JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Startseite

مجدي الحداد يكتب : ذكريات فوازير نيللي


تقريبا في عام 1977- وهو العام الذي أعلن فيه السادات انه مستعد أن يذهب لأي مكان في العالم حتى ولو الكنسيت ذاته من أجل السلام الدائم في الشرق الأوسط ، وذلك في مجلس الشعب ، وفي حضور ياسر عرفات -
ملاحظات سريعة على مسرحية السادات في مجلس الشعب ؛

- تم دعوة عرفات لمجلس الشعب بدون علمه غالبا بنية السادات بشأن مبادرته للسلام ، بدليل أنه عندما تم تسليط الكاميرا عليه بعد إعلان السادات مبادرته للسلام واستعداده للذهاب للكنسيت الاسرائيلي ، بدا مستاء جدا ، وهم بمغادرة المجلس والوجوم والغضب قد اكتسى وجهه ، لولا كومبارس مسرحية السادات الذين أقنعوه بالصبر والجلوس حتى النهاية - فلعلها مبادرة أخرى من مبادرات السادات للخداع الاستراتيجي الذي كان يمارسها بشغف مع العدو الs ه ي وني..!

- يبدو أن الخداع الإستراتيجي لم يكن يمارسه السادات مع دولة الكيان فقط - وغالبا لم يمارسه قط معهم - ولكنه كان يمارسه أيضا مع الشعب المصري الشقيق ، وذلك بخلق الانطباع لدى جموع الشعب المصري ، أن كلام السادات كله مرتجل ، وقد قيل على عواهنه - وربما هذا ما حاولوا أن يقنعوا به عرفات حتى عاد إلى مقعده بمجلس الشعب .

بيد أن الأمر كله كان مخططا في حقيقة الأمر ، ومعدا مسبقا وبكل تفاصيله . وغالبا في أعقاب ثغرة الدفرسوار في مسرحية حرب أكتوبر ، و حيث انتهت عمليا بفض الاشتباك الأول ففض الاشتباك الثاني عند الكيلو 101 . وتلك في حقيقة الأمر كانت الميلاد الغير شرعي للطور الثاني من أطوار دولة يوليو ..!

و في نهاية هذا العام تقريبا أعلن التليفزيون المصري من خلال مذيعته الراحلة فريال صالح عن مسابقة لفكرة جديدة لفوازير رمضان القادم في العام 1978، والتي احتكرت أداءها فترة من الوقت نيللي .


وكنت أتابع في الحقيقة بعض حلقات تلك الفوازير ، والتي كانت كلها  تركز فقط على استعراضات رقص ، أو رقصات استعراضية ، ويحشروا حشرا خلال هذا الرقص سؤال ما على انه فزورة  ، مطلوب الإجابة عليها كشئ حتى أقل من الثانوي - لكن الموضوع كله كان فقط رقصات استعراضية ، وعلى نحو ما أسلفت ، تبهر المشاهدين - أو تخدرهم وتنسيهم خيانات النظام ، أو على الأقل تبعدهم تماما عن مجرد التفكير فيما كان يجري وراء الأكمة - و بدون أي إفادة أو إضافة ما تذكر لصالحهم .

فكتبت لهم عن فكرة جديدة للفوازير . وقلت لهم  بما أن نيللي هي التي سوف تقدمها فيمكن أن تمثل وتؤدي دور شخصية نسائية في التاريخ ، ويطلب من المشاهد معرفة من هي تلك الشخصية ، وهكذا دواليك حتى نهاية الشهر ، بحيث يلم المشاهد في نهاية الأمر ، أو نهاية الشهر الفضيل ، بمعرفة ثلاثون شخصية نسائية كان لهن دور مهم في التاريخ . وهذا في حد ذاته يمكن أن يستفز ملكة البحث والفضول للمعرفة ، بدلا من التركيز على ما ترتديه نيلي وبقية الراقصين والراقصات ، من فساتين وأزياء مبهرة ، وما يؤدونه من رقصات أو استعراضات ، ثم يخرج المشاهدون بعدئذ بعقول خاوية إن لحقوا صلاة العشاء أو حتى التراويح ، وإن فكوا ارتباتطهم بمشاهدة الفوازير والمسلسلات بالتلفاز فقط لسويعات - وحيث لم يمكن النت و لا حتى " الفيديوكاسيت" قد ظهر بعد في هذا الوقت .


وكنت قد ضربت لهم بعض الأمثلة للشخصيات التاريخية من العنصر النسائي ، والتي يمكن أن تؤديها نيلي ، مثل نفرتيتي ، و حتشبسوت ، و شجرة الدر ، أو عالمات كمدام كوري ، وغير ذلك .

