JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Startseite

مجدي أبو السعود يكتب : " صور سبتمبرية " ... أقاصيص


١- الزول

قفزاً باتجاه البحر مضيت، في ذات اللحظة التي كان يقفز هو فيها لعبور الطريق بساقه التي يعرج بها، كادت سيارة مارقة مسرعة ترفعه من على ظهر الأرض وتهبط به جثة هامدة

. انخلع قلبى وطار فى الهواء ثم عاد مرة أخرى إلى قفصه، ومازال يرفرف. وفي ذات اللحظة التي رأيته فيها يسير بجواري بعد نجاته بقامته الفارعة وعمامته السودانية البيضاء الكبيرة مبتسما عن وجه أسمر طويل وفم بلا أسنان بعد أن قال : الله يخرب بيتك يا" زول " كنت هاتكلني، وغمغم بعبارات لم أفهمها قلت له : أنت سوداني أليس كذلك ؟! قال : البطن مصري والعقل سوداني!

قلت مبتسما : ده انت معلم كبير قوى! هل تقصد أن أمك مصرية ؟! قال : لا, بل ولدت لأبوين سودانيين ولكني أعني أنني أعيش هنا فى مصر منذ زمن من أجل لقمة عيشي التي أسد بها جوع بطني ، لكنني أعيش بعقلى السوداني .

٢- غريب

لست أدري كيف عرف " عبده" وأبوه أصحاب مقهى الشاطيء أنني طبيب؟!! حاولت عبثا أن أثبت لنفسي أنني غريب فانتقلت إلى مقهى آخر.. ولدهشتي لم أعامل كغريب؛ عاملوني وكأنهم يعرفونني منذ سنوات طوال، وكأن ختم وزارة الصحة مطبوع على وجهي يصاحبني أينما ذهبت فى الحل وفي الترحال. تلك الدهشة تعتريني دوما حين أصل إلى حدود الأمكنة: فلا أحد يجهلني.

٣- حادثة

اطمأن على أن " البطيخة " مستقرة بجوار كيس ملابسه البلاستيكي وبه هدومه المتسخة، وقف على رأس الطريق الإسفلتي الصاعد ينتظر سيارة الميكروباص ليعود إلى بيته بعد انتهاء يوميته، باغتته البطيخة وتدحرجت سريعا نحو الأسفل, وفي ذات اللحظة التي انتبه هو فيها لها هشمتها سيارة مارقة، فتفجر الدم الأحمر القاني من أحشائها وغطى الإسفلت الأسود، وقف مدهوشاً مصدوماً وكأن رأسه هو الذي تهشم!!

٤- تجشؤ

كان المقعد الوثير يئن أسفل مؤخرته العظيمة وجسده الفحل السمين والذي يترجرج مع حديثه اللاهث، بينما كان وجهه الأبيض المشرب بحمرة وردية ينطق بنعمة المال السائب من حوله في مقر عمله السيادي.

وقفنا, نحن من كنا على وشك الهلاك فى مأموريتنا المقدسة للوطن المفدى, أمامه, دون أن يتعطف علينا بأن نجلس ونحن آتون من سفر بعيد، قال بصلف وعنجهية: ماذا تريدون؟! قال أحدنا: حقوقنا يامعالى الباشا السفير، خطب فينا زاعقا وأعطانا درسا رديئا في أصول الوطنية, وزاد بأن أمنا العظيمة بقرة جف ضرعها الآن وما من حليب, ثم انتحى جانبا ليتجشأ بصوت هز أركان جناحه الفخم الوسيع.

٥- حريق

تلك التي أحرقتني وتركتني رمادا ذرّته الريح فسكن شقوق الكون، كيف ألملم ذرات رمادي المبعثر ؟!

٦- جريمة

ولد صغير رهيف حالم رأى الناس يصطادون العصافير بنبالهم القوية، صنع نبلة قوية بيديه الناعمتين واعتلى قبة السماء، طارد سرب عصافير بنبلته وتخير واحدة مزركشة بهية، سلط نبلته صوبها فسقطت دامية بين ذراعيه، انخلع قلبه من قفصه وطار فى الهواء وتركه فارغ الصدر، جلس حزينا بلا قلب يضمد جرح ضحيته،،،

٧- استجواب

تحسست أذني معالم وجهه، بدا بصوته الأجش صارما، صلد الملامح: وجه مستطيل، أنف ضخم، وجنتان حادتان، أذنان كبيرتان، عينان جاحظتان حمراوان تكادان تفران من محجريهما مع نبرات صوته, يعلوهما حاجبان كثيفان منسقان على حالهما الكثيف، شارب رمادي كث، رأس كبير بشعر رمادي مصفف بعناية.

بعد أن أرغى وأزبد قال فجأة: أنت من الخونة! طار قلبي والتصق بسقف الغرفة السوداء فيما انعقد لساني واضطرم صدري وتلاحقت أنفاسي والتزمت الصمت.

٨- خيانة

تأبط ظله وتعاهدا على المضي قدما كتفا بكتف وساقا بساق وحلما بحلم، باغته ظله وسار منتشيا للأمام بينما توقف هو يعيد تفكيك وتركيب ماحدث ويتأمل الخيانة طويلا،،،!

٩- اتفاق

اصطدم جنونه بجنون الواقع،، جلسا معا يتباحثان على مقهى ليس أقل جنونا، توافقا واتفقا على السعي لفض الاشتباك ومحاولة عقلنة كل منهما الآخر!

١٠- انشطار

انشطرت ذاكرته، وقف معابثا ذلك الولد الشقي يدفعه بإلحاح لاصطحابه، بينما وقف الولد الشقي حائرا بين طفل يلهو بعصافير ملونة وكهل يلهو بسيوف خشبية!

١١- صياد

على ضوء أنوار الشاطىء الكابية رأيته يمشي على صفحة البحر السوداء الذي تراجعت مياهه للخلف كثيرا أول المساء, يسير بشباكه جيئة وذهابا،،، المدهش أنني لم أندهش، فقد اعتدت رؤية القطط تلهو على قاع البحر المتراجع للخلف كل مساء،، ابتعد كثيرا عن الشاطيء بشباكه قفزا على قاع البحر حتى غاب عن نظري فى ظلام البحر البعيد،،،ولم أندهش

!!

١٢- نداء البحر

ناداني البحر فلبيت النداء ،، ياسيدي البحر الكبير، تركت الكون خلفي وجئتك، شربت ماءك كأسا تلو كأس ولم أرتو، زدني ياسيدي فالحقراء من خلفي يريدونني أن أزدرد مياه المحيط حتى آخر قطرة!

NameE-MailNachricht