ملامح النموذج الاستراتيجى عند الشهيد قاسم سليمانى
أولا : مفهوم النموذج الاستراتيجى للمقاوم ( النموذج فوق الوطنى أو الإقليمى ) .
ثانيا : ملامح النموذج الاستراتيجى للمقاوم لدى الحاج قاسم سليمانى .
ثالثا : تأثير دور المقاوم الاستراتيجى فى عملية الفرز التاريخى فى العالمين العربى والإسلامى:
• على مستوى الحكومات والأنظمة .
* على مستوى الحركات والمنظمات السياسية والحزبية .
• على مستوى النخب السياسية والفكرية .
• على مستوى الشعوب وسلوكها .
..........................
تواجهنا فى عالم المقاومة وحركات التحرر الوطنى فى العالم نموذجان :
الأول : هو نموذج المناضل أو المجاهد الوطنى أو المحلى National .
• من أمثال ( المهدى بن بركة فى المغرب – هوارى بومدين فى الجزائر – نيكولاس مادورو فى فنزويلا – أيفو موراليس فى بوليفيا – لولا دى سيلفا فى البرازيل – كوامى نكروما فى غانا – عمر المختار فى ليبيا – باتريس لومومبا فى الكونغو – جوليوس نيريرى فى تنزانيا - عماد مغنية فى لبنان - وأخرين فى أمريكا اللاتينية .. وهكذا ) .
الثانى : هو ما يمكن أن نطلق عليه المناضل أو المجاهد الاستراتيجى .
التى نستطيع أن نقول أنها تتجسد فى شخصيات من قبيل (تشى جيفارا – جمال عبد الناصر – هوجو شافيز – السيد حسن نصر الله – الحاج قاسم سليمانى – فيدل كاسترو – الأمام الخومينى – السيد على خامينئى – نيلسون مانديلا ) .
فما هو المقصود بالمناضل او المجاهد الاستراتيجى ؟
أولا : مفهوم النموذج الإستراتيجى للمقاوم
بقدر ما يحفل العالم وشعوبه بنماذج للمقاومة والنضال من أجل التحرر من الإستعمار وعملائه ، بقدر ما يتميز النموذج الإستراتيجى للمقاوم بأربعة خصائص وسمات هى :
• إمتلاكه منظومة فكرية وعقائدية تحكم سلوكه وتوجه تصرفاته .
• إمتلاكه لرؤية شاملة وواضحة لطبيعة الصراع ضد قوى الاستعمار والعدوان والشر .
* رؤيته تشتمل ليس فقط على أدوات وطبيعة الصراع مع العدو التاريخى ، وأنما وهذا هو الأهم إمتلاكه لرؤية من أجل إعادة بناء العالم أو الإقليم الذى ينتمى إليه .
•تمتزج رؤيته الفكرية والعقائدية بتجربة نضالية وجهادية ميدانية والمباشرة ، بمعنى أخر فنحن لسنا أمام منظر ثورى مكتبى وأنما مناضل ميدانى ذو بصيرة ورؤية إستراتيجية .
أى أن لدينا نموذجان أو مستويان للكفاح والنضال التحررى هما :
الأول : قادة التحرر الوطنى المحليين بالمعنى التكتيكى للكلمة من حيث المكان والزمان ، ويشمل كما أشرنا معظم قادة التحرر الوطنى الذين شهدتهم مرحلتى الخمسينات والستينات للتحرر من إستعمار الغرب لبلدانهم .
الثانى : قادة التحرر الاستراتيجى من حيث تجاوز المكان الجيو- سياسى وإمتداد أفق الزمان .
بتطبيق هذه السمات والخصائص والمعايير الأربعة – فوق القومية أو الوطنية بالمعنى المحلى أو الشوفينى –على الحاج قاسم سليمانى نجد التالى :
ثانيا : السمات المميزة لنموذج الحاج قاسم سليمانى
بالإضافة إلى السمات والخصائص الأربعة التى أشرنا إليها من قبل حول القائد الاستراتيجى ، فأن مسيرة الحاج قاسم سليمانى تميزت بالتالى :
• أنه قد انتقل من مجرد كونه جنرالا لامعا فى المؤسسة العسكرية الرسمية الإيرانية ( بقيادته لفيلق القدس ) إلى قائد فى أكثر من مسرح عمليات ( حرج وخطر ) خارج إيران ، سواء فى لبنان ، أو سوريا ، أو العراق ، أو اليمن ، وأمتد إلى مساندة فنزويلا ، وربما مسارح عمليات أخرى لم نعرفها بعد ، تماما كما كان تشى جيفارا .
• أن مسارح العمليات هذه كانت على وشك إنهيار دولها وحكوماتها ، وتفكك كياناتها الجيو – سياسية ، فكانت مساهمته إنقاذية وفعالة وناجحة دون إدعاء أو مظهرية .
• أن العدو فى هذه المسارح كلها كان تقريبا واحدا هو : الإمبريالية الأمريكية ، والإمبرايالية البريطانية والفرنسية وتحالفاتها الآوربية والرجعيات العربية وأدواتها التكفيرية ، وكذلك الرجعيات فى أمريكا اللاتينية ، وبالقطع بمشاركة إسرائيل المباشرة وغير المباشرة .
