JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Accueil

د. أشرف الصباغ يكتب : كيف ينتقمون من نجيب سرور ؟


 تتواصل المحاولات لإزاحة نجيب سرور من المشهد الإبداعي الكبير إلى زاوية الشتيمة والسباب والقدح والذم ومعارك المراهقين. وللأسف الشديد يجرى كل ذلك بدعم ومساعدة من أولئك الذين يحبون نجيب سرور شخصيا، ويرون في أعماله ثروة أدبية وإبداعية تحمل صفات وتقاليد مصرية، سواء في الشعر أو في السرد، أو حتى في جهوده النقدية. 

هناك محاولات حثيثة بالفعل للانتقام من نجيب سرور بتهميشه وبتدمير سيرته الذاتية تدميرا تاريخيا ممنهجا، عبر التركيز على أولوية "الهجاء" لديه، ومنح قصيدته العظيمة "كسميات نجيب سرور" الأولوية على بقية إنتاجه، وإعطائها مساحة أكبر بهدف تنفير الناس منه شخصيا، ومن ثم تنفيرهم من أعماله الإبداعية. وفي الحقيقة، فإن قصيدة "الكسميات" مهمة إبداعيا، بل ومهمة على مستوى النوع في الشعر الحديث من حيث البناء والتوجهات ومعالجة الأفكار والمصطلحات المستخدمة. من هذه الزاوية الفنية يمكن أن نتحدث عن الدوافع النفسية والإبداعية لكتابة مثل هذا النوع من الشعر (الأدب) من جهة، ويمكن أن نتحدث أيضا عن "الخوازيق" و"الأسافين" التي تجعل المبدع يخرج عن السياقات الإبداعية التقليدية ويقوم بكتابة أعمال مثل "الكسميات". تلك القصيدة الطويلة أو هذا الديوان الصغير، لو نظرنا إليه من زاوية الإبداع، من الممكن أن نكتب عنه مقالات ودراسات وكتب في علم النفس الإبداعي. لكن هناك أعملا أخرى لنجيب سرور ترقى لمستوى الأعمال الجيدة في آداب الدول والمجتمعات الأخرى، وتم إصدارها في داخل مصر، وإخراجها بالفعل على مسارح الدولة.

عادة ما يوجد أشخاص كثيرون يتحدثون عن تفاصيل شخصية إما حضروها بأنفسهم، أو سمعوها من أحد. وهناك أيضا من يقوم بتأويلات قسرية لبعض الحقائق أو التفاصيل. وهناك من يبالغون ظنا منهم أن ذلك يمنح المبدع حظوة وقيمة إضافية واستثنائية. هذه الأمور منتشرة في كل المجتمعات. والناس من جهة أخرى، عادة ما يفضلون الأسطورة على الحقيقة لأسباب كثيرة تتعلق بواقعهم وبحجم الضغوط والانتهاكات الواقعة عليهم، وأيضا بحجم الفقر الثقافي والمعرفي وغياب المعلومات. ولكن في كل الأحوال، هناك إلى جانب كل ذلك، النظرة الرصينة والتعامل العقلاني مع التفاصيل والحكايات والعنعنات والتخرصات. وبقدر قيمة المبدع، تكون الخلافات والاختلافات على شخصه وعلى إبداعاته. ونجيب سرور مبدع مصري كبير. وانطلاقا من ذلك، يجب علينا جميعا أن نسعى لتنقية سيرته، والتركيز على أعماله المهمة في سياق تقاليد الأدب المصري. 

كنتُ أتمنى أن ننقي سيرة نجيب سرور من المبالغات والتخرصات وتحويله لبهلول. لكن للأسف الشديد لا يزال هناك أصدقاء يبالغون ويرددون أكاذيب، ويجمعون أي كلام مكتوب ويرصونه جنب بعضه، لكي يجمعوا لايكات وصيحات استحسان. وللأسف هم يساهمون بعلمهم أو بدون علمهم في عملية تضليل وتزييف واسعة النطاق..

- لم يتم اعتقال نجيب سرور إطلاقا، ولم يسجن لأسباب سياسية أو غير سياسة.

