JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Home

د. يحيى القزاز يعتذر للنبيلين : معصوم مرزوق ورائد سلامة


لم يخطر ببالى ان ينحى مكتوبى هذا ما سلكه من طريق وما آل إليه. فى بدايته كان تعقيبا على تعليق قارئ على اندهاشه من عظمة سرد السفير معصوم مرزوق فى قصته القصيرة "بردية الأسرة الأخيرة". ومضيت فى الطريق فاستوقفنى حال د. رائد سلامة بغير ترتبب.. وسرت فى طريق بلاوعى اتعرض لكليهما بدون سابق أنذار.  ولا ادرى كيف سلكت هذا المسلك بلا استئذان منهما، كغريق ضل الطريق فراح يضرب فى كل اتجاه بلا حساب. وما جاء قد يعتبره الاثنان والبعض إساءة منى لهما، وانتهاك لخصوصيتهما يستحق الرجم، ولا اعتراض عندى وقد استحق، فالرجم على الذنب افضل من الرجم بغير ذنب، وكما يقولون ليس على المريض حرج، فهل يكون على المحب حرج، وإن تجاوز وهو فى اليم يصارع موج الغرق؟!

سعادة السفير معصوم مرزوق له مجموعات قصصية منشورة،  وهو عضو اتحاد كتاب مصر، يتجلى فى عمق اعماله مجسم ثلاثى الأبعاد؛ الأديب فى التقاط الفكرة والدبلوماسى فى التعامل السردى والمقاتل فى دقة وتصويب رصاص الكلمات نحو الهدف.  هذا رجل نادر استغرقه الهم الوطنى فترك كلية الهندسة إثر هزيمة يونيه 1967 والتحق بالكلية الحربية، وتخرج ضابطا فى الصاعقة، شارك فى حرب اكتوبر العظيمة 1973 وساهم فى تحقيق نصر عظيم على اسرائيل.

 بعد انتهاء الحرب التحق بالخارجية وعمل دبلوماسيا فى معية الأدب، ناضل بالقلم فى موقعه ولم يتخل عن ثوابته الوطنية والقومية وحلم تحرير فلسطين والتئام "القارة العربية". بعد تقاعده عن العمل وبلوغه سن الستين، اشتدت الظروف ضراوة فابتعد عن هوايته فى ممارسة الأدب، وانخرط فى العمل العام دفاعا عن ثورة شعب (يناير 2011)، وعانى ماعانى فترك الأدب. ثم عاد للادب  وهو شيخ صامد شامخ على عتبة السبعين عاما، وبدلا من ان يكرم على مجمل تاربخه يهان ويسجن، ويمنع من التصرف فى أمواله التى جمعها من خدمته فى العمل الدبلوماسى،  بتهمة ظالمة هى الانتماء لجماعة ارهابية. وهو الذى قرر عن رضا واختيار طوعى ان تودع أموال نهاية خدمته فى البنوك المصرية، ولم يفعل كغيره ويضعها فى بنوك اجنبية.

يرى ان بنوك مصر اولى واقتصاد بلده احق بالعملة الصعبة. طالب زملائه بأن يفعلوا مثله، لكنهم كانوا اكثر خبرة منه باستشراف المستقبل. لم يفعلوا مثله، ونجوا باموالهم التى هى مصرية فى بنوك غربية، يعيشون على عوائدها بآمان، ولايمنعهم من التصرف فيها أحد وإن أخطاوا. 


أعتذر مقدما لسعادة السفير معصوم ان بحت بما لايجب ولا يحب مستغلا علاقة الصداقة فى فضفضفة شخصية بيننا، وصرحت بغير إذن منه، فعذرى أنه شخصية عامة خدم الوطن فصار ملكا للجميع. كما أننى لم أعد اطيق الصمت على ما أرى. لم يشكو، ويعيش عيشة الكفاف ويبتسم. لايؤلمه الحظر على التصرف فى امواله، أضناه التعب وهو يطالب بااسترداد امواله وحقه فى التصرف فيها، وهى ممنوعة بقرار  قضائى، كما يؤلمه تضيق مساحة حرية الكلمة، ويطالب باتساع حرية الرأى. قال فى احد الحوارات انه -وللاسف- يعيش حاليا على مساعدة اشقائه بعد المنع، يمررها بابتسامة لاتخلو من مرارة دفينة.

