها التصعيد في أوكرانيا. وبطبيعة الحال، جاءت ردود الولايات المتحدة والناتو سلبية ورافضة للمطالب الروسية التي وصل بعضها إلى ضرورة تجميد عضوية المجر وبلغاريا في الحلف...
كان موقف الصين متوقعا منذ البداية، فقد أعلنت بكين على الفور بأنه "على الغرب أن يأخذ مخاوف روسيا الأمنية على محمل الجد". وهذا هو أعلى موقف يمكن أن تتخذه الصين التي يبلغ حجم التبادل التجاري بينها وبين الولايات المتحدة حوالي 600 مليار دولار، وبينها وبين الاتحاد الأوروبي حوالي 450 مليار دولار. بينما يبلغ حجم التبادل التجاري بين موسكو وبكين 108 مليار دولار فقط.
لا أحد يعرف بعد طبيعة زيارة بوتين لتركيا. وهل سيلتقي هناك الرئيس الأوكراني بحضور وإشراف الرئيس التركي الذي يلعب دور الوسيط، أم ستكون الوساطة مع كل من الرئيسين على حدة لتهدئة الأوضاع أولا، وما هي أهداف أردوغان من هذه الوساطة، ولماذا استجاب بوتين بعد رفض المقترح التركي والسخرية منه؟!!! هذا مع العلم أن تركيا لا تزال عضوا في حلف الناتو. وهي أصلا من الدول المؤسسة للحلف. وعلى الرغم من العلاقات المتردية بين الرئيس أردوغان وبين كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلا أن أنقرة لم تخرج عن الإجماع الأطلسي ولا عن مسارات العلاقات التقليدية مع الغرب، إلا في إطار تصريحات (فرقعات) سياسة موجهة عادة إلى الداخل التركي أو لتصفية حسابات سياسية صغيرة مع هذه الدولة الأوروبية أو تلك، ولا تلبث الأمور أن تعود إلى طبيعتها بعد ساعات قليلة من التصريحات الساخنة...
في كل الأحوال، وبعد الصدمة الروسية من رفض الغرب ما يقرب من 90 طلبا أمنيا لروسيا، من ضمنها تفكيك حلف الناتو وتجميد نشاطاته وتبديل أولوياته، سنشهد تطورات مهمة تعكس الوضع الحقيقي ليس فقط لروسيا، بل وأيضا للولايات المتحدة وأوروبا والناتو من جهة، وللصين من جهة ثانية. خاصة وأن روسيا بدأت تعتمد مبدأ التسويف والمماطلة والإبطاء في اتحاذ القرارات، إضافة إلى توسيع حملاتها الدعائية ضد الغرب من جهة، وحملات البروباجندا ذات الفوائض الكلامية، والموجهة تحديدا إلى دول شمال أفريقيا ومنطقة الخليج وإيران وسوريا وفنزويلا ومنغوليا من جهة ثانية..