- الحكومة المصرية لم تضع نجيب سرور أبدا في مستشفى الأمراض العقلية. ولم يدخل نجيب سرور أبدا إلى مستشفى الأمراض العقلية. ولكن أخته في الإسكندرية أدخلته مصحة نفسية لأسباب لا علاقة لها بالجنون أو الاضطهاد السياسي أو غيره.

- نجيب سرور لم يكن عضوا بأي حزب أو تنظيم سري أو علني، وإنما كان مثقفا وطنيا- قوميا مصريا. وعلينا فقط أن نرصد الفارق بين الانضمام للحركة السياسية والنشاط السياسي العام والانخراط في مشاكل المجتمع والوطن، وبين الانتماء لتنظيم سياسي وعضوية الأحزاب. وأيضا علينا أن نتعامل بدقة مع مسألة أن يجلس الشخص على المقهى أو يلتقي مع شخصين أو ثلاثة ينتمون لتنظيم ما. وبعد ذلك يتم الحديث عن انتماء الشخص لحزب أو تنظيم...

- نجيب سرور ذهب إلى الاتحاد السوفيتي في بعثة حكومية مصرية على نفقة الدولة المصرية لدراسة الإخراج المسرحي عام 1958.

- صدام نجيب سرور كان مع السياستين المصرية والسوفيتية في وقت واحد وقام بفضح سياسات النظامين بدءا من قتل شهدي عطية في مصر وفرج الله الحلو في سوريا.

- عانى نجيب سرور من زملاء البعثة المصريين الذين كانوا يكتبون فيه تقارير للسفارة، ومن الشيوعيين المصريين والعرب في موسكو لأنهم أيضا كانوا يعادونه بسبب فضحه لسياسات النظامين في مصر وفي الاتحاد السوفيتي.

- نعم تم إلغاء بعثة نجيب سرور، وإلغاء جواز سفره، لأنه رفض العودة إلى مصر عندما اختلف عبد الناصر وخروشوف، وقام الأول بسحب الدارسين المصريين من الاتحاد السوفيتي، فرفض نجيب سرور العودة. وبعد ذلك تصالح النظامان في موسكو والقاهرة، وعادت البعثات المصرية. لكنهم كانوا قد غضبوا على نجيب سرور.

-انزعجت السلطات السوفيتية من انتقادات سرور لسياساتها ودعمها للأنظمة الفاشية في الشرق الأوسط، وانتهازيتها، وتوجهاتها الإمبريالية، فقررت إبعاده عن الاتحاد السوفيتي.

- توجه إلى المجر لمدة عام أو أكثر قليلا. ولكنه لم يتمكن من الحياة هناك بسبب انتشار الفساد السياسي والإداري وبسبب تشابه الأنظمة السياسية، سواء مع الاتحاد السوفيتي أو الدول العربية الاستبدادية.

- نجيب سرور هو أكثر مؤلف مسرحي في مصر تم تدليله منذ عودته إلى القاهرة عام 1964 وحتى رحيله عام 1978. وكانت أعماله تطبع في مطابع مؤسسات الدولة، وكانت تُخْرَج على مسارح الدولة أيضا.

- أزمة نجيب سرور أكبر من المبالغات والكلام الصبياني ومحاولات تحويله إلى بهلول.

- النكسة كانت عاملا إضافيا لكسر نجيب سرور، نظرا لحساسيته الإنسانية والإبداعية المفرطة. وهي أثرت بدرجات متفاوتة على كافة أبناء هذا الجيل، وبالذات على الذين كانوا يؤمنون بالتجربة الناصرية وبشعاراتها. ونجيب سرور كان مؤمنا بالتجربة الناصرية وبشعاراتها بشكل لافت. لكنه بدأ يفقد ثقته بها بداية من مقتل شهدي عطية واعتقال الشيوعيين وتعذيبهم في المعتقلات والسجون..

- نجيب سرور هو أحد فرسان الميثولوجيا المصرية، وأحد أهم مؤلفي المسرح الشعري في مصر. وهو أيضا مثقف مصري وطني في سياق قومي مصري ينطلق من، ويرتكز إلى، مكونات ثقافية ومعرفية مصرية.

- نحن نحاول تنقية سيرة وتاريخ مثقفنا الوطني- القومي المصري نجيب سرور حتى نلتفت إلى أعماله المهمة في تاريخ الأدب والثقافة المصريين.

NomE-mailMessage