JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
الصفحة الرئيسية

مصطفي السعيد يكتب : كيف أطاح شخص مغمور بكل الأحزاب التونسية؟


عندما انطلقت الحملات الإنتخابية لرئاسة تونس بين 26 مرشحا في الإنتخابات التي جرت في سبتمبر 2019 لم يكن قيس سعيد من بين الشخصيات المرشحة للفوز، والتي كانت محصورة بين 6 شخصيات معروفة، لها أحزاب أو شغلت مناصب مهمة، ومنهم عبد الفتاح مورو مرشح "حركة النهضة" ويوسف الشاهد رئيس الحكومة وحزب "تحيا تونس"، وعبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع المستقيل، ومهدي جمعة رئيس الوزراء السابق وحزب "البديل التونسي"، والمنصف المرزوقي الرئيس الأسبق، وعبير موسى التي لمعت بمواجهتها الشرسة لحزب النهضة مدعومة بحزبها الدستوري الجديد ودول إقليمية، ونبيل القروي رجل الأعمال الثري وصاحب قناة فضائية، وباقي الأسماء كانت أكثر لمعانا وشهرة وقدرة على الحشد من الأستاذ الجامعي المغمور قيس سعيد، الذي لم يكن له حزب أو أي منظمة أو جماعة.

 وكانت حملته الإنتخابية فقيرة، لكن كانت المفاجأة في حصول قيس سعيد على أصوات رفعته إلى خوض المرحلة الثانية من السباق الرئاسي في مواجهة رجل الأعمال نبيل القروي الذي كان موقوفا بتهم فساد، قال إنها إتهامات ملفقة لإبعاده عن السباق، وكان صعود كل من قيس سعيد ونبيل القروي له دلالة قوية على ضعف الأحزاب السياسية بما فيها حزب النهضة الإخواني، الذي كان على رأس السلطة منفردا أو متحالفا مع آخرين لمدة تسع سنوات.

 كان المفترض فيها أن يكون قد أحكم قبضته على مؤسسات الدولة، لكن الحزب كان قد فقد بريقه، ونزل من فوق قداسة الشعارات الدينية البراقة إلى أرض الواقع، وكان الواقع يتغير بسرعة، ومشروع جماعة الإخوان يتهاوى، وبدأ التصدع يضرب في الحزب. ولهذا كان للحزب مرشحين متمردين على قيادة الغنوشي، وهما عبد الفتاح مورو وحمادي الجبالي الذي كان قد شغل منصب رئيس الوزراء.  وكان تفسير هذا الصعود المباغت لقيس سعيد أنه مرشح خفي لحزب النهضة أو أنه سلفي التوجه، لكن قيس سعيد الذي فاز باكتساح في المرحلة الثانية لم يكن له علاقة بأي حزب أو جماعة، وربما كان ذلك سبب صعوده، فالمزاج الشعبي كان يرى أن المنظومة متهالكة، وأن الأحزاب فاشلة.

 لهذا منح الشعب أصواته لشخصية من خارج المنظومة، أما الترويج لأنه مرشح الدولة العميقة أو القطاع الأمني منها فمردود عليه بأن عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع الذي استقال كان المعبر الأقرب عنها، ورغم أن سلطات قيس سعيد كانت محدودة بحكم الدستور والنظام البرلماني فإنه قناعته زادت بأنه الأقوى، وأن فوزه بأكثر من 70% من الأصوات يمنحه شرعية شعبية، وازدادت القناعة رسوخا بانتفاضة 25 يوليو الماضي، فالتقط قيس سعيد الفرصة، وأطاح بالبرلمان والحكومة بل معظم الأحزاب، التي لم يشرك أيا منها في مشاورات أو قرارات، ويظل السؤال حول أي قوة استند عليها قيس سعيد، والإجابة الأقرب للصواب أنه لم يعتمد على أي قوة، إنما إعتمد على ضعف كل الأحزاب والمؤسسات.

فلم يكن أي حزب أو مؤسسة في الدولة بما فيها الجيش والداخلية قادر استلام السلطة، ورغم أن قيس سعيد لم يطرح بديلا واضحا، أو حتى برنامجا لتسيير الدولة إلا أنه استطاع الصمود أمام تحالف العديد من الأحزاب في هجمات مضادة، كما لم يعتمد قيس سعيد على قوة إقليمية أو دولية، فهو يحافظ على مسافة تجعله يبدو محلقا فوق التناقضات، سواء الطبقية أو الإقليمية أو الدولية، وساعده على هذا التحليق أن موازين القوى متقاربة على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولهذا تنتظر تلك القوى أن يحط قيس سعيد على الأرض ويحدد خياراته، وتتنافس القوى المختلفة على جذبه تجاهها، والتوازن يحافظ له على التحليق لفترة أطول يمكنه فيها تشكيل منظومة جديدة للدولة.

author-img

أخبار التاسعه

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    الاسمبريد إلكترونيرسالة