JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Accueil

د. أيمن منصور ندا يكتب : رسالة إلى الرئيس


 سيدي الرئيس

جاء في الأثر أن "عبد المطلب بن هاشم" (جد النبي الأعظم) ذهب إلى "أبرهة" الحبشي وقت أن جاء إلى "مكة" لكي يهدم "الكعبة" وطلب مقابلته فأذن له.. "فلما حدث اللقاء، قال عبد المطلب لترجمان أبرهة: حاجتي إلى الملك أن يردَّ عليَّ مئتي بعير أصابها لي، فلما قال لـه ذلك، قال أبرهة لترجمانه: قل لـه كنت أعجبتني حين رأيتك ثم زهدت فيك حين كلّمتني، أتكلمني في مائتي بعير قد أصبتها لك، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه، ولاتكلمني فيه؟ قال له عبد المطلب: "إني أنا ربُّ الإبل، وإنَّ للبيت ربَّاً يحميه ويمنعه"!!

وأنا يا سيدي، لا أوجه حديثي إليكم بشأن المشكلات الرئيسية التي تواجهها مصر في الوقت الحالي، ولا أحدثكم عن التحديات المصيرية التي تحيط بها، ولا عن "أولويات الجمهورية الجديدة" ومسارها، فكل هذه القضايا وغيرها "لها ربٌّ يدبرها ويدير أحوالها".. وإنما أوجه حديثي إليكم بشأن "إبلي" التي ضاعت، و"أغنامي" التي نفقت، ومستقبلي الذي صار خلفي بفضل رئيس جامعة أبى إلا أن نتوجه بالعبادة حول كعبته وكأنه "أبرهة" .. وأبى إلا أن يكون فرعون موسى "مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ"..

سيدي الرئيس

تقدمتُ ببلاغ لمعالي النائب العام (عريضة رقم 37979 لسنة 2021 / رقم الكود 94521 بتاريخ 29 أغسطس2021) أتهم فيه رئيس جامعة القاهرة الدكتور/ "محمد عثمان الخشت" بإهدار المال العام في جامعة القاهرة، واستخدام منصبه العام لتحقيق منافع شخصية، والإساءة إلى سمعة الجامعة والتحقير من شأنها في المحافل الدولية، وتجاوز القانون، والتربح ومساعدة آخرين على التربح من الوظيفة، والتفريط في الحقوق المالية لجامعة القاهرة لدى الغير، والتغول على سلطات النيابة العامة والتستر على جرائم جنائية، وإتلاف أثر، وإتلاف ممتلكات حكومية، وغيرها.. وقد أمر النائب العام بالتحقيق في هذا البلاغ (القضية رقم 25 لسنة 2021 حصر تحقيق استئناف القاهرة). وتقدمت بمستنداتي كاملة إلى النيابة العامة وغيرها من الجهات القضائية والرقابية، ولا تزال التحقيقات مستمرة في هذه القضية.

بسبب ذلك، وبسبب استخدامي لحق دستوري (الحق في الإبلاغ) أتعرض حالياً لموجة عاتية من التنكيل بي داخل جامعة القاهرة وخارجها.. في الجامعة، أحالني رئيس الجامعة المنتهية ولايته والمتهم الحالي في القضية سالفة الذكر إلى عشر مجالس تأديبية كيدية وصورية تمهيداً لفصلي من الجامعة، معلناً أن رجوعي إلى العمل "على جثته"، مستقوياً بما يعلنه عن علاقاته النافذة ببعض الأجهزة السيادية، زاعماً تأييدها له ومساندتها لسياساته.. وخارج الجامعة، تم إغلاق كل سبل العيش أمامي، وتم وضع اسمي على قوائم الممنوعين من الحياة في مصر، والممنوعين من السفر إلى خارجها! إنني أتعرض يا سيدي لمحاولات "اغتيال مادي ومعنوي" حقيقية لمجرد أن عبرتُ عن رأيي في مجال تخصصي العلمي الأكاديمي!!

سيدي الرئيس

لقد حاولت التواصل مع جميع المسئولين لحل هذه المشكلة دون جدوى.. كل الأبواب كانت مغلقة، وكل النوافذ باتت موصدة.. حتى الوزير المسئول بشكل مباشر عن ملف الجامعات رفض مقابلتي  رغم توسط بعض المقربين منه.. لم أكن يا سيدي أدافع عن قضية شخصية، ولم أكن أطلب حقاً فردياً، إنما تحدثت عن "قضية عامة"، وعن "شأن مجتمعي"، ولي فيهما ما يجعلني قادراً على الحديث عنهما.. والنتيجة كانت إيقافي عن العمل لمدة تقترب من العام، وسجني لشهرين كاملين، ومنعي من حق السفر إلى الخارج، وخضوعي لملاحقات قضائية عديدة، وتجريدي مما كنت أعتقد أنها حقوق شخصية لا يجوز المساس بها أو التعرض لها!! خرجت يا سيدي من غياهب السجن المغلق المباشر إلى متاهات السجن المفتوح غير المباشر.. لا فرق بينهما يا سيدي طالما أن حقوقي ضائعة، ومصيري ومصير أولادي في مهب الريح!

سيدي الرئيس

إن جوهر الانتقال إلى "الجمهورية الجديدة" هو ضمان حقوق الأفراد، وشعورهم بالأمن على أنفسهم، وعلى مستقبلهم.. لا أستطيع يا سيدي أن أدافع عن جمهورية جديدة أو أشعر بوجودها أو حتى بإمكانية قيامها وحقوقي مسلوبة، وإرادتي مغلوبة.. لا أستطيع يا سيدي أن أتغنى بحب الوطن وفي الفم ماء،  وفي الحلق غصة، وفي الجوف مرارة.. كيف أدافع عن حقوق الوطن وحقوقي ضائعة؟ وكيف أحلم للوطن وحلمي ضائع؟ .. الوطن يا سيدي هو مجموع حقوق الأفراد وجماع أحلامهم؛ فإذا ضاع الفرد ضاع الوطن يا سيدي.. ولا حديث عن جمهورية جديدة تضيع فيها حقوق الأفراد الخاصة وأحلامهم الشخصية. 

سيدي الرئيس

أكتب إليكم لأنه لم يعد أمامي سوى بابكم على الأرض، قبل أن أرفع شكواي إلى قاضي السماء.. أكتب إليكم وأنا محسوب عليكم، ومنتمٍ إلى نظامكم، ولا أخفي دعمي لكثير من سياساتكم.. إيماني بحقي لا ينازعه إيمان.. وعملي على استرداد حقوقي لن ينقطع.. دفعت الثمن كاملاً عن مواقفي وآرائي وعلى استعداد لدفع المزيد.. وغاية أملي أن أجد لديكم ما أشدد به أزري وما يساعدني في أمري.. "رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ"، "وَأُفَوِّضُ أَمرِيٓ إِلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرُ بِٱلعِبَادِ"..

NomE-mailMessage