ومرت شهور ونسيت الفكرة والموضوع كله ، وإلى أن جاء رمضان ، ووجدت نيلي ، تؤدي بالضبط ما ذكرته وأرسلته لهم بشأن فكرة الفوازير ، وفرحت كثيرا في بداية الأمر إلى أن صوعقت عندما قرأت على التتر أن فكرة الفوازير نسبت لمصطفى حسين رسام الكريكاتير الراحل بأخبار اليوم  ..!

وصدمتي الأكبر كانت في حقيقة الأمر هي نظرتي التي كنت أنظر بها إلى العالم بمثالية مبالغ فيها جدا في هذا العمر ، و حيث كنت في حوالي التاسعة عشر ، و سواء تعلق الأمر  ببعض الكتاب والصحافيين أو الشخصيات السياسية ، أوحتى الأحزاب المعارضة أو التي أتضح إنها كانت تمثل دور المعارضة - للإيقاع ربما بالمعارضين الحقيقين والوطنيين ..!

ولأني كنت حديث عهد بالتعامل مع هذا العالم ، فلم أكن أعرف ماذا يجب أن أفعله لاستعادة حقي أو على الأقل إعتراف الغير به . ولأني كنت مثلا أقرأ لمصطفى أمين ، وكان يعجبني كثيرا أسلوبه السلس والمقتضب من خلال عموده اليومي بالأخبار بعنوان ؛ " فكرة " ، وكان يعالج أحيانا العديد من مشاكل الجمهور ، فأرسلت إليه - وباعتبار أن مصطفى حسين يعمل في جريدته ، و كان هو صاحبها مع شقيقة على أمين - أشكو له ما حدث ، و لكن لم أتلق منه أي رد ..!

وأرسلت لتماضر توفيق رئيسة التليفزيون وقتها ، ولم أتلق منها أي جواب أيضا . وأرسلت لحزب الأحرار المعارض ، ولرئيسه مطفى كامل مراد ، والذي يقال انه كان من الضباط الأحرار ، ولم أتلق منه كذلك جواب ، وأرسلت الى رئيس تحرير جريدة الاحرار ولم أتلق منه رد أيضا ..!

ولكن قد أتضح لي فيما بعد شيء غريب ، وذكرته لهم بعدئذ ، وهو انه إذا كان مصطفى حسين لا يكتب حتى الأفكار الخاصة  برسومه الكاريكاتورية الخاصة به ، وحيث كان يكتبها له الكاتب الساخر الراحل - بجريدة الأخبار أيضا - أحمد رجب ، فكيف سيكتب أفكار أخرى بعيده عن تخصصه المتعلق حتى برسومه الكاريكاتورية ..؟!

ومع ذلك فلم يرد أحد ، أو حتى يحقق في الأمر . ولقد رحل الآن كل من مصطفى حسين محملا بانتحال أفكار من كانوا في دور أبناءه ، كما رحل الأخوين أمين ، وتماضر توفيق ، وفريال صالح ، وحتى فهمي عبد الحميد مخرج الفوازير ، لكن لا تزال نيلي غالبا على قيد الحياة ..!

و لكن ما هو أكثر غرابة الآن ، أن فكرة الفوازير  ، وعند مطالعتي " للتر " الخاص بها ، قد صارت باسم أخر جديد الآن يدعى ؛ " مصطفى سليمان " . لكني متأكد  100% انها كانت باسم مصطفى حسين في البداية ، وظلت فترة كبيرة هكذا باسمه - المهم لو تلاحظ أن الأسم الأول المشترك بين الاسمين لا يزال هو مصطفى ..!

كان لابد من حدوث ذلك - وربما تكرر الأمر مع ضحايا أخرين ، وفي تخصصات وشؤون أخرى مختلفة و أكثر أهمية بكثير من الفوازير - للتعرف إذن ، وربما مبكرا نسبيا ، على طبيعة وخصائص ، و كذا العناصر الأساسية المكونة لدولة يوليو ، و الداعمة لها أي ان كان مسلكهاوتوجهاتها ، أو حتى ، و بكل أسف ، بوصلتها . 

وقد تغير ثوبها إذن عند انتقالها من مرحلة لأخرى ، ولكن من غير أن تغير جوهرها و عقيدتها الخاصة ، حتى ولو أعطت لنفسها مسمى جديدا ؛ كالجمهورية الثانية مثلا - والتي يمكن اعتبارها هنا بمثابة الطور الثالث من أطوار دولة يوليو ..!

NameE-MailNachricht