• جمع الفريق ( الحاج ) قاسم سليمانى بين وضوح وإمتلاك الرؤية السياسية والاستراتيجية والقيادة الميدانية ، وألهم بناء قواعد مستقرة وتشكيلات مسلحة للمقاومة والثورة فى أكثرمن بلد وأكثر من مسرح عمليات .
ثالثا : تأثير نضال السيد حسن نصر الله والحاج قاسم سليمانى فى عملية الفرز التاريخى الراهن بالمنطقة العربية
بفعل النجاحات التى تحققت فى أكثر من ساحة ، وهزيمة إسرائيل مرتين فى المسرح اللبنانى ، والأمريكى فى العراق ، والرجعيات العربية المدعومة فى سوريا ، تحركت كل شياطين الأرض لمواجهة هذا التغير الاستراتيجى الهائل فى المنطقة ، وشهدت المنطقة العربية والإسلامية زلازل سياسية ، وبراكين اجتماعية وثقافية ، وسيولة خطرة ، فشهدت المنطقة تحركات غير مسبوقة ، أدت إلى فرز تاريخى علنى غير مسبوق ، من حيث :
1-على مستوى الحكومات والأنظمة الرجعية ، بالتحالف المكشوف مع العدو التاريخى للأمة وهى إسرائيل ، فيما سمى موجة الإستسلام ( التطبيع ) شبه الجماعى ، صحيح أنها بدأت مبكرة بأنور السادات فى مصر عام 1977 ، ثم منظمة التحرير الفلسطينية فى أوسلو عام 1993 فكشفت ظهر القضية الفلسطينية وكانت مدخلا خطرا لما بعدها ، ثم ملك الأردن فى وادى عربه عام 1994 ، لكنها توقفت لفترة ، وظلت العلاقات سرية حتى بدأت الموجه الجديدة بالبحرين والإمارات ، والسودان والمغرب ، ومتوقع سلطنة عمان ومملكة آل سعود
2-على مستوى الحركات والمنظمات السياسية ، وأخطر ما كشفته وعرته هى منظمة الأخوان المسلمين فى مصر ، وفى المغرب ، وفى تونس ، فى اليمن ، وفى ليبيا – وفى البحرين ، فأسقطت أى أوهام حول ما يسمى التيار الإسلامى ( الأخوانى - والسلفى ) ، وبأستثناء رافد الأخوان المكتوى فى النار فى فلسطين - والذى أتمنى أن يتحرر من هذه العباءة ليسترد حقيقته كحركة تحرر وطنى فلسطينى وفقط - فأن السقوط كان مروعا وصادما .
3-بالقدر نفسه فقد سقطت رموز بعض النخب والمنظمات والأحزاب الليبرالية واليسارية فى وحل أما القبول بالصمت ، أو القبول بالعطايا من الأنظمة الخليجية والأنظمة ذات العلاقة المباشرة مع إسرائيل ( مصر – الأردن – السلطة الفلسطينية – البحرين – الإمارات- السعودية ) .
4- أما النخب الثقافية والإعلامية ، فبرغم محاولات الإختراق المتعدد المستويات الذى بدأ منذ زيارة السادات المشئومة للقدس المحتلة فى نوفمبر عام 1977 ، وتوقيعه إتفاقية ( السلام ) مع الكيان الإسرائيلى عام 1979 ، وما صاحب بعدها إتفاقيات ( أوسلو ) عام 1993 ، وأتفاقية وادى عربة مع الإردن عام 1994 ، فأن النخب الفكرية والثقافية والإعلامية المصرية والعربية ظلت متماسكة فى معاداتها لهذا الكيان ، ودعمها المطلق للقضية الفلسطينية .
5-ولعل أخطر المنحنيات والإنحرافات التى كان لها تأثير خطير وضار على تماسك بعض النخب العربية والإسلامية فى معاداتها لإسرائيل ، كان خط التعاون والتنسيق الأمنى والسياسى بين السلطة الفلسطينية – تحت قيادة محمود عباس – والكيان الإسرائيلى والدعوة الخطيرة والخبيثة التى رفعتها هذه السلطة الفلسطينية لتشجيع بعض النخب على التطبيع والإستسلام للوجود الصهيونى تحت شعار (إن زيارة السجين لا تعنى التطبيع مع السجان ) ، فكان بمثابة الفخ الذى أوقع البعض منهم فى حبائل التعامل ، ومن بعدها التعاون مع الإحتلال الصهيونى لفلسطين .
6-كما جاء الغزو والإحتلال الأنجلو – أمريكى للعراق ، بنخب عراقية مخترق معظمها لا ترى فى التعاون مع المحتل غضاضة ، وكان ذلك بمثابة أكبر إختراق نعانى منه حتى اليوم .
7-على مستوى الشعوب العربية والإسلامية ، وبرغم الضغوط الهائلة - الأمنية والإعلامية والسياسية - التى تتعرض لها هذه الشعوب من أنظمة الحكم العميلة والمتعاونة مع الكيان الصهيونى ، بالقبول بتلك السياسات ، أو بالصمت عنها ، فما زال بركان الغضب يعتمل داخل النفوس ، وما زال ينتظر لحظة الفوران والثورة .