 شعرت بجمرها فى قلبى. تحملتها كثيرا والآن لم يعد لدى صبر لتحملها ونيرانها تتمدد تهلك عظمى. وعندما علم بقرار منع التصرف فى امواله، اقتصد فى مصاريف السجن من "الكانتين" لدرجة لاتليق بمسجون جنائى وليس سفيرا. ومعاناته التى لم تبرحه هى مصاريف ابنته "ميسرة" التى فقدت اثناء القبض عليه، ولم يستطع تعويضها بسبب منعه من التصرف فى امواله. ومازالت المعاناة مستمرة.

وبالمثل ذاك النبيل د. رائد سلامة الرجل الوطنى واستاذ الاقتصاد المعروف، فبعد القبض عليه واتهامه بنفس تهمة "الانتماء لجماعة ارهابية" تم منعه بقرار قضائى من التصرف فى امواله.  وبعد خروجه من السجن فقد عمله والمتعاملين معه. وللدكتور رائد قصة طريفة؛ قبل القبض عليه مع السفير معصوم مرزوق وآخرين بتهمة الانتماء لجماعة ارهابية، قضوا فيها تسعة اشهر فى زنازين ليمان طرة حبسا انفراديا.

 قبل القبض عليه باع سيارته "بثمن معتبر" (على حد قوله)، ولأنه اقتصادى اشتراكى النزعة، طلب من المشترى توثيق ثمن السيارة مقابل البيع قبل ان يودعه فى حسابه البنكى. يضحك بمرارة: "وضعتهم  فى جيب غيرى فلم اجدهم عند.حاجتى". صار كل مايملكه فى البنك بغير ولاية له عليه. باتت حياته بائسة فى كبرياء وصمت. ويعيش عيشة أسوا من عيشة السفير معصوم، ولقصته تفاصيل اخرى سيئة لن اتحدث عنها حتى لا يظن اننى اشهر به. فالاحرار لا يتاجرون بمعاناتهم، ولا يتسولون حقوقهم، يكتمون غيظهم وهم ينزفون.. ويبتسمون. وحال الرجلين "لا يرضى عدو عاقل ولا حبيب". والمفارقة انهما قاصان بالرغم من مهنتيهما.


ليس هما الوحيدان الممنوعان من التصرف فى اموالهما فهم كثر، منهم على سبيل المثال لا الحصر: د.ممدوح حمزة ود.حسن نافعة. فهل عقاب الرأى هو السجن والتجويع والإذلال لحد الإنكسار والخنوع؟!  إن السجون وأوطان المنكسرين العبيد لاتنتج سلطة حرة ولا دولة مستقلة، ولا مؤسسات شامخة تتبوأ مكانتها بين مثيلاتها فى العالم. فكل مافى مجتمع المنكسرين العبيد عبيد وان ارتقوا فوق بعضهم البعض بقوة السيف وسطوة المال.

غريب ان يتقيأ البعض اموالا زائدة فى المستنقعات أنت معدهم بحملها، بينما يتضور الأحرار واسرهم جوعا، وهم يبتسمون حبا فى الله وفى الوطن وفى الناس البسيطة التى تعانى مثل مايعانون. يهونون على انفسهم بأنهم مثل المعدمين من غالبية الشعب. وينتظرون غد تحمل بشراه عدالة القضاء بالاسراع فى الحكم ورد الحقوق لأصحابها. تذكروا ان للمنوعين من التصرف فى اموالهم أسرا تعيش على تلك الاموال. والمنع بغير عدل او ببطء العدالة هو قتل مع سبق الإصرار والترصد. العدالة البطيئة ظلم. فعودة الحق فى غير وقته وحاجته لاقيمة له، ويتساوى مع الظلم.

إلى متى تضيق ياوطنى بمن أحبوك وتتسع لمن نهبوك وفرطوا فيك؟! 

#المقاومةهىالحل

NameEmailMessage